على رغم التحركات الديبلوماسية الواسعة التي تبذلها الولاياتالمتحدة ومصر لإعادة عملية السلام الى سكتها، اكدت مصادر اسرائيلية اصرار رئيس الحكومة ارييل شارون على "عدم التنسيق" مع السلطة الفلسطينية في شأن الانسحاب من قطاع غزة خلال لقائه المرتقب مع نظيره الفلسطيني احمد قريع، ونقل عن مصادر ديبلوماسية اسرائيلية قولها ان لقاء قريع - شارون "لن يتطرق الى خطة الانسحاب ولا حتى بكلمة واحدة". وعكس هذا التوجه الاسرائيلي نفسه على تصريحات الرئيس ياسر عرفات أمام المجلس التشريعي الفلسطيني التي حملت تناقضاً، في دعوته من جانب الى "اتفاق فوري" يقضي بانسحاب اسرائيل الى خطوط ما قبل اندلاع الانتفاضة في 28 ايلول سبتمبر عام 2000، وفي الوقت ذاته ترحيبه بخطة الانسحاب الاسرائيلية من قطاع غزة "بالتزامن مع انسحابات مماثلة في الضفة الغربية". وقبل اسبوع واحد فقط من اجتماعه "الحاسم" مع اعضاء حكومته من حزب "ليكود" الذي يرأسه للحصول على تأييدهم لخطته، نجح شارون باشغال أطراف اللعبة الاقليمية والدولية، خصوصاً اميركا، بهذه الخطة، اذ قدم المبعوثون الاميركيون الثلاثة ستيف هادلي واليوت ابرامز ووليام بيرنز ما لا يقل عن 30 سؤالاً "استفسارياً" عن هذه الخطة خلال لقائهم شارون بعد ظهر امس بعدما كان السفير الاميركي لدى تل ابيب دان كيرتسر ارسلها للإدارة الاميركية. ويطلب الاسرائيليون اعترافاً اميركياً بضم ثلاث كتل استيطانية كبيرة في مقابل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة. واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية على موقعها في الانترنت ان محادثات شارون وضيوفه الاميركيين تناولت "العلاقة بين عدد المستوطنات التي تنوي اسرائيل اخلاؤها وعمق الاعتراف الاميركي بالكتل الاستيطانية الكبيرة التي تنوي اسرائيل ضمها اليها"، وهي "غوش عتصيون" و"معاليه ادوميم" جنوبالقدس وشرقها و"ارييل" شمال الضفة الغربية. وذكرت المصادر ان السؤال الأول على شفاه الاميركيين هو "ما هو عدد المستوطنات" المنوي اخلاؤها. ويدور النقاش الاسرائيلي - الاميركي عن طبيعة "الحدود الموقتة" للدولة الفلسطينية العتيدة التي يريدها شارون في اطار تسوية "طويلة الأمد" لا تطالبه الادارة الاميركية خلالها باجراء مفاوضات مع الفلسطينيين. واكد وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم اصرار حكومته على تجاهل السلطة الفلسطينية في هذه العملية من خلال تصريحات أدلى بها الى الاذاعة الاسرائيلية من القاهرة حيث التقى الرئيس حسني مبارك. وقال ان الانسحاب الاسرائيلي "سيتم بالتنسيق مع مصر والولاياتالمتحدة" من دون ذكر السلطة الفلسطينية. جاء ذلك غداة ما كشفه المعلق العسكري الاسرائيلي في صحىفة "يديعوت احرونوت" العبرية اليكس فيشمان "تفاهمات" اسرائيلية - مصرية تحدد الدور المصري في تحقيق الاستقرار في القطاع. وكتب فيشمان ان هذه التفاهمات نوقشت خلال زيارة قام بها مسؤول الاستخبارات المصرية عمر سليمان الى اسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية الاسبوع الجاري. واشار الى انه بموجب هذه التفاهمات "سيتم تجنيد اجهزة الاستخبارات المصرية للقيام بنشاطات سرية في قطاع غزة تهدف الى جمع معلومات وتعقب الجهات التي يحتمل قيامها بتشويش الاستقرار في القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي منه". وأوضح ان سليمان عمل خلال زيارته على "دفع خطة فك الارتباط الأحادية الجانب بشكل لا يؤدي الى انتشار الفوضى في القطاع ويساعد على استئناف خريطة الطريق". وتشمل "التفاهمات" الأسس الآتية: - تدعم مصر الانسحاب الاسرائيلي الكامل من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات كجزء لا يتجزأ من "خريطة الطريق". - مصر لن تتحمل المسؤولية عن الاستقرار في القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي، لكنها مستعدة للمساعدة في تحقيقه. - تنظر مصر الى الحدود المشتركة بينها وبين قطاع غزة ك"مسألة طبيعية" ولذلك يجب على اسرائيل ان تخلي محور "فيدلفي" اي الشريط الحدودي. - تطالب مصر بتعديل ملحق معاهدة السلام الاسرائيلية - المصرية كي يتاح لها تعزيز قواتها المسلحة ووسائل اخرى تتيح السيطرة الجيدة على امتداد الخط الحدودي. - الحدود بين مصر والقطاع تكون مغلقة ويتواصل اخضاعها للمراقبة الكاملة من السلطات المصرية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية. - تبدي مصر استعدادها لتدريب قوات فلسطينية وارسال قوات من جهاز الاستخبارات الى القطاع للقيام بأعمال مراقبة كي يتسنى لها متابعة "ما يحدث من نشاطات سرية" في القطاع. وكانت صحيفة "معاريف" العبرية انفردت في نشر "مسودة" خطة "فك الارتباط" الاسرائيلية كما وضعها مسؤول جهاز الأمن القومي الاسرائيلي اغيورا ايلاند وتضمنت مقدمتها "توصيات" شارون التي يجب ان يكفلها تطبيق هذه الخطة. وتشمل التوصيات "تحسين الأوضاع الأمنية على مدى زمني طويل، ومنع شرخ في المجتمع الاسرائيلي، وتجنيد دعم دولي، وتجنيد دعم "سلبي على الأقل" من مصر والأردن للخطة، وعدم المس بواجب الفلسطينيين لتطبيق المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق أي محاربة التنظيمات الفلسطينية وخلق احساس بالخسارة لدى الفلسطينيين لرفضهم التسوية". اما مسودة الخطة ذاتها فتتضمن أربعة خيارات محتملة ذكرت الصحيفة ان الطاقم الاسرائيلي برئاسة آيلاند يميل الى اعتماد الثالث منها والذي يتحدث عن "خطوة واسعة" تقضي بإخلاء أربع مستوطنات معزولة شمال الضفة الغربية واخلاء قطاع غزة بالتوازي في اطار المرحلة الأولى على ان يعقبها انسحاب اسرائيلي آخر في الضفة يتمثل بإخلاء ما بين 15 و20 مستوطنة، وفي المقابل لا تطالب اميركا اسرائيل باجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية.