ارتفعت وتيرة تدفّق شركات الماس العالمية إلى دبي خلال السنوات الأخيرة مع استفحال أزمة الائتمان في أوروبا، وهرباً من الضرائب المرتفعة التي تفرضها مراكز الماس في العالم، في مقدمها مدينة انتويرب البلجيكية. وعلى رغم تراجع تجارة الماس في العالم، فإن تداولاته في دبي بلغت خلال النصف الأول من السنة 22 بليون دولار، في حين توقع خبراء سوق المعادن النفيسة أن تتجاوز 40 بليوناً مع نهاية السنة. وقال الرئيس التنفيذي لمركز المعادن والسلع في دبي احمد بن سليم في تصريح الى «الحياة»: «عدد شركات الماس في المركز تجاوز سبعة آلاف من كل أنحاء العالم، خصوصاً من لبنان والهند وإفريقيا وأوروبا». وأشار إلى أن «دبي استفادت من تغيرات طرأت أخيراً على قطاع الماس العالمي، بعد انتقال شركة ديبيرس من بريطانيا إلى بتسوانا في جنوب إفريقيا، ما ادخل القارة السمراء كلاعب في تجارة الماس الخام والمصقول بعدما كانت منتجة له، وساعد في دعم تنافسية دبي في هذا المجال على المستوى العالمي، نتيجة العلاقة الجيدة بين الإمارات والقارة السمراء. ومن المتغيرات التي طرأت على عالم الماس وصبّت في مصلحة دبي، دخول الصين للمرة الأولى كلاعب جديد في تجارة الماس المصقول، وهي أيضاً شريك تجاري مهم للإمارات عموماً، ما ساهم في زيادة تنافسية دبي مع مراكز الماس في هونغ كونغ وسنغافورة. وتمكنت دبي من دخول هذه التجارة قبل 10 سنين، مستفيدة من إلغاء دول مجلس التعاون الخليجي الضرائب على الماس منذ أكثر من سبع سنوات، في وقت تعاني الشركات في أوروبا ضغوطاً متزايدة في ما يتعلق بالضرائب. وتوقع بن سليم أن ترتقي الإمارة بمركزها العالمي في هذه التجارة، خصوصاً مع تنامي مشروع «طريق الحرير الجديد»، الذي يعتمد على دبي كمركزٍ لوجستي بين الدول المنتجة للماس في إفريقيا، ومراكز صقله في الهند والشرق الأقصى، ما اضطر الاتحاد العالمي للماس إلى «تعريب» قوانين الماس العالمية. المركز الخامس وكانت منطقة الخليج تحتل المركز الخامس في تجارة الماس عالمياً، ولكن النمو السريع لهذه التجارة رفع المنطقة إلى المركز الثالث، بعد الولاياتالمتحدة التي تتجاوز سوق الماس فيها 27 بليون دولار، واليابان 8.5 بليون، ما شجع دبي على إنشاء البورصة وساعدها على استقطاب الشركات العالمية. وأضاف بن سليم «ما ساهم في انتعاش تجارة الماس في دبي وانتقال عدد اكبر من الشركات إليها، أن شركتي طيران الإمارات وفلاي دبي فتحتا خطوطاً مباشرة إلى معظم المدن الرئيسة في إفريقيا وزادت عدد رحلاتها إلى الصين، إضافة إلى وجود موانئ دبي العالمية التي تسهل عملية التجارة». ولم تكتف الإمارة بتجارة الماس الخام، بل دخلت بقوة إلى عالم الماس المصقول. وأظهر تقرير حديث لمركز دبي للسلع المتعددة، أن تجارة الماس الخام ارتفعت 10 في المئة إلى 66 مليون قيراط، فيما ارتفعت قيمة الماس المتداول خمسة في المئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي. وتم استيراد 32.4 مليون قيراط ب2.5 بليون دولار خلال النصف الأول من السنة، بزيادة نسبتها تسعة وسبعة في المئة على التوالي مقارنة بعام 2012. وارتفع حجم صادرات الماس 12 في المئة إلى 34 مليون قيراط قيمتها 30.7 بليون دولار، بزيادة نسبتها ثلاثة في المئة. ولفت بن سليم إلى أن «دبي مؤهلة لقيادة ازدهار صناعة الماس العالمية خلال المرحلة المقبلة بفضل امتلاكها بنية تحتية وتشريعية عالمية تحفز النمو المستدام ولموقعها الجغرافي كنقطة مركزية متوسطة بالنسبة الى طريق الحرير الجديد للصناعة»، عازياً هذا التفاؤل إلى «توسيع دبي قاعدة شراكاتها مع كثير من الدول الأكثر ثراء في إنتاج الماس، خصوصاً أميركا اللاتينية والقارة الإفريقية، وفي دول مثل بتسوانا وناميبيا وزيمبابوي». وتتطلع شركات الماس العالمية إلى السيولة التي راكمتها دول الخليج خلال السنوات الماضية نتيجة ارتفاع أسعار النفط الخام، إذ تشير إحصاءات إلى أن معدل شراء الفرد الماس في دول الخليج يزيد على ألف دولار، في وقت لا يتجاوز 300 دولار في الولاياتالمتحدة، ما يدل على استمرار القوة الشرائية في المنطقة. وزاد توافد التجار والمصنّعين إلى دبي، إنضمام بورصة دبي للماس إلى «الاتحاد العالمي لبورصات الماس»، وتوقيعها «اتفاق كمبرلي» الخاص بتنظيم عملية تجارة الماس. وأوضح بن سليم أن «دبي تخطط لبناء أكبر برج في العالم للماس، لتلبية الطلب المتزايد من الشركات العالمية».