تعلن في مصر الاثنين 20 الجاري لائحة الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية والتقديرية في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية اضافة الى الفائزين بجوائز مبارك والتفوق في المجالات ذاتها، في اعقاب الاجتماع السنوي الذي يعقده المجلس الاعلى للثقافة برئاسة وزير الثقافة المصري فاروق حسني. وعلى رغم ان المناسبة ذاتها باتت أقرب الى العادة السنوية إلا انها لا تخلو من اثارة. وهذا العام تنوعت مصادر الإثارة وأولها قرار الرئيس حسني مبارك بمضاعفة القيمة المالية للجوائز حتى تصل إلى 200 ألف جنيه مصري للفائز بجائزة مبارك في كل فرع 30 ألف دولار أميركي، 17 ألف دولار للفائز بالجائزة التقديرية و9 آلاف للفائز بجائزة التفوق و4 آلاف للفائز بالجائزة التشيجعية. اما المصدر الثاني للإثارة فيعود الى كثرة أعداد المرشحين في معظم الجوائز وتحديداً في فروع الجائزة التي يسمح فيها للمرشح بالتقدم من دون حاجة لدعم أيّ هيئة، سواء رسمية أو أهلية وهي جوائز التفوق والجوائز التشجيعية، وهذا دليل يؤكد أمرين. الاول يأس بعض الاسماء من الحصول على ترشيح الهيئات، والثاني ازدياد ثقة المتقدمين الى الجوائز في المؤسسة المانحة على رغم حملات التشكيك التي تعقب اعلان الجوائز في صدقية جهات الترشيح وتحديداً الجامعات المصرية المتهمة عادة بممالأة"ابنائها"أو في تكوين المجلس الاعلى للثقافة واعضائه ممن لهم حق التصويت وعدد كبير منهم من قيادات وزارة الثقافة. ومعروف أن التصويت سيتم وفقاً للقانون الحالي، الذي ينص على ان من ضمن المصوّتين 22 عضواً يختارهم رئيس الوزراء، وجرى العرف على التجديد لهم كل عامين، وهم مستمرون ولا يخرجون إلا باستقالة أو وفاة، وهناك خمسة أعضاء يمثلون نقابات فنية ورئيس اتحاد الكتاب، اضافة الى ممثل عن المجلس الأعلى للجامعات ورئيس اتحاد الاذاعة والتلفزيون ووزراء التعليم العالي والسياحة والشباب والتخطيط أو مَنْ ينوب عنهم والمسؤول الثقافي في وزارة الخارجية عطفاً على وكلاء وزارة الثقافة ورؤساء هيئاتها الكبرى. الاثارة المفقودة هذا العام بدأ الحديث باكراً عن الجوائز تبعاً للازمة التي تسببت فيها اخطاء ادارية ارتكبها موظفو جامعة"جنوب الوادي"الذين أرسلوا قوائم ترشيحات الجامعة للجوائز التي يمنحها المجلس الاعلى للثقافة الى هيئة اخرى هي اكاديمية البحث العلمي التي تمنح جوائز العلوم التطبيقية. ونظراً الى وصول الترشيحات الى هذه الهيئة في موعد متأخر عن الموعد القانوني المحدد لم يتسن اصلاح الخطأ والسماح بالتصويت لمرشحي هذه الجامعة، وكان من ابرزهم الكاتب الروائي جمال الغيطاني الذي يخوض معركة شرسة ضد وزارة الثقافة المصرية بوزيرها ومعظم هيئاتها ضد ما يعتبره"الفساد الثقافي". ولهذا الخطأ الاداري فقدت جوائز هذا العام اكثر فقراتها اثارة لكنها احتفظت ببعض علامات أو طقوس السنوات السابقة إذ عادت من جديد اسماء المسؤولين من الوزراء السابقين ورؤساء الحكومات للمنافسة على الجوائز الرفيعة وتحديداً جائزة مبارك