كررت مستشارة الامن القومي للرئاسة الاميركية كوندوليزا رايس على مسامع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع والوفد المرافق له في برلين امس الموقف الاميركي الذي اعلنه وزير الخارجية كولن باول في الاردن اخيراً، فحضت الفلسطينيين على ضرورة اصلاح الاجهزة الامنية، كما اكدت ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة "بداية" الطريق، فيما عرض قريع عليها خطته الامنية التي تشمل وقفاً متبادلاً للنار وانسحاباً شاملاً من غزة يمهد لاستئناف المفاوضات وفق "خريطة الطريق". راجع ص 6 و7 ويأتي اللقاء في وقت تعيش مدينة رفح ومخيمها اجواء ترقب وقلق دفعت آلاف اللاجئين الى النزوح، خصوصاً بعد ورود انباء عن اجتياح اسرائيلي واسع ووشيك رافقه عزل المنطقة ووصول تعزيزات عسكرية اسرائيلية أخذت بالتقدم عبر الطريق الرئيسة التي تربط المدينة بخان يونس فيما المروحيات تحلق في سمائها. وارتفع عدد الشهداء منذ ليل الاحد - الاثنين الى خمسة، ثلاثة منهم في محاولة فاشلة للتسلل الى اسرائيل. ولاقت العمليات الاسرائيلية في رفح ادانات واسعة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي والمانيا والجامعة العربية ومنظمة "العفو" الدولية، في حين اكد وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث ان الفلسطينيين تلقوا تعهداً من رايس خلال لقاء برلين بأن "الاميركيين سيتخذون الآن اجراء لوقف ما يحدث في رفح". ومما رشح من تصريحات عقب لقاء رايس - قريع، تبدو المواقف من القضايا المطروحة على النحو الآتي: رايس طالبت الفلسطينيين باعادة تنظيم اجهزتهم الامنية كي تكون "قادرة على مكافحة الارهاب" ومنع "حركة المقاومة الاسلامية" حماس من السيطرة على غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي، مستبعدة اي دور للرئيس ياسر عرفات، بوصفه "عنصراً غير مساعد". كما دعت الفلسطينيين الى اغتنام "الفرصة التاريخية" للسلام المتمثلة ب"خطة الفصل" الاسرائيلية. اما التطمينات التي قدمتها الى قريع فتناولت التمسك باقامة دولة فلسطينية، وترك قضايا الحل النهائي للتفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين، والاهم التأكيد ان الانسحاب من غزة سيكون بداية الطريق، اذ صرحت بعد اللقاء: "اوضحنا للاسرائيليين ان خطة الفصل يجب ان تكون جزءاً من، او بداية لعملية وليست نهاية لها، وحافزاً للتحرك على الطريق نحو الحل القائم على دولتين، ونحن نعتقد انها مفيدة جداً". من جانبه، عرض قريع خطته السياسية الامنية، فطالب بوقف متبادل للنار وانسحاب شامل من قطاع غزة يشمل تفكيك كل المستوطنات على ان يكون ذلك جزءاً من "خريطة الطريق" التي شدد على التزامه التام بها، بما تتضمنه من التزامات امنية. وفي هذا الصدد، ابدى قريع استعداده لإعادة هيكلة الاجهزة الامنية حسب "خريطة الطريق" بدعم اميركي ومساعدة مصر والاردن. كما طالب برفع الحصار عن عرفات. وتضاربت التقويمات الفلسطينية للقاء، اذ فيما قال وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات انه "كان في العمق وبناءً وايجابياً" و"الحوار سيتواصل"، قالت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان اللقاء "لم يرق الى مستوى التطلعات الفلسطينية"، خصوصاً في ضوء المطالب الاميركية بإجراء اصلاحات امنية واستبعاد عرفات. اسرائيليا، رفض وزير الخارجية سلفان شالوم من عمان خطة قريع ووصفها في تصريحات لهيئة الاذاعة البريطانية بأنها "قنبلة موقوتة". واكدت مصادر اسرائيلية ان رايس طلبت من قريع التوقف عن مهاجمة خطة شارون والامتناع عن التقدم بخطة جديدة خاصة به، وبدلاً من ذلك تقديم اقتراحات ل"محاربة الارهاب" واقامة مؤسسات الدولة على أسس من الاصلاحات.