لم يعط الألمان حباً لمدرب كرة قدم على مر التاريخ مثلما أعطوا للمدير الفني الحالي لمنتخبهم يورغن كلينسمان. ولم يسبق لجمهور الكرة الألمانية الهتاف باسم أي مدرب طوال تاريخهم، ولكنهم خرجوا عن القاعدة وهتفوا لكلينسمان في مونديال 2006. كلينسمان تحول إلى بطل قومي، وانتشرت ظاهرة الحب أو الجنون بالمدير الفني بين الصغار والشباب حتى أطلق عليها"كلينسمانيا". ولم تؤثر أبداً خسارة ألمانيا في الدور نصف النهائي أمام ايطاليا صفر-2 وضياع اللقب من حب الجمهور وتعلقه بالمدرب كلينسمان، وهو ما وضح جلياً في مباراة تحديد المركز الثالث ضد البرتغال، واهتزت المدرجات بالتصفيق المدوي في لحظة ظهور كلينسمان من على باب غرفة الملابس عند نزوله إلى الملعب، وتكرر الأمر في لحظة نطق المذيع الداخلي باسمه لاستلام الميدالية البرونزية من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل. ووصل الحب إلى رغبة عارمة من الجميع ببقاء كلينسمان مديراً فنياً للمنتخب بعد المونديال، وعقده مع الاتحاد الألماني ينتهي بعد المباراة الأخيرة لكأس العالم، ودعت صحيفة بيلد الألمانية اليومية السياسية واسعة الانتشار قراءها - وعددهم 12 مليوناً يومياً- إلى التوقيع على طلب وزعته الصحيفة لبقاء كلينسمان مدرباً، ووصل الرد في بداية الحملة إلى أكثر من ثلاثة ملايين في أسرع استجابة لأي حملة في تاريخ ألمانيا على كل الأصعدة. وتزعم القيصر رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم في ألمانيا فرانز بكنباور الحملة، مؤكداً حاجة المنتخب لبقاء مدربه الناجح مع الفريق المتجدد. ويتساءل الكثيرون عن السر وراء الحب الجارف والمتجدد من الألمان لمدربهم كلينسمان، والحقيقة أن الأمر مرتبط بالعمل الجاد والروح العالية التي ظهر بها المدرب في المونديال، وهو لم يقدم الوجوه التقليدية التي اعتاد الجميع مشاهدتها في المنتخب، وكان شجاعاً في استبدال الحارس اوليفر كان بالحارس ينزليمان على رغم النقد الجارح الذي تعرض له، وحسم الموضوع قبل المونديال بشهرين، ليتفادى وجود أي ذيول أو خلافات في فترة البطولة، وضم كذلك إلى المنتخب عدداً من اللاعبين الشباب الذين لم يهتم بهم أي مدرب قبله، وعلى رأسهم لوكاس بودولسكي الفائز بلقب أحسن لاعب شاب في البطولة، ونجم الوسط شفاين شتايفر الذي تألق في مباراة المركز الثالث، واختار كلينسمان 10 لاعبين إلى قائمة ألمانيا في المونديال من دون أن يكون لأي منهم أية خبرة أو مباراة دولية واحدة قبل توليه المهمة. وظهرت حماسة كلينسمان العالية مع فريقه خلال المباريات من قفزات الفرح بعد كل هدف، ومن اندفاعه وغضبه وثورته، وكأنه لا يزال لاعباً في صفوف منتخب ألمانيا. قرار كلينسمان بالبقاء أو الرحيل يحتاج إلى بعض الوقت، ومهما كان القرار سيبقى كلينسمان دائماً في قلوب الألمان.