توقعت اوساط نيابية ان تشهد جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم المخصصة لمناقشة مشروع قانون الانتخاب، سخونة لم تكن في الحسبان وذلك على خلفية توقيف عدد من العاملين في"جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية"التي يرعاها رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري اول من امس بتهمة اعطاء رشى انتخابية للناخبين في بيروت من خلال تقديم مساعدات غذائية في العاصمة ومنها الزيت. وإذ اعتبرت الأوساط النيابية في الموالاة والمعارضة، ان التوقيفات قدمت نموذجاً للطريقة التي ستتعاطى بها الحكومة مع المعارضة وجاءت تطبيقاً استباقياً لبنود واردة في مشروع قانون الانتخاب الذي تقدمت به من المجلس النيابي الذي باشرت اللجان المشتركة دراسته الأسبوع الماضي ولم تتمكن من التصديق عليه حتى الساعة، قالت في المقابل ان التوقيفات ستطلق العنان للكتل النيابية المعارضة للمطالبة بإدخال تعديلات جذرية على عدد من المواد الواردة في المشروع، خصوصاً المادتين 68 المتعلقة بالإعلان والإعلام الانتخابيين و63 الخاصة بالإنفاق الانتخابي اللتين تبيحان للحكومة الالتفاف على المعارضة. ولفتت الأوساط ذاتها الى انه لم يعد من مكان للهدوء الذي سيطر على الجلسة الأولى للجان التي يرأسها نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر، وقالت ان المعارضة استعدت من خلال المشاورات التي جرت اخيراً بين قواها الأساسية لخوض معركة تعديل مشروع قانون الانتخاب بعدما توافقت على صوغ مقترحات بديلة للمواد التي تطالب بتعديلها في حال واجهت صعوبة في طلب حذفها من المشروع. وأشارت ايضاً الى ان الطريقة التي تعاطت بها الدولة بواسطة القضاء مع اعضاء"جمعية بيروت للتنمية"ادت الى تقديم خدمة مجانية للمعارضة التي استعدت لشن هجوم مضاد يستهدف المشروع الانتخابي للحكومة مستفيدة بذلك من"تضامن"وزراء ونواب في الموالاة مع الحريري. وأكدت الأوساط النيابية ان تضامن بعض الموالاة مع الحريري يبقى في اطار تسجيل موقف ولن يتعداه الى إدخال تعديلات جذرية على القانون وتحديداً بالنسبة الى اعتماد القضاء دائرة انتخابية ما لم يكن هناك حد ادنى من التوافق الضمني بين الأكثرية النيابية على العودة الى الدوائر الكبرى - اي المحافظات بعد اعادة النظر في التقسيمات الإدارية - وذلك انسجاماً مع ما يقترحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تؤكد مصادره ان الباب لم يقفل كلياً في وجه احتمال العودة الى الدوائر الكبرى مع تأكيدها ان لا قرار سياسياً حتى الساعة يسمح بالتخلي عن القضاء... وأوضحت الأوساط ان المعارضة النيابية الداعمة للقضاء تسعى جاهدة الى خوض معركة التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب، انطلاقاً من عدم المساس بالمعادلة القائمة على عدم إتاحة الفرصة للمعترضين على القضاء بالانقضاض عليه، في مقابل تأكيد تضامنها مع الحريري بالنسبة الى اعتراضه على الطريقة التي اتبعتها الحكومة لتقسيم بيروت الى ثلاث دوائر انتخابية، ما يعني ان المعارضة تحاول توفير الحماية للقضاء دائرة انتخابية في الوقت الذي تحرص على التواصل مع الحريري الذي يتم التعاطي معه على انه يشكل"بيضة القبان"في ترجيح كفة التقسيمات الانتخابية في ظل توازن القوى القائم بين مؤيدي القضاء ومناوئيه في المجلس النيابي. وترى الأوساط ان بري وإن