عقد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعاً جديداً في مقره في فيينا أمس، لم يقرر خلاله إحالة الملف النووي الإيراني المثير للجدل إلى مجلس الأمن، مفسحاً في المجال أمام روسيا لوساطة أخيرة. وخلال اجتماع مجلس الحكام، دعا المدير العام للوكالة الدولية محمد البرادعي إلى استئناف الحوار بين إيران والأسرة الدولية، معتبراً في المقابل أن"الشفافية"التي تبديها إيران بصدد برنامجها النووي غير كافية. وقال:"آمل بأن تبذل كل الجهود لاستئناف الحوار بين إيران والأطراف المعنية من اجل التوصل إلى حل شامل يأخذ في الاعتبار مخاوف إيران في شأن حقها في استخدام الطاقة النووية في شكل سلمي ومخاوف الأسرة الدولية حول الطبيعة السلمية لهذه النشاطات". وطلب البرادعي من طهران في تصريح التجاوب مع المطالب المتعلقة ب"إجراءات إضافية". وأعلن بيتر جنكينز المندوب البريطاني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للصحافيين أمس، أن الاتحاد الأوروبي وافق على منح مزيد من الوقت للتحاور مع إيران في شأن برنامجها النووي الذي انتقده بشدة. لكن جنكينز صرح بأنه بعد نشاطات نووية سرية استمرت 18 سنة، تواصل إيران"نقض تأكيداتها الطابع السلمي لبرنامجها النووي". وأضاف أن الاتحاد الأوروبي تجاوب مع مطالب عدد من أعضاء مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين"تمنوا منح مزيد من الوقت للحوار الديبلوماسي في شأن مستقبل البرنامج الإيراني". وقال الديبلوماسي البريطاني في إشارة إلى وثيقة سلمتها إيران أخيراً إلى مفتشي الوكالة، أن الجمهورية الإسلامية حصلت من خلال شبكة تهريب باكستانية على تعليمات حول"صب اليورانيوم المخصب في قوالب نصف كروية". وأضاف:"إنها عملية لا تطبق إلا في إنتاج أسلحة نووية". مسوّدة أوروبية وقال ديبلوماسي أوروبي أن مجلس محافظي الوكالة توصّل إلى"توافق كبير في الآراء"بعدم السماح لإيران بالمضي قدماً في عمليات التخصيب النووي. وتحدّد هذا الموقف في مسوّدة بيان قدمته الدول الأوروبية الثلاث الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا لرئيس مجلس محافظي الوكالة لدى بدء اجتماعاته التي تستمر يومين. وجاء في مسودة ملخص للبيان الذي سيتلى في ختام اجتماع مجلس المحافظين:"هناك توافق كبير في الآراء بعدم السماح لإيران في الظروف الراهنة بالقيام بأنشطة ذات صلة بالتخصيب على أرضها". ولم تشر المسوّدة إلى تهديدات سابقة بإحالة ملف طهران إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات محتملة، وهو ما كانت تطالب به الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي منذ أشهر. كما جاء في المسودة أن الدول الأعضاء في مجلس المحافظين"تأمل بالإجماع في استئناف العملية التفاوضية مع الوضع في الاعتبار من ضمن أفكار أخرى الاقتراحات الروسية". تفاؤل إيراني وأبدى السفير الإيراني في فيينا محمد آخنزاده"تفاؤله"بالمفاوضات. وقال:"لم نتلق بعد دعوة إلى الاجتماع في السادس من كانون الثاني ديسمبر المقبل، لكنه من المتوقع أن يعقد الاجتماع في موسكو أو فيينا"حيث مقر الوكالة الدولية. ويهدف هذا اللقاء المزمع عقده بين ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وروسياوإيران إلى الخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات منذ أن قطعها الاتحاد الأوروبي بعد إعلان طهران استئناف عمليات تحويل اليورانيوم التي تشكل خطوة أولى في عملية تخصيب اليورانيوم. وكانت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وجهت تحذيراً رسمياً إلى إيران في أيلول سبتمبر، بإصدارها قراراً اعتبرت فيه أن إيران تخالف واجباتها في مجال منع انتشار الأسلحة النووية ما فتح الطريق أمام إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على هذا البلد. موسكو وفي تونس، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تدعم مساعي التسوية التي تبذلها الوكالة في معالجة الملف النووي الإيراني. وقال:"نؤيد تأييداً كاملاً مواصلة وكالة الطاقة الذرية جهودها السلمية لتسوية ملف إيران النووي"، نافياً أن تكون هناك نية لفرض عقوبات على إيران. وتقترح موسكو تسوية تنص على إجراء إيران عمليات تخصيب اليورانيوم إنما ليس على أرضها بل في روسيا، وهو اقتراح ترفضه طهران في الوقت الحاضر. وتظاهر بضع عشرات من"مجاهدين خلق"معارضة إيرانية أمام مبنى الأممالمتحدة في فيينا حيث عقد الاجتماع أمس، رافعين شعاراً"لا قنابل نووية في إيران بل حقوق الإنسان".