رد زعماء"حماس"المضطرب على إنذار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس يفهم منه ان عباس قام بخطوة ذكية جداً. ولا مبالغة في القول انه منذ الانتخابات البرلمانية الاخيرة وخسارة"أبو مازن"وأنصاره، كانت الايام الاخيرة الفصل الانجح، من فصول صراع القوة بينه وبين حكومة"حماس". فهو اختار ساحة المعركة الارحب: المجال السياسي. وجلي ان"حماس"تتفوق في المجالات الاخرى، تلك المتصلة بالحكم والسلطة. فالشعب انتخب في الضفة وغزة"حماس"لأنه يئس من الفساد، ومن سطوة"فتح"على الحكم ولم ينتخب برنامج الحركة الاسلامية السياسي. وفي الشارع الفلسطيني، ساد الكلام في السنوات الاربع الاخيرة على ثلاث خصال تتمتع بها"فتح"، وتبدأ بحرف الفاء: فوضى، فساد، فتنة وفلتان. وپ"أبو مازن"تعمد الا يوجه انذاره الى"حماس"في المجال الداخلي، في الصلاحيات الأمنية، على سبيل المثل. ولكنه تعمد التوسل بپ"وثيقة الاسرى". وهذه وقع عليها، من السجن، الامين العام لپ"فتح"مروان البرغوثي، وممثلون لپ"حماس"والفصائل الفلسطينية الاخرى. فقال: في غضون عشرة ايام تنتهي الاحد المقبل إما ان توافقوا على الوثيقة والا أتولى طرحها على الاستفتاء الشعبي. ومن العسير على"حماس"ان تقبل الوثيقة. فركنها هو الرضى بدولة فلسطينية داخل حدود 1967. وهذا يناقض ميثاق الحركة، ونصه على رفض وجود اسرائيل داخل هذه الحدود. ومن وجه آخر، لا يسع"حماس"الرفض، في المطلق، وثيقة الاسرى. فمضمونها يحظى بموافقة الغالبية الساحقة من الفلسطينيين، وبموافقة حكومات الدول العربية. والموقعون عليها هم من الاسرى الذين يعتبرهم الجمهور الفلسطيني ابطالاً. ولا يقبل رفض"حماس"فكرة الاستفتاء التي اقترحها أبو مازن، فپ"حماس"سبق وقالت، قبل ايام قليلة، انها تنوي، قبل بت قرار في الموضوعات السياسية المهمة، طرح الموضوع على الاستفتاء العام. وبرزت نتيجة ردود قادة"حماس"المختلفة، على الانذار فرئيس الحكومة، اسماعيل هنية، قال انه ينبغي دراسة موضوع الاستفتاء وبحث جوانبه القانونية، وزعماء الحركة في دمشق رفضوا الوثيقة والاستفتاء، وقال عدنان عصفور، احد قادتها في الضفة أنهم يقبلون 90 في المئة من الوثيقة، في ورقة تفاهم"الحوار الوطني"بين الفصائل الفلسطينية، الاسبوع الماضي. فجاء في الورقة ان وثيقة الاسرى تصلح اساساً للوفاق الوطني. وپأبو مازن الذي طلب ان تكون الوثيقة الاساس الوحيد، تنازل قليلاً، ورضي بالصيغة. والحق ان نهاية الصراع بين الطرفين، غير معروفة. والارجح ان تقوم حكومة"حماس"ببعض التنازلات في المجال السياسي، ويقوم أبو مازن ومعهپ"فتح"، بتنازلات في المسائل الداخلية. لا يستبعد استمرار السياسة الفلسطينية على تخبطها، وعلى عنفها، على ما عودتنا. عن داني روبنشتاين، "هآرتس" الاسرائيلية . 29/5/2006