أكدت مصادر وزارية في معرض الاجابة عن السؤال عن الموقف السوري من قانون الانتخاب الجديد، ان دمشق ارتأت الوقوف على الحياد رافضة التدخل في السجال الدائر بين"أهل البيت الواحد"في السلطة في مشروع القانون في ضوء معارضة رئيس المجلس النيابي نبيه بري مبدأ اعتماد القضاء دائرة انتخابية ومطالبته باستبداله بالدائرة الكبرى على أساس النسبية. وعزت المصادر السبب الى رغبة لدى القيادة السورية بالحياد مفضلة ان تأخذ المنافسة الانتخابية مجراها الطبيعي، خصوصاً بعدما حسم أركان الدولة خيارهم وانقسموا بين أكثرية مؤيدة للقضاء وأخرى داعمة للدائرة الكبرى، وبالتالي لم يعد في مقدورها القيام بأي جهد للتوفيق بينهما من أجل توحيد الرؤية الانتخابية. وأضافت ان رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة حرص على إبلاغ وزراء ونواب اتصلوا به في خلال عطلة عيد الأضحى أن لديه تعليمات حاسمة من قيادته بعدم التدخل وانه لن يبدي أي موقف ولو من باب وجهة النظر في قانون الانتخاب. وتعتقد المصادر بأن دمشق المرتاحة الى الوضع الأمني وعدم وجود مخاوف لديها من أي تهديد يستهدفه ليست في وارد التدخل حتى لا تتهم بأنها طرف في تأزيم الوضع السياسي بعد قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559 . وترى المصادر ذاتها ان وقوف دمشق على الحياد يأتي في ضوء مراجعتها الدقيقة لسير الاوضاع في لبنان ولعلاقتها بالقوى المحلية وخصوصاً تلك التي طرأ تعديل على موقفها على خلفية القرار الرقم 1559 . وتابعت المصادر:"ان دمشق تدعم أي خطوة من شأنها ان تريح الوضع الداخلي في لبنان مع بدء الاستعداد لخوض الانتخابات النيابية، لما لموقفها من تأثير ايجابي يحول دون توفير ذرائع للمجتمع الدولي يمكنه ان يستخدمها ضدها في لبنان لا سيما عندما يشعر الفريق الأكبر من المسيحيين باطمئنان الى قانون الانتخاب". وإذ اعتبرت المصادر ان اعتماد القضاء دائرة انتخابية يشكل خرقاً لروحية اتفاق الطائف الذي نصّ على المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة النظر في التقسيمات الادارية، رأت في المقابل ان المسؤولية في اعادة لملمة الوضع تقع على عاتق اللبنانيين من دون سواهم طالما ان الأكثرية تقف الى جانب القضاء دائرة انتخابية. ولفتت أيضاً الى ان دمشق انصرفت منذ فترة الى ترتيب أوضاعها الداخلية على ايقاع التطورات المستجدة في منطقة الشرق الاوسط ومحيطها، مبدية اهتماماً خاصاً بالجانب الاقتصادي لما سيكون له من مردود ايجابي على الوضع الداخلي. وبالنسبة الى موقف بري ومدى استعداده للدخول في معركة مفتوحة ضد القضاء دائرة انتخابية الذي يؤيده رئيس الجمهورية اميل لحود ووزير الداخلية سليمان فرنجية وبدرجة أقل رئيس الحكومة عمر كرامي، استبعدت المصادر ان يبادر الى تطوير موقفه لينقل المواجهة من دائرة الرغبة في معارضته الى محاولة امتلاك القدرة على اسقاطه أو تعديله في المجلس النيابي. وكشفت المصادر ان إمكان تأمين الثلث المعطل في داخل مجلس الوزراء للإطاحة بالمشروع الذي أحاله اليه فرنجية قد يكون متعذراً سياسياً متوقعة ان يبادر عدد من الوزراء الى تسجيل تحفظهم تحت عنوان انه يخالف اتفاق الطائف لكنهم لن يذهبوا بعيداً في تجميع صفوفهم لشن هجوم مضاد من شأنه ان يحدث انشقاقاً في داخل المجلس. وأوضحت انه إضافة الى بري الذي يأتي في طليعة المعارضين للقضاء دائرة انتخابية، يقف"حزب الله"الموقف ذاته، الى جانب وزراء جبل لبنان الجنوبي طلال ارسلان، وئام وهاب، محمود عبد الخالق وناجي البستاني إضافة الى وزراء آخرين، لكنهم يفتقدون الى القدرة السياسية طالما ان كتلاً نيابية كبيرة تؤيد القضاء وتلتقي في هذا الخصوص ولو من موقعها المعارض مع لحود وكرامي وفرنجية. وتابعت:"ان دمشق تريد ان تحمّل الأطراف اللبنانية مسؤوليتها المباشرة ازاء اي قانون انتخاب يقرّه المجلس النيابي وان عدم قدرة أصدقاء وحلفاء على العودة الى البرلمان يتيح لها انتزاع شهادة حسن سلوك من المجتمع الدولي لا سيما انه لن يكون في وسع المعارضين توفير الذرائع لشنّ هجوم على السياسة السورية في لبنان ما داموا وراء المطالبة بالدوائر الصغرى، التي ستؤدي حتماً الى تعديل في ميزان القوى النيابي لكن المعارضة ستكون عاجزة عن تأمين الأكثرية التي ستبقى من نصيب الموالاة". وسألت ايضاً ما اذا كان اعتماد القضاء سيفتح الباب امام العودة تدريجاً عن اتفاق الطائف أم انه سيحوّل المجلس النيابي المنتخب الى هيئة تأسيسية تتولى تصحيح تطبيقه بعد تنقيته وإزالة الشوائب التي دفعت بقوى موالية ومعارضة الى إطلاق الصرخة تلو الاخرى احتجاجاً على استمرار الانتقائية في تنفيذه. واستبعدت المصادر إمكان توافر أي فرصة قبل اجراء الانتخابات لاعادة تصحيح العلاقة بين دمشق ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، مشيرة الى ان علاقة الأولى برئيس الحكومة السابق رفيق الحريري تختلف عن علاقتها برئيس التقدمي الذي ذهب بعيداً في خياراته، الا انها تعتقد بأن كل شيء ممكن في السياسة إنما ضيق الوقت قد لا يسمح الآن بترميم العلاقة ومن الأفضل الانتظار الى ما بعد الانتخابات.