أنهى جيش الاحتلال الاسرائيلي بعد ظهر أمس الاثنين، عزل مدينة رفح ومخيم اللاجئين فيها عن بقية قطاع غزة، كما انهت تقسيم قطاع غزة الى اربعة اقسام، ليتسنى لقوات الاحتلال حصر القتال مع المقاومة الفلسطينية في مساحات محددة، ما يمهد لوقوع مذبحة ومزيد من تشريد السكان وسط صمت دولي تخترقه أصوات خجولة بين شجب واستنكار. وأفادت مصادر أمنية فلسطينية إضافة لشهود عيان أن المنطقة امتلأت بأعداد كبيرة جدا من الجنود والاليات العسكرية الاسرائيلية، فيما شوهدت مئات العائلات الفلسطينية تنزح عن بيوتها حاملة ما خف حمله من متاع في مشاهد مأساوية تذكر بالنكبة الفلسطينية التي تزامنت ذكراها ال 56 هذا الأسبوع. وحسب التقسيمة الجديدة للقطاع، تم فصل شمال القطاع بما فيه مدينة غزة عن بقية القطاع، وتم اغلاقه عند مفترق نتساريم، وكذلك عند المعبر البحري. وتم فصل مدينة دير البلح عن جنوب القطاع وعن خان يونس. كما اقيمت حواجز عسكرية تفصل بين مخيمات اللاجئين وتقطع اوصالها. اضافة الى الفصل بين خان يونس ورفح. كما استولت قوات الاحتلال على بيوت المواطنين الفلسطينيين من الجهة الجنوبية للطريق نفسها وتمترست فيها بزعم السعي الى منع مرور المسلحين ونقل الاسلحة من رفح الى خان يونس!. وحسب ما ورد عن مصادر عسكرية اسرائيلية فقد انجزت قوات الاحتلال جريمتها بعزل رفح عن بقية القطاع. يشار الى انه من الجهة الشمالية لرفح هناك جدار يمتد حول مستوطنات غوش قطيف ومن الجهة الجنوبية الغربية على الحدود مع مصر يمتد شريط فيلادلفي الحدودي ومن الشرق الحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948 (اسرائيل). وقالت المصادر الأمنية الفلسطينية: ان اجتياح الجيش الاسرائيلي قوبل بمقاومة شديدة من جانب المقاومة الفلسطينية، مما دفع قيادة الاحتلال الى زج قوات كبيرة في محيط المدينة من أجل القيام بعملية عسكرية هجومية واسعة النطاق وغامضة النتائج، تشمل اعتقالات ومحاولة العثور وهدم انفاق تدعي اسرائيل انه يتم من خلالها تهريب الاسلحة الى الفلسطينيين في القطاع. ونقل موقع صحيفة هآرتس الاسرائيلية الالكتروني عن ضابط في الجيش الاسرائيلي قوله: ان الغاية من هذه العملية الواسعة تكمن في تجفيف خط تهريب الاسلحة وتجفيف المصدر الاساسي للوسائل القتالية في القطاع. وعلى ضوء هذا الوضع نزح الاف الفلسطينيين خلال الأيام الثلاثة الماضية عن بيوتهم في رفح وهم يحملون ما تمكنوا حمله من امتعتهم. يذكر ان قائد اركان الجيش الاسرائيلي، موشيه يعلون، هدد الفلسطينيين امس بانه سيتم هدم مئات اخرى من بيوت الفلسطينيين.، بعد صدور قرار المحكمة الاسرائيلية العيا بالسماح لقوات الاحتلال بهدم بيوت الفلسطينيين. واوضحت المصادر ان الجيش الاسرائيلي ابلغ الجانب الفلسطيني باغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر حتى اشعار اخر مما ادى الى تقطع السبل بمئات المسافرين على معبر رفح من الجانب المصري. واتهم وزير الخارجية المصري احمد ماهر اسرائيل بانها تريد هدم قطاع غزة قبل الانسحاب منه. وقال للصحفيين في القاهرة: إن مصر تواصل اتصالاتها المكثفة مع مختلف الاطراف المعنية بما في ذلك الولاياتالمتحدة واسرائيل لوقف التدهور ونزيف الدم وعمليات الاجتياح والهدم التي تقوم بها القوات الاسرائيلية في غزة. واضاف ماهر: يبدو ان المشروع الاسرائيلي الاصلي هو ان يتركوا (الاسرائيليون) غزة في حالة فوضى عارمة لانهم لا يريدون التنسيق مع الجانب الفلسطيني حتى تنهار غزة والان هم يريدون ان يهدموها قبل الانسحاب منها. ووصف ماهر ما يجري في غزة بانه جرائم متتالية مؤكدا ان هدم كل هذه البيوت وتشريد الالاف من الاسر الفلسطينية فى العراء شىء يهون بجانبه الكثير من الجرائم التى يتحدث عنها التاريخ والتى تعطى كمثل لعمليات غير انسانية. وقال: انه اذا كان الغرض منها هو ضمان الامن فهي لا تحقق الامن واذا كان الهدف هو تخويف الشعب الفلسطيني فانه لن يخاف. وصرح السفير الفلسطيني لدى جامعة الدول العربية محمد صبيح أمس بان مجلس جامعة الدول العربية سيعقد اليوم الثلاثاء اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين بناء على طلب فلسطين لمناقشة