بلغت قيمة صادرات دبي من الماس الخام العام الماضي 1.7 بليون دولار، بزيادة 55 في المئة على عام 2003 لتفرض نفسها بقوة على الساحة الدولية، بعدما أطلقت بورصة متخصصة تضم نحو 60 لاعباً دولياً، وأعلنت بناء برج من 65 طبقة لتجمع فيه التجار وكل من له علاقة بهذه السلعة النفيسة. ويبدو أن الإمارة التي تسارعت خطواتها لتصبح مركزاً عالمياً للمال والأعمال، باتت قوة يحسب لها "مجتمع" الماس حول العالم حساباً. وأقر بيتر ميوس رئيس قطاع الماس في بلجيكا، التي تعتبر اكبر مركز لهذه التجارة في العالم "إن دبي أصبحت منافساً متزايداً لتوزيع الماس الخام، وان معظم الشركات التي تتخذ من مدينة انتويرب البلجيكية مقراً لها حجزت مكاتب في دبي". تصريح المسؤول البلجيكي، الذي تمر عبر بلاده 80 في المئة من تجارة الماس الخام ونصف المشغول، كان موجهاً للشركات البلجيكية. لكن المدير التنفيذي ل"مركز المعادن والسلع" في دبي احمد بن سليم، أكد في مقابلة مع "الحياة" شاركت فيها المديرة التنفيذية للبورصة نورة جمشير "أن الإمارة لا تهدف الى منافسة مراكز الماس الأخرى، بقدر ما تسعى إلى التكامل والتعاون معها". وأضاف: "إن بورصة دبي لا تعتبر مركزاً لتداول وتجارة الماس فحسب، وانما تعد مأوى لكل ما له صله بهذه الصناعة، من مصانع صقل وتصنيع وتجارة وخدمات". ومن جهتها، كشفت جمشير "أن مصارف إماراتية أبدت رغبتها في تمويل تجارة الماس، لتدخل بذلك مجالاً جديداً للتمويل، كان حكراً على مصارف أجنبية كبيرة، مثل مصرف "إيه بي إن أمرو" و"بنك انتويرب". وتتولى بورصة دبي تعريف التجار من أنحاء العالم على بعضهم بعضاً، وتنظيم مزادات وتدريب من يريد على هذه الصناعة المعروفة ب"صعوبة اختراقها"، كونها من الصناعات التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. وكشف بن سليم أن صادرات دبي من الماس الخام قفزت من 1.1 بليون دولار عام 2003 إلى 1.7 بليون، بعد إطلاق البورصة، وبيع برج الماس بالكامل لتجار فتحوا مكاتب لهم في الإمارة، علماً أن البرج يقع في مجمع ضخم يضم بورصة وبرجاً للذهب وأبراجاً متعددة للمعادن الأخرى. ويسمح للأجانب التملك الكامل في إطار هذا المجمع. وزاد من توافد التجار والمصنعين الى إمارة دبي القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي قبل بضعة اشهر، باعفاء الماس الخام ونصف المشغول من الجمارك، وانضمام بورصة دبي إلى الاتحاد العالمي لبورصات الماس، وتوقيعها أخيراً اتفاق "كمبرلي" الخاص بتنظيم عملية تجارة الماس. وأكد بن سليم "إن بورصة دبي تتبع القوانين الدولية في التعامل مع هذه السلعة، ولا تتهاون مع المهربين والمزورين"، مشيراً إلى أن الإمارة تعد منطقة جذب للتجار والمصنعين بسبب تدني كلفة الإنتاج وتوافر الأيدي العاملة الرخيصة، وغياب الضرائب مقارنة بالدول الأخرى، لافتاً إلى "أن الإمارات تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لأن تكون مركزاً دولياً لتجارة الماس، خصوصاً أن استهلاك كل من الإمارات والسعودية من الماس يصل إلى اكثر من بليوني دولار". وكانت منطقة الخليج تحتل المركز الخامس في تجارة الماس في العالم، غير أن النمو السريع لهذه التجارة جعلها تحتل اليوم المركز الثالث، بعد كل من الولاياتالمتحدة، التي تتجاوز سوق الماس فيها 27 بليون دولار، واليابان ب8.5 بليون دولار، ما شجع دبي على إقامة البورصة في نيسان إبريل الماضي. وبعد هذا الإعلان، بدأت البورصة تلقي طلبات العضوية، في حين كشفت دبي عن فكرة إنشاء برج الماس، الذي حجز بالكامل من كبريات الشركات العالمية، ومنها شركة "روزي بلو"، التي تعد من أكبر مصنعي الماس وموزعيه في الهند، وشركة "سمولينسك دايموندز"، وهي من أهم شركات تصنيع الماس وصقله في روسيا، وشركة "رابابورت" الأميركية، التي تعد من أبرز اللاعبين في عالم تجارة الماس وصناعته، وهي مصدر رئيس للمعلومات المتعلقة بأسعار الماس وأحداث هذا القطاع وفعالياته حول العالم، وشركة "إنترجيمس" الهندية، فضلاً عن عشرات الشركات البلجيكية العملاقة. وبهذا باتت دبي، وخلال اشهر معدودة، مركزاً عالمياً لتجارة الماس. وأوضح بن سليم: "استندت استراتيجية مركز دبي للمعادن والسلع بالنسبة الى قطاع الماس على الترويج للإمكانات والفرص الفريدة التي تقدمها دبي للعاملين في هذا القطاع، لتوسيع عملياتهم ودخول أسواق جديدة ورفع معايير الجودة لمختلف العمليات التجارية والصناعية المتعلقة بهذا القطاع، وذلك كجزء من رؤية حكومة دبي في تطوير الإمارة ككل كمركز اقتصاد عالمي". وعن حجم تجارة الماس في العالم اشار الى "إن قيمة الماس المستخرج سنوياً لا تتعدى 7.5 بليون دولار"ولكن قيمته بعد الصقل والقطع والتضمين في قطع الحلي النهائية تصبح نحو 50 بليون دولار"، وهو حجم تجارة الماس في العالم، التي تنمو سنوياً بنسبة ستة في المئة"لكنها في هذه المنطقة من العالم تنمو بنسبة 15 في المئة، أي أن النمو هنا يبلغ أكثر من ضعف النمو العالمي، وهذا ما يشجع الشركات على دخول هذه السوق، إضافة إلى ما تمنحه دبي من تسهيلات للمستثمرين وبيئة عمل من أفضل البيئات في العالم وأكثرها تطوراً.