أثارت اتهامات صحيفة "معاريف" العبرية لرئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون بأن علاقات تجارية قديمة مع حمي الأسير السابق لدى "حزب الله" الحنان تننباوم أثرت على قراره قبول صفقة تبادل الأسرى مع "حزب الله"، مجدداً مسألة ثقة الاسرائيليين برئيس حكومتهم وأعادت الى الأذهان قضايا من الماضي القريب والبعيد تورط فيها شارون بعدم قول الحقيقة أو تزويرها فباتت صفة "ليس ذا صدقية" أو ليس أميناً ملازمة له في كل قضية جنائية تنسب اليه. وأعادت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها أمس الى الأذهان التساؤل الذي طرحه رئيس الوزراء الاسرائيلي الأول في خمسينات العقد الماضي ديفيد بن غوريون عما إذا فُطم شارون الضابط في حينه عن قول اللاحقيقة. وكتبت ان صدقية شارون وحصافته قيد الامتحان الآن وقالت ان البُعد الجديد الذي كشفت عنه صحيفة "معاريف" أول من أمس هو ظل اضافي الى الكشف السلبي عن قضايا اخرى فضلاً عن قضية تننباوم التي تنطوي على ارتكاب شارون مخالفات جنائية وعن حياته الخاصة. وزادت ان "مسألة ثقة الاسرائيليين بشارون باتت أهم من معرفته السابقة بوالد زوجة تننباوم، وهذه المسألة، كما هو معلوم تلاحق شارون منذ سنوات الخمسينات". ورأى المعلق في الشؤون الحزبية في الصحيفة يوسي فرطر ان الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان شارون، عبر نفيه القاطع ان يكون على علم بصلة القربى بين الأسير السابق وشريك زوجته في المزرعة في النقب "حفر قبره السياسي بيده، اذ ان من شأن أي نشر موثوق أو خبر صحيح يثبت ان رئيس الحكومة كذب على وزرائه في قضية غاية في الحساسية وذات ابعاد قيمية واخلاقية وقومية وأمنية ان يُنزل به وصمة عار لن تتيح له مواصلة جلوسه على كرسي رئاسة الحكومة لفترة طويلة". غالبية الاسرائيليين لا تصدق شارون واختارت صحيفة "معاريف" عنوان "مسألة ثقة" لنتائج استطلاع للرأي أجري لحسابها أفادت ان 47 في المئة من الاسرائيليين لا يصدقون شارون في قوله انه لم يكن على علم بصلة النسب بين شريك زوجته في المزرعة شمعون كوهين وصهره تننباوم، فيما قال 26 في المئة انهم يصدقونه، ولم يبد 27 في المئة رأياً في الموضوع. ورأى 42 في المئة مقابل 41 ان العلاقات بين عائلتي شارون وتننباوم أثرت على اقرار صفقة التبادل. وتقاربت نسبة الاسرائيليين الذين دعوا شارون الى الاستقالة في حال ثبت انه عرف بالعلاقة واخفاها عن وزرائه والجمهور 43 فى المئة ونسبة الذين رأوا ان اثبات ذلك لا يستوجب استقالته 43 في المئة. وبينما جندت الصحيفة عائلة الطيار المفقود رون اراد لتهاجم شارون على خلفية العمل الحثيث من اجل الافراج عن تننباوم في مقابل التخلي عن ابنها واصفة الثمن الذي تلقته اسرائيل في الصفقة "زهيداً"، نجح شارون في حشد دعم كبرى الصحف "يديعوت احرونوت"، التي تدور حرب ضروس بينها وبين "معاريف" لتفرد لتصريحاته صفحاتها الأولى حيث شن فيها حرباً على "معاريف" من دون ذكرها مباشرة، معتبراً حملة الصحيفة ضده "فرية حقيرة غير مسبوقة" بل اسوأ من الهجوم الذي تعرض له قبل 22 عاماً على خلفية توريط اسرائيل في الحرب على لبنان، مضيفاً ان من يعتقد ان الافتراءات ستؤثر على مشاريعه يخطئ. وتنقل الصحيفة عن أوساط قريبة من شارون تلميحها الى وقوف جهات يمينية متطرفة وراء الحملة ضده "بهدف اجهاض خطته لفك الارتباط مع الفلسطينيين والانسحاب من مستوطنات في غزة والضفة الغربية"، وهو ما نفاه قادة المستوطنين ونواب من أقصى اليمين جملة وتفصيلاً. وقالت مصادر صحافية ان القريبين من شارون مدركون للأضرار التي تسببها النشر في "معاريف" لمكانة شارون لدى الرأي العام الاسرائيلي و"لحقيقة ان صدقيته غاصت في حضيض جديد". تننباوم اجتاز عموماً فحص الكذب في غضون ذلك، أفادت وسائل الاعلام العبرية ان تننباوم اجتاز "بشكل عام" الفحص بجهاز كشف الكذب وانه قال الحقيقة في كل ما يتعلق بملابسات استدراجه الى لبنان أي انه سافر الى دبي لإتمام صفقة مخدرات كبيرة وهناك خطف ونقل بعد تخديره الى لبنان، فيما لم تكن الأجوبة على عدد من الأسئلة "المعقدة" قاطعة في وضوحها، لكن الاستنتاج العام لدى المحققين ان تننباوم لم يفش بأسرار أمنية حساسة ل"حزب الله" انما نقل اليه معلومات عسكرية عامة لا تمس أمن الدولة العبرية، وانه لم يكن على اتصال سابق مع الحزب، واضافت ان استجواب تننباوم سيستمر اسبوعاً آخر يقدم في نهايته المحققون تلخيصهم للمستشار القضائي للحكومة للبت في تقديم لائحة اتهام ضد الأسير السابق أو عدمه. وأمس، رفضت المحكمة العليا النظر في التماس نائبين في الكنيست لإلغاء الصفقة المبرمة بين النيابة العامة وتننباوم القاضية بإطلاقه في حال ثبت انه لم يكن على علاقة تخابر مع "حزب الله"، فيما استعرض رئيس جهاز الاستخبارات العامة شاباك آفي ديختر امام لجنة شؤون الاستخبارات البرلمانية آخر مستجدات التحقيق مع تننباوم وسلوك الاجهزة الأمنية المختلفة في القضية ومبررات عقد الصفقة المذكورة معه. وأصر رئيس اللجنة يوفال شطاينتس على موقفه الداعي الى تشكيل لجنة تحقيق خاصة.