سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رسائل داخلية وخارجية مع وصول لارسن الى بيروت لتأكيد قوة الدولة وسورية . لبنان : الموالاة تحشد قواها اليوم لاسترداد المبادرة والتصعيد في وجه المعارضة حتى تعديل مواقفها
تشهر الموالاة، في اضخم حشد وزاري ونيابي وحزبي يستضيفه اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، سلاحها السياسي في وجه المعارضة وقد لا تضطر الى استخدامه فوراً، لأنها ترمي اولاً الى تمرير رسائل سياسية لخصومها ومن خلالهم الى عدد من الأطراف الدولية والإقليمية مع وصول الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن الى بيروت بعد زيارة دمشق في اول مهمة بعد تكليفه بإعداد تقرير الى كوفي انان ليرفعه الى مجلس الأمن الدولي حول تطبيق القرار الرقم 1559 . وعلى رغم ان الموالاة استبقت اللقاء في عين التينة بالتلويح بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية خلافاً لمشروع القانون الذي احاله مجلس الوزراء الى المجلس النيابي على قاعدة اعتماد الأقضية دوائر انتخابية، فإن المراقبين لسير التحضيرات الجارية للقاء يؤكدون ان العنوان الرئيس له، سيكون التشدد في وجه المعارضة التي تعتبر الموالاة انها تجاوزت الخطوط الحمر في موقفها من اتفاق الطائف والقرار 1559 وبالتالي لا بد من المبادرة الى الإمساك بزمام المبادرة السياسية على الصعد كلها. ويؤكد المراقبون الذين كانوا استمعوا الى وجهتي نظر المعارضة والموالاة ان الأخيرة قررت التشدد في وجه خصومها السياسيين وصولاً الى الذهاب الى ابعد مدى في قانون الانتخاب. ويعزو هؤلاء السبب الى ما ورد في البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة من ان على اللبنانيين ان يعرفوا كيف يتضامنون لمواكبة الزخم الدولي الذي تؤاتيهم ريحه الآن قبل ان تهدأ. ما يشكل من وجهة نظر الموالاة محاولة للانقلاب على المعادلة الداخلية المحكومة بسقف اتفاق الطائف، خصوصاً ان هذا الكلام جاء متلازماً مع حديث البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير اثناء زيارته لباريس عن تطبيق القرار 1559 من دون ان يأتي على ذكر الطائف، ومواكباً لمعظم ما ورد في البيان الأخير للمعارضة في لقاء البريستول -3 . وخلصت الموالاة الى نتيجة اساسية عنوانها ان لا مفر من التشدد السياسي ضد المعارضة التي اخذ بعض اطرافها يتصرف باعتبار سورية مستضعفة في لبنان وتريد ان تأخذ من الطائف ما يتعلق بانسحاب الجيش السوري في مقابل عدم تسليمها بالبنود الأخرى ومنها البند الخاص بإلغاء الطائفية السياسية. وترى الموالاة - بحسب اوساطها - ان مجلس الوزراء اراد عندما وافق على الأقضية دوائر انتخابية، تبديد الهواجس لدى المسيحيين ازاء قانون الانتخاب، لا سيما انها قائمة منذ اول انتخابات بعد الطائف في عام 1992 وأن المعارضة بدلاً من ان تستفيد من موافقة رئيس الجمهورية اميل لحود والعدد الأكبر من الوزراء على قانون 1960 باستثناء بعض التعديلات المتعلقة بتقسيم الدوائر في بيروت ذهبت بعيداً في رهاناتها ظناً منها ان السلطة ضعيفة وأن امامها فرصة للتصرف على انها السلطة الفعلية وبالتالي قادرة على إجراء تغيير في المعادلة السياسية. وإذ غمزت الأوساط من قناة البطريرك صفير الذي لم يعد يتطرق الى الطائف واستبداله بالحديث عن القرار 1559 قالت ان لحود وإن كان مع تنفيس اجواء الاحتقان بغية استيعاب الشارع المسيحي فإنه في المقابل ليس مع الإطاحة بالثوابت من خلال تأجيج الأجواء مع اقتراب موعد الانتخابات. ولفتت اوساط الموالاة الى اهمية التشدد السياسي مع وصول لارسن الى بيروت حاملاً رسالة من أنان الى لحود اضافة الى اللقاءات التي سيعقدها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والحكومة عمر كرامي ونائبه عصام فارس ووزيري الداخلية سليمان فرنجية والدفاع عبدالرحيم مراد ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط وآخرين في المعارضة، مؤكدة ان التشدد ضروري"لكبح جماح المعارضة من الانزلاق في خيارات سياسية تجر البلد الى المجهول". وأضافت:"ان الموالاة في اجتماعها اليوم تحاول التأكيد ان الساحة ليست مصادرة من منافسيها. وأن دمشق ليست ضعيفة للانقضاض عليها من لبنان، وأن الهدف من توجيه الرسائل في كل الاتجاهات سواء اكانت محلية ام دولية هو العودة الى ضبط الإيقاع السياسي للمعارضة من اجل دفعها الى مراجعة حساباتها وإعادة النظر في مواقفها. وأوضحت ان لا مشكلة بالتلويح بالدائرة الواحدة في كل لبنان وان اعتبار البعض ان هذا الخيار الانتخابي يشكل مخالفة للطائف يرد عليه بأن هذا البعض بالذات يعرف جيداً ان اعتماد القضاء دائرة انتخابية يعتبر ايضاً مخالفاً له وبالتالي لا بد من العودة الى الأصول لا سيما ان الطائف هو النظام الوحيد للتسوية في لبنان وكان حظي بتأييد عربي ودولي ومحلي وأن الظروف الراهنة لا تسمح بالإطاحة به، او بسوء تطبيقه. وتابعت الأوساط ذاتها ان"المعارضة تأخذ علينا اننا نطبق الطائف بصورة انتقائية، لكنها اليوم تلجأ الى الطريقة نفسها"، مشيرة الى ان"لا ضرر من الوصول بالبلد الى اجواء هي اقرب الى المأزق السياسي طالما ان المعارضة اخذت تقترب من خيارات سياسية لا بد من التصدي لها، لا سيما ان الأكثرية ليست في وارد مجاراتها في موقفها". وأكدت الأوساط ان الموالاة من جهتها قادرة على الإيحاء بأنها ستدفع بالبلد الى مرحلة يصعب العودة عنها، اسوة بما تفعله المعارضة، وأن الحل لا يكون إلا بالعودة الى المرونة في المواقف السياسية. وأضافت ان الهجوم المضاد افضل وسيلة للدفاع عن النفس وأن تسليم المعارضة باتفاق الطائف وامتناع بعض اطرافها عن الرهان على قوى خارجية يفتحان الباب امام العودة الى الاستقرار السياسي، وإلا"لن يكون في وسعنا سوى الاستمرار في الهجوم باستخدام كل ما لدينا من اوراق ضاغطة". وأكدت ان الباب لم يوصد امام احتمال الوصول الى تسوية، مضيفة ان قوى في الموالاة اخذت تتحرك على خط بكركي في محاولة لضبط الموقف على قاعدة العودة الى القضاء دائرة انتخابية بشرط التزام المعارضة الطائف. وعلى خط آخر، تتصرف بعض القوى في المعارضة على اساس ان التهديد بالدائرة الواحدة يأتي في نطاق الحروب الإعلامية والسياسية التي تشهدها البلد، ويصب في خانة استعراض العضلات، وترى ايضاً ان تبرير الانقلاب على القضاء لمصلحة الدائرة الواحدة باستحضار التجربة العراقية في الانتخابات والتي لقيت دعماً اميركياً وعربياً ودولياً قد لا يكون في محله. وتعزو السبب الى ان الوضع في العراق يختلف كلياً عنه في لبنان، ففي الأول اجريت الانتخابات للمرة الأولى بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وفي ظل دستور انتقالي لا يحدد حصة الطوائف والأقليات والإثنيات من المقاعد النيابية، بينما في الثاني هناك دستور قائم وينص على توزيع المقاعد على اساس طائفي انطلاقاً من مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وبالتالي لا مبرر لاستحضار التجربة العراقية او التهويل بها على المعارضة تحت ستار انها لقيت دعماً دولياً. وبالنسبة الى الحريري الذي لم توجه إليه الدعوة الى حضور لقاء عين التينة ولا الى كتلته النيابية فإنه يفضل مراقبة ما يدور الآن مؤكداً تمسكه باتفاق الطائف وإصراره على الثوابت السياسية التي تحكم علاقته بسورية. وعليه، فإن الموالاة وإن كانت تراهن من خلال الحشد السياسي على قدرتها على ان تسترد البلد سياسياً من ايدي المعارضة فإنها قادرة كما تقول مصادر مقربة منها على حسم المعركة الانتخابية من جهة وعلى توجيه رسالة الى لارسن بأنها الناطقة بلسان القوى الأساسية في لبنان وبالتالي فإن استماعه الى وجهة نظر المعارضة لا يعني ان السيطرة لها. وفي ضوء استمرار لعبة"شد الحبال"هناك من يرجح ان الباب لم يوصد امام احتمال الوصول الى تسوية بين المعارضة والموالاة، وإلا فإن طرح الدائرة الواحدة سيستمر من ضمن برنامج ضاغط للوصول الى الدائرة الكبرى على اساس المحافظات بعد اعادة النظر في التقسيمات الإدارية او احياء العمل مجدداً بقانون انتخاب عام 2000 بذريعة ان المناكفات حالت دون التوافق على قانون جديد.