الاوضاع المتدهورة في الاراضي الفلسطينية. وقال: ان الهدف من هذ1 الاجتماع هو الحصول على الدعم العربي قبل ان تقدم فلسطين اليوم الثلاثاء مذكرة الي مجلس الامن حول العدوان الاسرائيلي المستمر على غزة ورفح ومدن وقرى الضفة الغربية. وفي بروكسل دعا وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في نهاية اجتماعهم في العاصمة البلجيكية اسرائيل الى التوقف فورا عن عمليات هدم المنازل لأنها تعتبر عملا غير متوازن ومناقض للقانون الدولي ولواجبات اسرائيل التي ذكرت بها اللجنة الرباعية حول الشرق الاوسط في اخر اجتماع لها في الرابع من مايو. كما دعت منظمة العفو الدولية اسرائيل الى وقف عمليات تدمير المنازل وأراضي الفلسطينيين، وطالبت الولاياتالمتحدة بوقف بيع او نقل اسلحة وتجهيزات تستخدم في الهدم غير القانوني للبيوت وفي اي انتهاكات اخرى لحقوق الانسان في فلسطينالمحتلة. وقال بيان صادر عن المنظمة: انه خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الاخيرة قامت القوات الاسرائيلية بهدم اكثر من 3 الاف منزل تاركة عشرات الالاف من الرجال والنساء والاطفال بلا مأوى و مصدر للرزق. واكدت المنظمة ان التدمير غير المبرر لالاف المنازل المملوكة لفلسطينيين ولعرب اسرائيليين بالاضافة الى مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية بلغ حدا غير مسبوق ويجب ان يتوقف فورا. واشار البيان الى انه طبقا للامم المتحدة فان اكثر من 2000 منزل تم تدميرها في غزة خلال السنوات الثلاث الاخيرة اضافة الى 10% من مساحة الاراضي الزراعية، وفي الضفة الغربية تم تدمير 600 منزل وشيد 90% من الجدار الاسرائيلي على اراض محتلة. وبدون جدوى، كرر الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان دعوته لاسرائيل من أجل وقف تدمير منازل الفلسطينيين. وقال للصحفيين: اطلب من الحكومة الاسرائيلية وقف هذا التدمير المخالف" للقوانين الدولية لحماية حقوق الانسان. وبعد ذلك اصدر الناطق باسمه فريد ايكهار بيانا اعرب فيه عن الاسف لفقد 2200 شخص منازلهم خلال النصف الاول من مايو الجاري اثر عمليات التدمير التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي. وجاء في البيان: يجب على اسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ان توقف فورا هذه الاعمال التي تعتبر عقوبات جماعية. وفي برلين، اعرب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع أمس عن تفاؤله حيال فرص استئناف عملية السلام في الشرق الاوسط بعد سلسلة المباحثات التي اجراها في برلين مع مستشارة الرئيس الامريكي للامن القومي كوندوليزا رايس ومسؤولين المان.وقال قريع في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر: ان اجتماعه صباح أمس مع كوندوليزا الذي استمر قرابة ساعتين ربما يمكن ان يشكل الاساس لمخرج من الوضع المعقد الذي نوجد فيه وذلك بالنسبة للطرفين، الفلسطينيين خاصة والاسرائيليين ايضا. وقبل أربعة أيام كان قريع قد التقى في عمان بوزير الخارجية الاميركي كولن باول في اول لقاء له مع مسؤول اميركي كبير منذ توليه مهامه في خريف 2003. واوضح قريع ان رايس اكدت له خلال مباحثاتهما ان الولاياتالمتحدة متمسكة بخارطة الطريق التي وضعتها منذ حوالي عام اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط (الاممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا). وقد ايد قريع في برلين الخطة الاسرائيلية بالانسحاب من قطاع غزة مشترطا ان يكون الامر انسحابا منظما في اطار خارطة الطريق. من جانبها دعت مستشارة الامن القومي رئيس الوزراء الفلسطيني الى ما سمته، اغتنام الفرصة التاريخية للسلام المتمثلة في الخطة الاسرائيلية للانسحاب من قطاع غزة. وقالت رايس للصحافيين في اعقاب اجتماعها مع قريع: نعتقد في الحقيقة ان لا شيء خطأ في خطوات احادية الجانب تذهب في الاتجاه الصحيح. من جهته قال المستشار الالماني غيرهارد شرودر لدى استقباله قريع ان اعلان الانسحاب من قطاع غزة امر ايجابي ندعمه بكل وضوح لكننا نشدد على ان هذه العملية يجب ان تكون منسقة لكي تتكلل بالنجاح واللجنة الرباعية عرضت مساعدتها في هذه العملية.