التي يتنافس عليها هذا العام في مجال العلوم الاجتماعية 15 مرشحاً منهم 7 اسماء تولت مسؤوليات وزارية كبيرة في الحكومات المصرية منذ عهد عبدالناصر وصولاً الى عهد مبارك. وقبل أيام من بدء التصويت تقدم الكاتب سمير سرحان مستشار وزير الثقافة للنشر، باعتذار عن عدم التصويت لاسمه كمرشح لجائزة مبارك في الآداب، وتقدم الكاتب فوزي فهمي باعتذاره عن عدم الترشح لجائزة الدولة التقديرية في الآداب، ومبارك في الفنون. وكانت اكاديمية الفنون التي ترأسها مدة تزيد على 10 سنوات رشحته لهما. واعتذر أيضاً عاطف عبيد عن عدم قبول ترشيحه لجائزة مبارك في العلوم الاجتماعية وأرسل رسالة شكر الى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية التي قامت بترشيحه لها. مواجهة"كفاية" لعلّ المنافسة على جائزة مبارك في العلوم الاجتماعية ستظل محصورة بين كلٍ من بطرس غالي السكرتير العام السابق للامم المتحدة ووزير مصر السابق للشؤون الخارجية والرئيس الحالي للمجلس المصري القومي لحقوق الانسان والمفكر اليساري المعروف اسماعيل صبري عبدالله وزير التخطيط في بدايات عصر السادات، وقد ظل اسمه على لائحة المرشحين طوال السنوات الثلاث الاولى لاقرار الجائزة، لكنه لم يوفق في الفوز بها. اضافة الى هذين الاسمين تقف اسماء كثيرة بينها كامل زهيري نقيب الصحافيين المصريين الاسبق والمثقف المصري البارز ومعه عالم النفس المصري مصطفى سويف وعلي لطفي رئيس وزراء مصر الاسبق. وحول جائزة مبارك للآداب تبدو المنافسة اقل حدة، لقلة عدد المرشحين وهم نحو 8 أسماء فضلاً عن خروج بعضهم فعلاً من دائرة المنافسة تبعاً للموت الذي غيّب اثنين منهم هما فاروق خورشيد رئيس اتحاد كتاب مصر السابق، والناقد الادبي زكي العشماوي، ومن ثم فالمنافسة محصورة عملياً بين الأكاديميين: الطاهر مكي، حسين نصار، كمال بشر، مصطفى الشكعة، والكاتب المسرحي ألفريد فرج، والشاعر التقليدي محمد التهامي. وفي فرع الفنون هناك 13مرشحاً معظمهم من المعماريين والتشكيليين والمنافسة محصورة بين ثلاثة اسماء هي اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية، والمعماري علي رأفت، والمخرج السينمائي يوسف شاهين الذي تردد انه يفكر في الاعتذار خصوصاً أنه لا يكف عن نقد السلطة الرسمية وينشط في تجمعات المعارضة المواجهة للنظام وابرزها حركة"كفاية". وفي جوائز الدولة التقديرية 13 مرشحاً في فرع الفنون وفرص الفوز تمتد الى الكاتب المسرحي يسري الجندي، والفنان فؤاد المهندس، والناقدة الموسيقية ومغنية الاوبرا رتيبة الحفني، والتشكيلي عبدالسلام عيد. وفي لائحة المتنافسين على الجائزة في فرع الآداب هناك 12 مرشحاً والفرص: الكاتب خيري شلبي، والمفكر عبدالوهاب المسيري، والناقد عبد المنعم تليمة. ومن الاكاديميين: محمد حسن عبدالله، رمسيس عوض، طه وادي، عبدالحميد ابراهيم. وفي مجال العلوم الاجتماعية 16 مرشحاً فرصهم جميعاً متساوية وان كانت الشهرة الاعلامية لبعضهم تعزز فرص فوزهم، ومن بين هؤلاء: علي الدين هلال وزير الشباب المصري