يواكيم لوف هو الرجل القوي على رأس المنتخب الالماني لكرة القدم رغم هالة الصقور التي تحيط بال"ناسيونال مانشافت" أمثال القيصر فرانتز بكنباور صاحب الرأي المسموع في ألمانيا، مدير المنتخب وهدافه السابق أوليفر بيرهوف بالاضافة للاتحاد المحلي القوي، ويتميز المدرب الشاب بهدوء ومعرفة تقنية هائلة وقدرة عالية في التعامل مع نجومه، الجماهير ورجال الإعلام. حافظ لوف على هيبته رغم ابعاده هداف شالكه كيفن كوراني عن نهائيات كاس العالم 2010 بعد نشوب خلاف بينهما اثر اخراجه للاعب المولود في البرازيل في منتصف مباراة روسيا في التصفيات المؤهلة. لكن ما يشفع في لوف، ان خط هجوم بطل العالم لثلاث مرات يزخر بنجوم مميزين أمثال هداف النسخة الماضية ميروسلاف كلوزه، لوكاس بودولسكي، ماريو غوميز والهداف الصاعد شتيفان كيسلينغ، بالاضافة للاعبين آخرين يملكون نفسا هجوميا مثل كاكاو، طوني كروس والشاب توماس مولر. عمل لوف طويلا في ظل يورغن كلينسمان الذي قاد ألمانيا الى المركز الثالث في مونديال 2006 على أرضها، ثم خلفه يوم 21 تموز/يوليو 2006 عند انتهاء العرس العالمي، وضرب بقوة في أولى مشاركاته الكبرى عندما قاد الاسطول الألماني الى وصافة كأس اوروبا 2008 في النمسا وسويسرا حيث خسر أمام أسبانيا في النهائي صفر-1. طريق لوف التدريبية الى المنتخب الالماني لم تكن طريق اللاعب والمدرب الناجح المرصع بالالقاب، فهو لم يحترف كلاعب مع اندية الصف الاول في المانيا اذ تنقل بين فرايبورغ واينتراخت فرانكفورت وكارلسروه قبل ان ينهي مسيرته في سويسرا مع شافهاوزن وفنترثور، ووصل لاعب الوسط المهاجم الى منتخب ألمانيا ما دون 21 عاما لكنه لم يبلغ يوما المنتخب الأول. لكن نجمه كمدرب بزغ مع شتوتغارت (1996-1998)، مستفيدا من رحيل المدرب رولف فرينغر لتدريب منتخب سويسرا، فقاده للقب الكأس (1997) ونهائي كأس الكؤوس الاوروبية حيث خسر امام تشلسي الانكليزي صفر-1 في باريس (1998) وكان في تشكيلته انذاك الثلاثي الرهيب المكون من لاعب الوسط البلغاري كراسيمير بالاكوف والمهاجمين البرازيلي جيوفاني البير وفريدي بوبيتش. الصعود الصاروخي للمدرب الشاب لحقه هبوط أسرع اذ أقيل من فنربخشة التركي (1999) وعجز عن انقاذ كارلسروه من الهبوط الى الدرجة الثالثة (2000) كما انه أقيل بعد ثلاثة اشهر من اضنه سبور التركي. ارتفعت معنويات لوف المتأثرة من الاقالات بعدما احرز لقب الدوري النمسوي مع تيرول انسبروك (2002) لكن الرحلة انتهت مجددا اثر افلاس النادي. عام جديد امضاه لوف بدون عمل عاد بعده لنادي اوستريا فيينا في العاصمة النمسوية الذي اقاله بعد ثمانية أشهر رغم تصدره ترتيب الدوري. وفي ظل هذه المعمعة لم يتردد لوف بقبول طلب كلينسمان الباحث عن تكتيكي يطبق فلسفته الهجومية على ارض الملعب اثر الخروج المهين لالمانيا من الدور الاول لبطولة اوروبا 2004، فالتقى "كلينسي" و"يوغي" مجددا بعد ان نالا سويا دبلوم التدريب وكانا زميلين على مقاعد الدراسة. نجح كلينسمان بمساعدة لوف في ايصال المانيا الى نصف نهائي المونديال الاخير غير انه سقط في فخ ايطاليا التي احرزت اللقب لاحقا على حساب فرنسا، فوصفت مسيرة ال"مانشافت" بالناجحة، غير ان كلينسمان رفض تمديد عقده وفضل الاستمتاع بشمس كاليفورنيا في الولاياتالمتحدةالامريكية، ناصحا الاتحاد الالماني بتسمية لوف خلفا له وهذا ما حدث. لقد فتح لوف (50 عاما) أحد ثلاثة مدربين لم يلبسوا قط قميص المنتخب الالماني الأول (بعد اوتو نيرتز واريك ريبيك) صفحة جديدة في كتب التدريب الالمانية، فأدار ظهره لطريقة اللعب "المحافظة" وفرض فلسفته التدريبية وحبه للحياة، و"سيبقى لفترة طويلة على رأس المنتخب" على حد قول اوليفر بيرهوف هداف المنتخب السابق ومديره الحالي. ويذهب اللاعبون في السياق ذاته اذ يعتبر المهاجم لوكاس بودولسكي ان لوف "يترك مواهبنا تتفجر، ويعتمد على الشباب، لذا اتمنى ان يبقى طويلا على رأس المنتخب". لوف خرج عن مسار المدرب الالماني "الصارم"، فهو جاذب للنساء لاناقته المميزة، ومحبوب من الصحافيين لبساطته وتواضعه لكنه خصم شرس لشرطة السير لقيادته بسرعة فائقة اذ دفعه حبه للقيادة بسرعة ان يخسر رخصته مرتين، فهل سيقود المنتخب الالماني بتهور هذا الصيف أم بهدوء واتزان ليستعيد اللقب الذي احرزته المانيا عام 1990 لآخر مرة؟.