ارتفعت وتيرة تدفّق شركات الماس العالمية إلى دبي خلال السنوات الأخيرة، هرباً من الضرائب المرتفعة التي تفرضها مراكز الماس في العالم، على رأسها مدينة انتويرب البلجيكية، ليتجاوز إجمالي حجم تجارة الماس في الإمارات خلال العام الماضي 26 بليون دولار. وتمكنت إمارة دبي خلال عقد من انتزاع المرتبة الأولى من عواصم الماس في العالم، إذ تراجعت تجارة مدينة انتويرب البلجيكية، التي كانت تعتبر العاصمة التاريخية لهذه التجارة، العام الماضي إلى 23.19 بليون دولار، أما تجارة المملكة المتحدة فبلغت 19.9 بليون، والهند 14.9 بليون، وروسيا 3.55 بليون، والصين 3.19 بليون، وسويسرا 3.07 بليون. وقال وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة في الإمارات عبدالله آل صالح أمس، إن «قيمة الماس الذي يتم التعامل به من خلال دبي ارتفعت من 12.8 بليون درهم (3.5 بليون دولار) عام 2003 إلى أكثر من 95 بليوناً عام 2016. وأشار خلال «مؤتمر دبي للألماس 2017» المنعقد حالياً، إلى أن «هذا الارتفاع بحد ذاته مؤشر على حجم التجارة، وعلى التعاون الملحوظ على نطاق عالمي». وقال: «قبل 15 عاماً بدأت الإمارات إنشاء البنية التحتية اللازمة لبناء سوق دولي للألماس في دبي، وحينها قال الناس إنه لا يمكن تحقيق ذلك، وكان هناك الكثير من الأسباب للتعويض عن المراكز القائمة لتجارة الألماس، إلى جانب عقبات كثيرة». وأكد خبراء ل «الحياة» أن «دبي استفادت من تغيرات طرأت خلال 14 عاماً على قطاع الماس العالمي، بعد انتقال شركة ديبيرس من بريطانيا إلى بتسوانا في جنوب أفريقيا، ما ادخل القارة السمراء كلاعب في تجارة الماس الخام والمصقول بعدما كانت منتجة له، وساعد في دعم تنافسية دبي في هذا المجال على المستوى العالمي، نتيجة العلاقة الجيدة بين الإمارات والقارة السمراء». ومن المتغيرات التي طرأت على عالم الماس وصبّت في مصلحة دبي، دخول الصين للمرة الأولى كلاعب جديد في تجارة الماس المصقول، وهي أيضاً شريك تجاري مهم للإمارات، ما ساهم في زيادة تنافسية دبي مع مراكز الماس في هونغ كونغ وسنغافورة. وتمكنت دبي من دخول هذه التجارة قبل 14 عاماً، مستفيدة من إلغاء دول مجلس التعاون الخليجي الضرائب على الماس، في وقت تعاني الشركات في أوروبا ضغوطاً متزايدة في ما يتعلق بالضرائب. واعتمدت الإمارة على تنامي مشروع «طريق الحرير الجديد»، الذي يعتمد على دبي كمركزٍ لوجيستي بين الدول المنتجة الماس في أفريقيا، ومراكز صقله في الهند والشرق الأقصى، ما اضطر «الاتحاد العالمي للماس» إلى تعريب قوانين الماس العالمية. وساهم في انتعاش تجارة الماس في دبي وانتقال عدد أكبر من الشركات إليها، فتح شركات «طيران الإمارات» و «الاتحاد» و «فلاي دبي» خطوطاً مباشرة إلى معظم المدن الرئيسة في أفريقيا، وزادت عدد رحلاتها إلى الصين، إضافة إلى وجود موانئ دبي العالمية التي تسهل عملية التجارة. وزاد توافد التجار والمصنّعين إلى دبي، بعد انضمام بورصة دبي للماس إلى «الاتحاد العالمي لبورصات الماس»، وتوقيع «اتفاق كمبرلي» التابع للأمم المتحدة الخاص بتنظيم عملية تجارة الماس، وترؤسها للاتفاق الذي يعنى بتنظيم تجارة الماس الدولية العام الماضي. وقال آل صالح: «موقع دبي على مفترق طرق عالمي بين الشمال والجنوب والشرق والغرب يجعلها مكاناً مثالياً لتجار الألماس، ولكن ذلك لم يكن ليتحقق، إلا إذا كانت البنية التحتية للاستيراد والتصدير وإعادة التصدير توفر الراحة لتجار الجملة»، متوقعاً ارتفاع حصة دبي في تجارة الألماس العالمية. وأضاف: «نجري حوارات مع كبار تجار الألماس وتجار التجزئة على مدى السنة لضمان أن يجدوا كل المرافق التي يحتاجونها في دبي، التي تتمتع بعلاقات مميزة مع كل الدول المنتجة والمستهلكة للألماس، ولكن يمكن دائماً أن تقوم بالمزيد، وهذا سبب استضافة دبي ومشاركتها في العديد من الوفود التجارية سنوياً في أفريقيا والهند وأوروبا والولايات المتحدة، لضمان الاستماع إلى احتياجات التجارة من أجل نقل السلع بكفاءة وبشكل مستدام في كل أنحاء سلسلة التوريد». وأكد رئيس وحدة المعادن الثمينة والماس في «بنك الفجيرة الوطني» دايفي بلومرت أن «حجم سوق تمويل الألماس في الإمارات تصل إلى 5.5 بليون درهم (1.5 بليون دولار) سنوياً»، مشيراً إلى أن «إجمالي التمويل كان نحو 1.8 بليون درهم قبل 5 سنوات». وأضاف: «خلال السنوات ال10 الماضية، شهد قطاع الماس توسعاً مع تحوّل أنظار التجار والمصنعين من أوروبا نحو أفريقيا وآسيا». ولفت إلى أن «دبي تمكنت من الاستفادة من موقعها الاستراتيجي على طريق الحرير الجديد، ونمت بسرعة لتصبح أحد المراكز الأساس في تجارة الألماس في العالم».