الاسبق، والسياسي المؤثر في لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم والاستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومعه استاذ علم الجمال صلاح قنصوه، ومصطفى كامل السعيد وزير الاقتصاد المصري الاسبق، ومحمد شفيق زكي استاذ الاجتماع المنفرد مع دعم خمس جامعات له وهو دعم لم يحظ به سواه من المرشحين. أم المعارك تبدو جوائز التفوق هذا العام مشكلة المشكلات و"ام المعارك"بالنسبة للمجلس الاعلى للثقافة الذي قرر تجاهل توصيات لجان فحص الترشيحات التي استبعدت بعض المرشحين سواء ممن تقدموا بأنفسهم أو من رشحتهم هيئات علمية. ولذلك فقوائم الترشيحات التي تدخل جولات التصويت مزدحمة جداً: في فرع العلوم الاجتماعية 37 مرشحاً منهم 14 رشحتهم هيئات علمية والمتبقون تقدموا بأعمالهم. والمعايير الموضوعية تزكي للفوز مجموعة من الاسماء على رأسها محمد السيد سعيد الناشط في مجال حقوق الانسان والمفكر السياسي البارز الذي يحظى بدعم معنوي كبير من النخبة المصرية وتياراتها الرادايكالية، وقد رشحته هيئة مدنية ممثلة في جمعية"ادباء وفنانو القاهرة"الاتيليه. وفي الجائزة نفسها - فرع الفنون - 29 مرشحاً ابرزهم الموسيقار عمار الشريعي، وحسن شرارة، والفنان التشكيلي علي دسوقي، ومدير الاوبرا المصرية عبد المنعم كامل. وفي فرع الآداب هناك 17 مرشحاً معظمهم من الاكاديميين ومعهم الكاتبة صافيناز كاظم، والكاتبة المسرحية فتحية العسال، والشاعر نبيل خلف، والروائي سعيد سالم، والناقد نبيل فرج. اما جوائز الدولة التشجيعية فشهدت إقبالاً واضحاً في اعداد المتقدمين بعد السماح بالتقدم اليها لمن تجاوزوا الاربعين، وخلافاً للسنوات السابقة لم تسرب اسماء الفائزين بها ممن انتهت الى اختيارهم لجان الفحص، وهي الاسماء التي يقرّها عادة المجلس. والمتوقع ان تجد الجوائز في فرع الآداب هذا العام ردوداً كبيرة في الصحافة المصرية بسبب كثرة المتقدمين واحساس غالبيتهم بجدارة الحصول عليها. فهناك خمسة متقدمين لنيل جائزة الترجمة من اللغات الشرقية والفرصة الاكبر لعبدالوهاب علوب، وفي مجال الدراسات النقدية في تاريخ الأدب العربي تقدم ثلاثة فقط وتبدو فرصة عبير سلامة في الفوز كبيرة في كتابها عن يوسف ادريس، بينما لم يتقدم احد لنيل الجائزة في الموضوع الذي حددته اللجنة حول اللغة العربية والبرمجة الالكترونية. ويجوز للجنة ان ترشح عملاً لم يتقدم به صاحبه عملاً بنص القانون. وفي المقابل تقدم لنيل جائزة شعر العامية المصرية 38 شاعراً أبرزهم يسري حسان ومسعود شومان وعبدالناصر علام. وهذا الرقم لافت جداً لكنه اقل من أعداد المتقدمين لنيل جائزة الرواية إذ تقدم لها 42 كاتباً وأبرز المرشحين: نجوى شعبان وادريس علي وسعيد نوح وسمير الفيل وحمدي ابو جليل وامينة زيدان. وفي حفل جوائز العلوم الاجتماعية والقانونية التي لا تحظى باهتمام كبير هناك النائب المصري نبيل لوقا بباوي في فرعي علم الاجتماع والتاريخ الوسيط، القريب من الحزب الحاكم ويخوض معارك ضارية ضد المعارضين ونشطاء حركة كفاية.