تستبعد مصادر سياسية إمكان التوافق في الانتخابات الفرعية في دائرة بعبدا - عاليه لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب ادمون نعيم، وتعتبر ان الدعوات في هذا الخصوص من باب رفع العتب في الوقت الذي يستعد"التيار الوطني الحر"بقيادة العماد ميشال عون وحزب"القوات اللبنانية"بقيادة سمير جعجع لخوض منافسة حامية. وللمعركة هذه المرة أهمية خاصة في ظل تبدل التحالفات تحديداً بين"تيار المستقبل"وپ"القوات اللبنانية"وپ"اللقاء النيابي الديموقراطي"من جهة وپ"حزب الله"وحركة"أمل"من جهة اخرى. وهم كانوا خاضوا المعركة معاً على لائحة"وحدة الجبل"في الانتخابات العامة في أيار مايو الماضي. ويتجه عون لإبرام تحالف مع"حزب الله"يضيف اليه قوة جديدة الى جانب حليفيه الدائمين النائب السابق طلال ارسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي. ويصعب التكهن بالاحجام الانتخابية في ظل الوضع السياسي المعقد في البلاد على خلفية فرط التحالف بين اللقاء الرباعي الذي كان يضم في السابق"تيار المستقبل"والثنائية الشيعية واللقاء الديموقراطي وپ"القوات"والذي نتج عن تجميد الوزراء الشيعة حضورهم جلسات مجلس الوزراء، لكن المعركة ستكون الاقسى لأنها اختبار لقدرة القوى الاساسية على تجيير الأصوات. ويبدي عون استعداده للتوافق مع"القوات"على مرشح، لكنه يشترط الأخذ في الاعتبار النتائج السابقة في الانتخابات والتأثير السلبي لانهيار الحلف الرباعي على المرشح المدعوم من"القوات". وهذا يعني التوافق وفق شروطه، وان يكون المرشح التوافقي من حصته وينضم سلفاً الى كتلته النيابية، وهو يسمي واحداً من اثنين النقيب السابق للمحامين في بيروت شكيب قرطباوي والنائب السابق بيار دكاش وكلاهما خسر في الانتخابات الاخيرة على لائحته. فالعماد عون يستقوي بموقف"حزب الله"لأن قوته الانتخابية كانت وراء فوز لائحة"وحدة الجبل"في الدائرة 11 مقعداً ما أسهم في ضمان الغالبية في البرلمان لپ"تيار المستقبل"وپ"اللقاء الديموقراطي"وپ"القوات"وحزب الكتائب والشخصيات المسيحية المستقلة لقاء قرنة شهوان. ويتصرف عون على انه أرسى تحالفاً مع الحزب لا رجوع عنه ويرى ان قوته في الشارع المسيحي لم تتبدل، وانه حصد اكثر من 70 في المئة من أصوات المسيحيين ولا مصلحة لمنافسيه في معركة ليست مضمونة لهم ومن الافضل التوافق على مرشح اقرب اليه. لكن مصادر في"التيار الوطني"تعترف باجراء استطلاع للرأي في بعبدا - عاليه أخيراً اظهر تراجعاً في مؤيدي عون بنسبة 8 في المئة، لأن الشارع المسيحي ينتظر من عون خطاباً اكثر تعبوية حيال العلاقة بسورية ورئيس الجمهورية اميل لحود وپ"حزب الله"وسلاح المقاومة لا سيما انه يفتخر بأنه من أشد المتحمسين للقرار الرقم 1559 الرامي الى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. وأضافت ان الشارع المسيحي لا يتقبل حصول معركة مسيحية - مسيحية، وهذا ما يدفع ببعض الناخبين الى التردد في الذهاب الى صناديق الاقتراع. ولا تبدي هذه المصادر انزعاجاً من تراجع شعبية عون"لأن الذين يحتجون على خطابه يرفضون تجيير اصواتهم لمصلحة المرشح المدعوم من"القوات"وبالتالي يفضلون الوقوف على الحياد، ولا تظهر قلقاً حيال تظهير خصوم"التيار الوطني"المعركة بالفرز السياسي بين خصوم سورية ومؤيديها، معتبرة ان استثارة العواطف لن تقلل من القوة الضاربة للتيار". وأكدت المصادر ان لدى رموز اساسية في"التيار"قناعة بتعزيز تمثيله في البرلمان من خلال ترشيح المرشح السابق فيه المهندس حكمت ديب. بينما يرى آخرون حصر الخيار بين دكاش وقرطباوي لأن الاعتدال يشد الناخب الشيعي لمصلحة منافس"القوات". وأكدت المصادر ان اللجان المشتركة بين عون والقوى المتحالفة معه باشرت التحضير للمعركة متوقعة اللقاء بين الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله وعون قريباً وقبل موعد الانتخابات، لأن فريق العمل المشترك المؤلف من جبران باسيل وزياد عبس عن التيار ومحمود قماطي وغالب ابو زينب عن الحزب يواصل اجتماعاته لبلورة القواسم المشتركة التي سيتوجها الاجتماع. ويشير مراقبون الى الجهد المنتظر من رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري للتفاهم على مرشح توافقي، فالمعركة وان كانت ستتيح تصفية نهائية للحسابات بين نصر الله وجنبلاط، وستكون مناسبة لانجاز معاملات الطلاق بينهما، فإن الحريري يتمتع بمكانة خاصة لدى قيادة الحزب التي يمكن ان تستجيب لرغبته، خصوصاً ان اسقاط مبدأ التوافق سيدفع بكل الاطراف الى مراجعة حساباتهم بما فيها الموقف من المقاومة. اما على صعيد"القوات"فإن جعجع الذي تمنى على عون بأن يترك المقعد الشاغر لها بدأ يستعد للمعركة متوقعاً منافسة حادة. ويراهن جعجع على دعم اساسي من جنبلاط وحزبي الوطنيين الاحرار والكتائب المتحولين من المسيحيين عن دعم التيار الوطني احتجاجاً على الارتباك في خطابه السياسي، اضافة الى تأييد"تيار المستقبل"، ولأن سعي حلفائه الى التوافق لا يعني وقوفهم على الحياد. وتراهن مصادر اخرى على تراجع الحجم الانتخابي لارسلان لمصلحة جنبلاط الذي يخوض الآن معركة وجود ضد النظام السوري وبالتالي فإن الاستنفار الدرزي الى جانبه. ناهيك بأن جعجع كما تنقل اوساطه لا يرى ان في وسع عون ان يزايد عليه مسيحياً لأن قوى غير مسيحية، في اشارة تحديداً الى جنبلاط، تحاول ان تفرض مرشحها على المسيحيين، فپ"حزب الله"سيكون الحليف الاول للتيار الوطني الذي قدم تنازلات لكسب اصواته. وتبدو المعركة بين عون وجعجع آتية وستشهد اختباراً للقوة بدعم"حزب الله"للأول وتأييد جنبلاط للثاني على رغم ان الاخير يتوقع اعلان التعبئة القصوى بين الشيعة ضده على مواقفه الاخيرة. وبالتالي لن تكون هناك قوة مضطرة للوقوف على الحياد باستثناء البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير الذي يفضل التوافق.