ثلاثون عاماً مرّت على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم وما زالت تعيش بيننا بأغانيها التي تحطم الارقام القياسية في المبيعات، فهي التي اضاءت النفوس واشعلت الحب ووعدت بالسعادة وعبّرت عن احلام العرب من المحيط للخليج وشَدَتْ لأفراحهم وأحزانهم من خلال رحلتها الفنية التي امتدت نحو ستة عقود قدّمت خلالها مئات الأغاني التي حظيت بشعبية هائلة، وعملت مع اشهر ملحني عصرها، وكانت حفلتها في الخميس الاول من كل شهر تلقى إقبالاً كبيراً من مختلف ارجاء العالم. وبعد مرور هذه الاعوام يبقى صوت كوكب الشرق يُطرب، ونبقى نكرر مع انفسنا"عظمة على عظمة يا ست"في ظل زمن الضوضاء الذي نعيشه حالياً. وتحتفل دار الأوبرا والتلفزيون المصري، خلال شهر شباط فبراير الجاري بالذكرى الثلاثين لرحيل سيدة الغناء العربي بتقديم حفلات غنائية في ثلاثة مسارح تابعة للأوبرا. وقد بدأت امس الاحد على المسرح الكبير بحفلة لفرقة عبد الحليم نويرة بقيادة المايسترو صلاح غباشي، وستقدم فرقة الموسيقى العربية حفلتين احداهما على المسرح الكبير في دار الاوبرا في 61 شباط فبراير الجاري، والثانية على مسرح سيد درويش في 42 في الاسكندرية، وخصصت الاذاعة المصرية الكثير من السهرات الغنائية، وبرامج عن سيرتها، واذاعة مسلسل"أم كلثوم"على إذاعة الشرق الاوسط يومياً. وُلدت أم كلثوم سنة 1906 وهناك مَنْ يؤرخ بميلادها سنة 1898 أو 1900 في قرية طماي الزهايرة. وتوفيت بعد مرض أَلَمّ بها في الثاني من شباط فبراير عام 1975 بعد أن تربّعت على عرش الغناء العربي، واستطاع صوتها أن يجمع كل شهر ملايين المستمعين العرب من المحيط الى الخليج. بدأت ام كلثوم حياتها الفنية بتأثيرات والدها ابراهيم السيد المغني الصوفي في الموالد، وشقيقها خالد الذي قيل أنه كان صاحب صوت جميل وعذب، والتقت في صِباها الشيخ ابو العلا محمد الذي مهّد لانتقالها الى الغناء العاطفي بعد أن غنت له مجموعة كبيرة من الألحان التي وضعها لأغانٍ صوفية بينها"افديه ان حفظ الهوى أو ضيعه"وأصبحت ام كلثوم من المطربات المعترف بهن منذ عام 1921 وكان من اشهر اغانيها في تلك الفترة"بين الغرام وبين القلب محكمة"، و"أقول لذات حسن روعتني"، وشهدت عشرينات وثلاثينات القرن الماضي منافسة بينها، وبين سلطانة الطرب منيرة المهدية، وفتحية أحمد. وأدى لقاؤها الطبيب عاشق الموسيقى أحمد صبري الى نقلة كبيرة في حياتها الفنية بعد أن لحن لها أكثر من ثلاثين اغنية، وتعرّفت خلالها الى الشاعر احمد رامي الذي رافقها في رحلتها الفنية الى نهاية حياتها. وفي الفترة نفسها التقت مع الموسيقارين محمد القصبجي ورياض السنباطي، وبعدهما بقليل الشيخ الموسيقار زكريا أحمد، والشاعر الشعبي الاكثر شهرة في تاريخ الشعر المصري بيرم التونسي. وفي الخمسينات وقع اختيارها على الموسيقار بليغ حمدي ليشاركها تألقها ثم التقت في الستينات الموسيقار محمد عبد الوهاب، بعد ان تدخل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ليمهد الطريق لهذا التعاون. وعلى رغم العلاقة المميزة التي ربطت ام كلثوم بالعائلة الملكية قبل ثورة عام 1952 في مصر وحصولها على لقب"صاحبة العصمة"وغنائها للملك فاروق فإنها احبت القيادة الجديدة للبلاد، وعبّرت عن ذلك وعن تبنيها القضايا الوطنية التي حملتها هذه القيادة في اغانيها. وتبرعت أم كلثوم بعد حرب حزيران يونيو 1967 بايرادات حفلاتها للمجهود الحربي، ودعم العلاقات المتضررة من الحرب. وقدمت ام كلثوم في الثلاثينات وحتى عام 1948 ستة افلام للسينما المصرية والعربية هي"دنانير"، و"وداد"،و"عايدة"، و"نشيد الامل"، و"سلامة"، و"فاطمة"، قدمت فيها مجموعة من الاغاني التي كتبها لها بيرم التونسي وأحمد رامي. وكانت ام كلثوم تزوجت من الموسيقار محمود الشريف إلا ان هذا الزواج لم يكتمل في نهاية الأربعينات بعد تدخل القصر الملكي لمنع تحقيقه، ثم تزوجت بعد سقوط الملكية من الطبيب حسن الحفناوي الذي كان يرتبط بعلاقة صداقة بها وبزوجها الأول.