كان لم يفقد الأمل في اعتماد الدوائر الكبرى من خلال رهانه على ان الكتل النيابية ستدخل ضد بعضها بعضاً في حرب ضروس قد تستدعي تدخله في الوقت المناسب، فإنها تجد ان هناك صعوبة في التخلص من القضاء لاعتبارات ابرزها ان مؤيديها داخل السلطة لا يزالون الأقوى وأنهم بنوا حساباتهم على اساسه ولم يعد في وسعهم العودة عنه، ليس لاسترضاء البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير فحسب، وإنما مراعاة لمصالحهم الانتخابية بعد ان ذهبوا بعيداً في التكّيف مع الدوائر الصغرى في ظل استمرار التوتر الخفي مسيطراً على العلاقة بين ابرز القوى في الموالاة... وتضيف ان بري وإن كان يتمسك بالدوائر الكبرى فإنه حتى الساعة لا يحمل"كلمة السر"التي تتيح له الخوض في معركة مفتوحة لتعديل مشروع الحكومة، مؤكدة ان المنازلة في المجلس النيابي ستشتد من الآن وصاعداً الى حين بلوغ القانون ولادته النهائية التي يفترض ان تكون في الأسبوع المقبل، نظراً الى ضيق الوقت الذي لم يعد يسمح بمزيد من"المناورات"السياسية مع اقتراب الموعد الدستوري الذي يفرض على الحكومة احترامه بتوجيه الدعوة للهيئة الناخبة قبل انتهاء شهر آذار مارس المقبل. وعلى هذا الصعيد ايضاً لا تقلل الأوساط النيابية من دور المجتمع الدولي وتحديداً الدول المؤيدة للقرار 1559 في مراقبة آلية العملية الانتخابية وسيرها، لما هناك من تداخل بينها والقرار المذكور الذي كان لحظ في مضمونه التشديد على نزاهة الانتخابات وضرورة خلوها من الشوائب. وكشفت الأوساط ل"الحياة"ان الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتطبيق القرار 1559، تيري رود لارسن كان تطرق الى مسألة الانتخابات على هامش المحادثات التي اجراها في دمشقوبيروت وقالت ان الأخير ليس في وارد الشروع في إعداد تقريره الى كوفي انان حول عملية التنفيذ، الذي سيرفعه بدوره الى مجلس الأمن الدولي، مشيرة الى انه سيزور بيروتودمشق مجدداً في النصف الثاني من آذار لكنها توقعت ان يستمهل رفع تقريره المتوقع في نيسان ابريل المقبل الى ايار مايو اي الى ما بعد الانتهاء من اجراء الانتخابات النيابية. ولفتت الأوساط الى ان لارسن انهى جولته الاستطلاعية في بيروتودمشق منذ تكليفه إعداد تقرير حول ال1559 محققاً بعض النجاحات على الأقل من زاوية تنفيس اجواء الاحتقان السياسي الذي تزامن مع وصوله الى سورية وتحضير الأجواء امام بداية التفاهم مع لبنان وسورية على تحقيق مقاربة عملية تجمع بين النقاط المشتركة الواردة في الطائف والقرار 1559 ليأتي استكمال تطبيقه استرضاء للمجتمع الدولي من زاوية البنود المتداخلة في الاتفاق والقرار. وأكدت انها تتوقع ان تقوم دمشق بمبادرة ايجابية تتعلق بإعادة الانتشار قبل موعد اجراء الانتخابات النيابية من شأنها ان تريح الأجواء التي تمهد الطريق امام لارسن لإرساء مقاربة ناجحة بين الطائف وال1559 . إلا ان الأوساط نفسها عزت رغبة لارسن في التريث بإعداد تقريره الى ما بعد الانتهاء من الانتخابات الى عاملين اساسيين، الأول حرصه على منع الأطراف المحلية لا سيما المعارضة من استغلال ما سيتضمنه في حملاتها الانتخابية والثاني اعتباره ان سير العملية الانتخابية سيدخل في صلب تقريره وبالتالي يفترض بالحكومة تفادي الشوائب لتأمين نزاهتها لا سيما ان اي خلل سيدفع المجتمع الدولي الى رد فعل عملي لن يكون لمصلحة السلطة اللبنانية.