أفادت مصادر نفطية مطلعة ل"الحياة"أنه في الوقت الذي ما زال الخلاف مستمراً على عدد من النقاط الرئيسة في مسودة الدستور العراقي، كالفيديرالية والوضع القانوني للقطاع النفطي وتوزيع الثروة النفطية، والذي تم تمديد موافقة الجمعية الوطنية عليه حتى 22 آب أغسطس، ثبت من خلال اتفاقات تم توقيعها خلال السنوات الماضية أن القيادات الكردية فرضت سيطرتها فعلياً على إدارة الثروة النفطية في شمال العراق في المناطق الخاضعة لسيطرة كل من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني منذ آذار مارس 1991. وتشير الوثائق التي اطلعت"الحياة"عليها إلى عقود كانت القيادات الكردية قد أبرمتها مع عدد من الشركات الأجنبية المغمورة للبدء بعمليات الاستكشاف والتنقيب والانتاج ووفق أسلوب مشاركة الانتاج Production Sharing، وذلك من دون الرجوع إلى العاصمة بغداد. وأبرم أحد هذه الاتفاقات قبل الغزو الأميركي للعراق وسقوط النظام السابق في 9 نيسان أبريل 2003، وأخرى خلال عهد الحاكم الأميركي بول بريمر ومجلس الحكم، والثالثة بعد استلام الدكتور أياد علاوي مهمات رئاسة الحكومة الموقتة، ما يدل الى إصرار القيادات الكردية على فرض سيطرتها على الثروات الطبيعية بمعزل عن الحكومة المركزية، أياً كانت الأخيرة. وبحسب المعلومات المتوافرة ل"الحياة"، فإن الاتفاقات الثلاثة سارية المفعول حالياً، وتقوم الشركات والسلطات الكردية بتنفيذها، وهي: اولاً: اتفاق وفق أسلوب مشاركة الانتاج موقع في 14 كانون الثاني يناير 2003 بين الحكومة الأقليمية للسليمانية مع شركة تركية هي"بت أويل بتروليوم"PetOil Petroleum Products International Exploration & Production Inc. وورد في ديباجة الاتفاق الإستناد إلى ما سمي ب"المذكرة النهائية"Final Statement والمبرمة في 17 ايلول سبتمبر 1998 بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني من جهة، ووزارة الخارجية الأميركية من جهة أخرى، من دون ذكر تفاصيل هذه المذكرة. وورد في الاتفاق أن المحافظة"هي المسؤولة عن حقوق استعمال النفط والغاز في الأراضي المشمولة بالاتفاق". وشمل الاتفاق، الذي يمتد لمدة 40 عاماً، حقول جياسورخ وكفري وجمجمال، وحددت بخارطة ملحقة بالاتفاق. ويتعهد المقاول بتوفير التمويل اللازم للعمليات النفطية واسترجاع هذه الأموال بعد بدء الانتاج من خلال معادلات دقيقة ومفصلة، على أن يتم توزيع الأرباح المتبقية بعد خصم التكاليف والنفقات بنسبة 51 في المئة لمحافظة السليمانية و 49 في المئة للمقاول. ووقع على الاتفاق المعد باللغة الانكليزية في 43 صفحة فريدون عبد القادر D.P.Minister عن حكومة السليمانية والبروفسور كوكسال H.G.Koksal رئيس مجلس إدارة شركة بت أويل. ثانياً: عقد الاتفاق الثاني في 20 كانون الثاني يناير 2004 على شكل مشاركة إنتاج أيضاً بين حكومة أقليم كردستان Kurdistan Regional Government والشركة التركية جنيل للطاقة Genel Energi A.S. . ويلاحظ أنه أبرم في عهد الحاكم بريمر ومجلس الحكم وتضمن 31 فقرة مع ملحقين موزعة على 70 صفحة. وورد في الديباجة قيام شعب أقليم كردستان باختيار جمعية للأقليم البرلمان المحلي من خلال انتخابات ديموقراطية وهي غير الانتخابات المركزية التي أجريت في 30 كانون الثاني 2005 بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي. وأشارت الديباجة إلى أنه"لكون الجمعية قد قامت بتشكيل حكومة للأقليم والتي بدورها سنت قوانين لحكم الأقليم، وحيث أن شعب كردستان يمتلك الثروات الطبيعية للأقليم، فهذا يعطي السلطة لحكومة الأقليم لاستثمار تلك الثروات". كما أشارت الديباجة أيضاً إلى"المذكرة النهائية"المبرمة مع وزارة الخارجية الأميركية في 17 أيلول 1998. ووقع الاتفاق، الذي يمتد لمدة 25 عاماً قابلة للتمديد خمسة سنوات أخرى، عن حكومة كردستان برهم صالح شغل بعدها منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة أياد علاوي ثم وزيراً للتخطيط في حكومة إبراهيم الجعفري، ومن الشركة التركية محمد سيبيل Mehmet Sepil ، وتم تحديد المناطق المشمولة بالاتفاق بملحق يحدد ال coordinates بشكل دقيق ومفصل. ويلاحظ في هذين الاتفاقين: تواريخ إبرامهما"إعطاء الملكية للثروة الطبيعية لإقليم كردستان ولا ذكر لدولة العراق فيهما"والاستناد إلى"البيان النهائي"مع الإدارة الأميركية في 17 أيلول 1998. ثالثاً: أبرم الاتفاق الأخير مع شركة DNO النروجية في تموز يوليو 2004 عهد الحكومة الموقتة لأياد علاوي وعلى أساس مشاركة الانتاج، وذلك بحسب تصريح لمصدر رسمي في الشركة لنشرة International Oil Daily في 12 آب 2005. ويشمل الاتفاق منطقتي عمل بالقرب من زاخو شمال غربي العراق، وهي تحت سيطرة الحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرازاني، وأخرى في سهل أربيل تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني. وذكر المصدر المسؤول في الشركة أنها انتهت من إطلاق عدد من خطوط المسح السيزمي لمناطق زاخو ويجري الإعداد الآن لحفر أول بئر استكشافية في تلك المنطقة، بالإضافة إلى المباشرة في أعمال المسح السيزمي في سهل أربيل قريباً. ووقعت وزارة النفط العراقية في السنتين الماضيتين مذكرتي تفاهم مع الشركة الاسترالية وودسايد إينرجي لتقييم حقل"طق طق"حيث يتم إنتاج نحو ثلاثة الاف برميل يومياً يتم تكريرها منذ عقد من الزمن في مصفاة صغيرة في المنطقة الكردية، واخرى مع الشركة الأميركية وسترن أويل ساندز للقيام بعمليات تقويم جيولوجية مشابهة في شمال العراق.