جاءت جوائز الدولة في مصر في العلوم الاجتماعية والفنون والآداب التي أعلنت أول من أمس خالية من المفاجآت، وضمت لائحة الفائزين أسماء تدخل ضمن دائرة «الاستحقاق» الأمر الذي جعل وزير الثقافة المصري فاروق حسني ينهي المؤتمر الصحافي الذي عقد في هذه المناسبه بهدوء ومن دون أن ينتظر ردود أفعال الصحافيين مع أن عملية التصويت استمرت نحو 8 ساعات وشهدت منافسات حادة. وكان من اللافت تراجع ظاهرة الحجب في الجوائز الكبرى في مقابل استمرارها في فروع الجوائز التشجيعية. ووجد فوز الروائي بهاء طاهر بجائزة مبارك للآداب، وهي أرفع جائزة تمنحها الدولة وتبلغ قيمتها 400 ألف جنيه مصري (حوالى 72 ألف دولار) صدى ايجابياً لدى الجميع بعد أن تمكن صاحب «الحب في المنفى» من حسم المنافسة مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي بفارق كبير وذلك في جولة التصويت الثالثة. وبدا واضحاً تراجع حظوظ بقية المنافسين وأبرزهم ادوارد الخراط وسليمان فياض وصلاح فضل، بحسب مصادر من داخل الاجتماع. وفي الجائزة ذاتها جاء فوز التشكيلي محمد طه حسين في فرع الفنون والأثري علي رضوان في العلوم الاجتماعية لينهي «الورطة» التي توقع الجميع أن يعيشها أعضاء المجلس الأعلى للثقافة خلال الاختيار بين زمرة من المرشحين الأقوياء، وبغض النظر عن استحقاق الفائزين فان الصلات العميقة التي تجمعهما بوزير الثقافة سهلت فوزهما على حساب منافسين أقوياء. فالأول نافس السينمائي المكرس توفيق صالح، ونافس الثاني اثنين من كبار الأكاديميين هما استاذ الفلسفة فؤاد زكريا وأستاذ الاثنروبولوجيا أحمد أبو زيد. ومن ناحية أخرى، جاءت لائحة الفائزين بجوائز الدولة التقديرية في حدود التوقعات وخلت تماماً من المفاجآت، إذ فاز جابر عصفور مدير المركز القومي للترجمة والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة (جهة منح الجائزة) بجائزة الدولة التقديرية في الآداب (36 ألف دولار) وحقق نسبة التصويت الأعلى ضمن لائحة المرشحين بجوائز الدولة التقديرية في الآداب، إذ نال 41 صوتاً من مجمل عدد أصوات الحاضرين (46 صوتاً) ضجت قاعة المجلس بالزغاريد التي أطلقتها موظفات المجلس مع إعلان فوز أمينهم السابق. وإضافة الى عصفور ضمت لائحة الفائزين بتقديرية الآداب الكاتب الروائي يوسف القعيد وأحمد درويش الأستاذ في كلية دار العلوم الذي انضم الى اللائحة بعد أن واجه منافسة شرسة مع القاص أبو المعاطي أبو النجا الذي خرج في الجولة الأخيرة من التصويت. ومن جهة أخرى فاز بتقديرية الفنون السينارست وحيد حامد والموسيقي جمال سلامة والمخرج المسرحي هاني مطاوع، بينما فاز بتقديرية العلوم الاجتماعية كل من حسن حنفي وسيد القمني ونعمات أحمد فؤاد وقاسم عبده قاسم. وبدا واضحاً أن تصويت أعضاء المجلس ذهب لأسماء مثل وحيد حامد وحسن حنفي والقمني بغرض دعم مواقفهم الفكرية في مواجهة «القوى المحافظة» التي عملت دائماً على انتقاد المسار الفكري لأعمال هؤلاء وتعطيلهم بدعاوى الحسبة والمصادرة. وفي جائزة التفوق - فرع الآداب، أعلن فوز اسم الروائي الراحل يوسف أبو رية ورجاء ياقوت الاستاذ في كلية الالسن، وكان الاول تقدم لنيل الجائزة قبل رحيله متأثراً بسرطان الكبد بينما نالت الفائزة الثانية الجائزة في هذا الفرع بعد منافسة مع المترجم طلعت الشايب الذي كان خروجه من اللائحة المفاجأة الوحيدة للجائزة خصوصاً أن لجنة فحص الترشيحات وضعت اسمه في الصدارة غير ان البعض ربط بين استحقاق ياقوت للجائزة والصلات القوية لزوجها وهو أحد أبرز قيادات الحزب الوطني الحاكم في مصر، غير أن آخرين رأوا في هذا الربط «تعسفاً يقلل من المنجز العلمي لها وهي اكاديمية بارزة في تخصصها». وفي فرع العلوم الاجتماعية لجائزة التفوق فاز المؤرخ محمد عفيفي والسفير السيد أمين شلبي ومسعد سيد عويس، وفي الفنون اعلن فوز أشرف زكي نقيب الممثلين والمخرج المسرحي عبد الرحمن الشافعي. وتشير أية قراءة سريعة لأسماء المرشحين الى أن الترشيح من خلال اكاديمية الفنون وهي جهة تابعة لوزارة الثقافة يعطي ضمانة كبيرة لفوز المرشح، اذ تمكنت أصوات مسؤولي الوزارة في المجلس من حسم المنافسة لمصلحة مرشحيها في معظم الفروع، الأمر الذي يعطي بدوره مشروعية للآراء التي تطالب بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للثقافة بصورة تضمن تفكيك هيمنة الوزارة (تملك الوزارة 13صوتاً من أصل 62 صوتاً). ولفت متابعون لعملية التصويت الى معاناة حقيقية عاشها اعضاء المجلس خلال التصويت على جائزة التفوق نظراً لارتفاع اعداد المتقدمين وقيام لجان الفحص باستبعاد الكثير منهم من دون الاشارة الى معايير الاستبعاد، فضلاً عن أن لائحة الجائزة ذاتها لا تشتمل على معايير واضحة، ولمواجهة هذه المشكلة في المستقبل قرر المجلس تشكيل لجنة تتولى فحص الانتاج المقدم للجائزة على مرحلتين وإعداد قائمة نهائية للمرشحين تعرض على المجلس وذلك على رغم وجود تخوفات بعدم قانونية هذا الإجراء. ويمكن القول إن مفاجآت هذا العام اقتصرت على الجوائز التي حجبت 14 جائزة من أصل 32 جائزة مخصصة للتشجيعية، وبهذا الرقم تعود ظاهرة الحجب مجدداً على رغم مناشدات وجهها المجلس للجان الفحص بحيث تستخدم حقها في ترشيح أعمال لم يتقدم أصحابها. وفي مقابل الحجب منحت جوائز الآدب لأسماء غير فاعلة في الحياة الثقافية المصرية ما جعل النتائج أقرب للمفاجآت.