سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيراك حضر حاملاً الغضب الدولي وبيرنز طالب سورية بانسحاب فوري والفيصل بكشف الجناة تجنباً "لما لا تحمد عقباه" عربياً ولبنانياً . لبنان بلا الحريري ... ومئات الآلاف ودعوه و"انتخبوه"
غرقت بيروت امس في احزان نحو 700 ألف لبناني شاركوا في وداع رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي ألهب اغتياله المشاعر في لبنان والعالم العربي. شيّع الحريري معارضاً وهو ما عكسه إصرار عائلته على رفض الجنازة الرسمية وما عكسته ايضاً الهتافات التي انطلقت خلال التشييع ضد السلطة وسورية. وعلّق عدد من المشاركين على الحشد غير المسبوق في تاريخ لبنان بأن المشيعين"بايعوه شهيداً وانتخبوه"في إشارة الى الانتخابات النيابية المتوقعة في النصف الثاني من نيسان ابريل المقبل. وبدا واضحاً ان اغتيال الحريري اطلق ازمة تتجاوز خطورتها حدود لبنان وهو ما أكدته تصريحات المسؤولين الأجانب الذين توافدوا لتعزية عائلته. وأعرب مصدر لبناني مطلع عن تخوفه قائلاً:"كشفت الجنازة عزلة السلطة وكشفت عمق الأزمة مع سورية وكشفت خسارة المعارضة للرجل الذي كان يمكن ان يعقلن خياراتها لاعباً دور صمام الأمان". واندفعت الجموع التي ودعت جثمان الحريري من منزله في منطقة قريطم، الى مثواه الأخير في حرم مسجد محمد الأمين الذي بناه على نفقته، وسط مزيج من الأسى والحزن والبكاء والقلق والثورة، واستغرقت مسيرتهم ساعتين وربع الساعة، وتميزت المشاركة الشعبية بتنوعها وتعددها، وبغياب الأطراف الموالية. إلا ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري حضر المأتم، الى جانب نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام وممثل الولاياتالمتحدة مساعد وزير الخارجية ريتشارد بيرنز وممثلين عن دول عربية عدة ابرزها مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن والجزائر والكويت والبحرين وقطر وممثل المجموعة الأوروبية مارك اوتي والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وتصدر قادة المعارضة اللبنانية الجنازة، وأبرزهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على رأس وفد من الجبل، والرئيس السابق امين الجميل وقادة"لقاء قرنة شهوان"فضلاً عن وفود مسيحية عدة. ولم يتخلل الجنازة اي حادث يذكر لكن إغماءات وحالات إعياء كثيرة سجلت، تولت فرق الإسعاف الكثيرة التي انتشرت على خط سير المسيرة، معالجتها. وتحول ضريح الحريري. الذي ووري الثرى بعيد الظهر، الى مزار ليلاً، امته وفود شبابية اضاءت حوله الشموع، وزاره موفدون اجانب وأفراد من العائلة. لكن التداعيات السياسية لاغتيال الزعيم الكبير، لم تدع يوم الوداع يمر من دون الإضاءة على التأزم اللبناني والخارجي الذي نقلت الجريمة الوضع إليه. فالرئيس الفرنسي جاك شيراك عبّر عن هذا التأزم بزيارته التي دامت ساعات عدة بالاكتفاء بلقاء عائلة الحريري، من دون الاجتماع الى اي مسؤول لبناني رسمي او سياسي والتقى مع زوجته برناديت، السيدة نازك الحريري وسائر ابنائه. وقال إنه حضر ليقدم احترامه"لرجل كان صديقي، ديموقراطياً عظيماً ورجل سلام ولأقدم تعازي الى عقيلته وعائلته ولأتضامن مع الشعب اللبناني إزاء الجريمة الشنيعة". وبقي شيراك طوال الوقت في دارة قريطم، ثم انتقل في العاشرة مساء مع زوجته والسيدة نازك الابناء لزيارة ضريح الحريري في وسط بيروت. وهناك احاطت بهم حشود هتفت لشيراك"فيف لا فرانس تيا فرنسا" بيرنز: ندرس الخيارات إلا ان التأزم السياسي انعكس ايضاً في مواقف اخرى. بيرنز الذي التقى وزير الخارجية محمود حمود، ثم البطريرك الماروني نصر الله صفير بعد مشاركته في التشييع، ثم زار آل الحريري، قال:"إن موت رفيق الحريري يجب ان يعزز الزخم من اجل لبنان حر سيد مستقل. وهذا يعني تطبيقاً فورياً لقرار مجلس الأمن 1559 وانسحاباً سورياً فورياً كاملاً من لبنان. وطالب ب"تحقيق جدي وذي صدقية في الاغتيال، لمصلحة الشعب اللبناني والمنطقة والمجتمع الدولي". وأبدى استعداداً لمساعدة السلطات اللبنانية في هذا المجال. لكن بيرنز اشار ايضاً الى"اهمية تطبيق القرار 1566"الذي يتناول تعاون الدول في مكافحة الإرهاب ويعطي مجلس الأمن صلاحية اتخاذ اجراءات. وقال إنه لا يعرف"من هو المسؤول عن هذا العمل الإرهابي البشع". معتبراً استدعاء السفيرة الأميركية في دمشق مارغريت سكوبي الى واشنطن"إشارة الى قلقنا المتصاعد إزاء سلوك سورية ولمراجعة عدد من الخيارات"، ومذكراً بقانون محاسبة سورية"الذي يتضمن مجموعة من التدابير". وأشار الى اهمية بيان مجلس المطارنة امس. اما الموقف الآخر المهم ايضاً فكان اعلان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من منزل الحريري انه قدم"التعازي باسم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد". أضاف:"القلب مليء والكلام لا يعبر عما فقده لبنان وما فقده اصدقاؤه، لكن النصيحة لهذا البلد ليظل الاستقرار، وسط المشاعر الملتهبة في لبنان وفي العالم العربي كله، ان يتم التحقيق السريع والوصول الى الجاني ومعاقبته وإلا فإن الأمور ستسير سيراً لا تحمد عقباه لا عربياً ولا لبنانياً". وفور خروجه قال للوزير السابق فؤاد السنيورة:"الله يبارك فيكم"فرد السنيورة قائلاً:"متكلون عليكم بالدعم". فقال له:"ستجدوننا بجانبكم متى اردتم". وصدر موقف متشدد من مجلس المطارنة الموارنة اكد ان"اغتيال الشهيد رفيق الحريري الذي جاء بعد الاغتيالات الكثيرة التي أودت بحياة الكثيرين من قادة الرأي في لبنان، ومن بينهم رئيسا جمهورية ورئيس وزارة، يدل الى خطة انتهجها النظام الديكتاتوري الذي تعوّد قطع رؤوس قادة الرأي في كل بلد يستهدفه ليبقى الشعب من دون قائد فيستساغ قمعه واستعباده. لقد انتهى هذا النظام حيث كان قائماً، لكنه لم ينته في المنطقة". وفي وقت شددت الوفود العربية والأجنبية التي شاركت في التشييع والتعزية على دعوة اللبنانيين الى الوحدة، ابلغ رئيس الجمهورية اميل لحود الأمين العام للجامعة العربية ان التحقيقات ستأخذ مجراها حتى لو اقتضت الاستعانة بخبراء تقنيين من الخارج. ومساء اعلن مصدر قضائي عن قرار"بتكليف جهاز الأدلة الجنائية اضافة الى المهمة الموكولة إليه الاستعانة بخبراء اجانب من الدولة السويسرية، اختصاصيين في حقلي المتفجرات والطب الجنائي لإجراء فحوصات من نوع"دي ان ايه"تسهيلاً لمهماته. وأضاف القرار:"نفقات الخبرة الأجنبية ستكون على عاتق الدولة اللبنانية على ألا يباشر الخبراء مهمتهم إلا بعد تحليفهم اليمين القانونية امامنا في المحكمة العسكرية". وفي دمشق تفاوتت ردود الفعل حول استدعاء واشنطن لسفيرتها مارغريت سكوبي للتشاور. فقال وزير الخارجية فاروق الشرع ان استدعاءها"فرصة لنقل مواقف دمشق الى الإدارة الأميركية. لكن وزير الإعلام مهدي دخل الله رأى في الخطوة ضغطاً جديداً على سورية".