عندما استلم يواكيم لوف مهمة تدريب المنتخب الألماني خلفاً ليورغن كلينسمان في الثاني عشر من يوليو 2006، لم تكن أهداف المدرب الشاب معقدة، فحصرها في الفوز ببطولة أوروبا 2008 لأن المنتخب الألماني كان قد ظفر بالميدالية البرونزية على أرضه في المونديال حيث كان لوف مساعداً لكلينسمان وعاد ليكون قوة ضاربة على الساحة العالمية. ولم يخلّ لوف بوعده أقلّه حتى الآن إذ قطع الخطوة الأولى وقاد ال"ناسيونال مانشافت" إلى الأدوار النهائية التي ستقام في النمسا وسويسرا محققا 8 انتصارات و3 تعادلات وخسارة واحدة أمام جمهورية تشيكيا ضمن مجموعته في التصفيات التمهيدية. طريق لوف إلى المنتخب الألماني لم يكن طريق اللاعب والمدرب الناجح المرصع بالألقاب، فهو لم يحترف كلاعب مع أندية الصف الأول في ألمانيا إذ تنقل بين فرايبورغ واينتراخت فرانكفورت وكارلسروه قبل أن ينهي مسيرته في سويسرا مع شافهاوزن وفنترثور، لكن نجمه كمدرب بزغ مع شتوتغارت (1996-1998)، مستفيداً من رحيل المدرب رولف فرينغر لتدريب منتخب سويسرا، فقاده للقب الكأس (1997) ونهائي كأس الكؤوس الأوروبية حيث خسر أمام تشيلسي الإنجليزي في باريس (1998) وكان في تشكيلته آنذاك الثلاثي الرهيب المكون من لاعب الوسط البلغاري كراسيمير بالاكوف والمهاجمين البرازيلي جيوفاني البير وفريدي بوبيتش. الصعود الصاروخي للمدرب الشاب لحقه هبوط أسرع إذ أقيل من فنربخشة التركي (1999) وعجز عن إنقاذ كارلسروه من الهبوط إلى الدرجة الثالثة (2000) كما أنه أقيل بعد ثلاثة أشهر من أضنه سبور التركي. وارتفعت معنويات لوف المتأثرة من الإقالات بعدما أحرز لقب الدوري النمساوي مع تيرول انسبروك (2002) لكن الرحلة انتهت مجدداً إثر إفلاس النادي، عام جديد أمضاه لوف بدون عمل عاد بعده لنادي أوستريا فيينا في العاصمة النمساوية الذي أقاله بعد ثمانية أشهر رغم تصدره ترتيب الدوري. وفي ظل هذه المعمعة لم يتردد لوف بقبول طلب كلينسمان الباحث عن تكتيكي يطبق فلسفته الهجومية على أرض الملعب إثر الخروج المهين لألمانيا من الدور الأول لبطولة أوروبا 2004، فالتقى "كلينسي" و"يوغي" مجدداً بعد أن نالا سوية دبلوم التدريب وكانا زميلين على مقاعد الدراسة. نجح كلينسمان بمساعدة لوف في إيصال ألمانيا إلى نصف نهائي المونديال الأخير غير أنه سقط في فخ إيطاليا التي أحرزت اللقب لاحقاً على حساب فرنسا، فوصفت مسيرة ال"مانشافت" بالناجحة، غير أن كلينسمان رفض تمديد عقده وفضل الاستمتاع بشمس كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة الأميركية، ناصحا الاتحاد الألماني بتسمية لوف خلفاً له وهذا ما حدث. ورغم أنه أحد ثلاثة مدربين لم يلبسوا قط قميص المنتخب الألماني (بعد اوتو نيرتز وأريك ريبيك) كانت بدايته إيجابية في مباراة ودية أمام السويد (3-0) وكرّت السبحة في التصفيات حتى أضحى صاحب شعبية جارفة دفعت رئيس الاتحاد ثيو تسفانتسيغر أن يعلن رغبته بتمديد عقد لوف إلى ما بعد مونديال 2010 "حتى ولو خرجنا من الدور الأول"!. لقد فتح لوف (48 سنة) صفحة جديدة في كتب التدريب الألمانية، فأدار ظهره لطريقة اللعب "المحافظة" وفرض فلسفته التدريبية وحبّه للحياة، و"سيبقى لفترة طويلة على رأس المنتخب" على حد قول أوليفر بيرهوف هداف المنتخب السابق ومديره الحالي، ويذهب اللاعبون في السياق ذاته إذ يعتبر المهاجم لوكاس بودولسكي أن لوف "يترك مواهبنا تتفجر، ويعتمد على الشباب، لذا أتمنى أن يبقى طويلاً على رأس المنتخب". لوف خرج عن مسار المدرب الألماني "الصارم"، فهو جاذب للناس لأناقته المميزة، ومحبوب من الصحافيين لبساطته وتواضعه لكنه خصم شرس لشرطة السير لقيادته بسرعة فائقة إذ دفعه حبه للقيادة بسرعة أن يخسر رخصته مرتين، فهل سيقود المنتخب الألماني بتهوّر هذا الصيف أم بهدوء واتزان ليستعيد اللقب الذي أحرزته ألمانيا عام 1996 لآخر مرة؟