مر يوم التظاهر الطلابي بسلام وهدوء امس، فسمحت القوى الامنية للطلاب المنتمين الى تنظيمات سياسية معارضة متعددة بالخروج من الجامعات لكن في شكل مقنن، وواكبتهم، لكن بعد ان ادت التدابير التي اتخذتها على مداخل العاصمة بيروت الى محاصرة المدينة للحد من عدد الذين تمكنوا من الوصول الى مراكز التجمع المحددة لهم. راجع ص 7 وتمكن نحو 4 آلاف طالب من التظاهر عند المتحف الوطني، قرب المقر الدائم لاجتماعات مجلس الوزراء، وجلّهم من طلاب "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد ميشال عون والذي كان بادر الى الدعوة للتظاهر لمناسبة ذكرى استقلال لبنان. وانضم اليهم طلاب "القوات اللبنانية" و"حزب الوطنيين الاحرار" و"القاعدة الكتائبية". ورفع هؤلاء لافتات راوحت بين تأييد قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 الذي يدعو الى انسحاب القوات غير اللبنانية، وحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية. كما رفع بعض هؤلاء لافتات وأطلقوا هتافات تدعو الى الانسحاب السوري من لبنان واستعادة السيادة، اما طلاب "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط و"اليسار الديموقراطي" فتظاهر بضع عشرات منهم امام السرايا الحكومية في وسط بيروت التجاري لتمييز موقفهم عن دعم التيار العوني للقرار الرقم 1559 ورفعوا شعارات ضد "حكومة الاجهزة" ومع "استقلال سورية عن لبنان". وحصلت التظاهرات الطلابية في وقت كان البطريرك الماروني نصرالله صفير ينتقل الى القصر الجمهوري في اول زيارة له لرئيس الجمهورية اميل لحود بعد تمديد ولايته ثلاث سنوات. وقال صفير ان تعاونه مع لحود "سيبقى كما هو" وأشار الى ان "التظاهرة حصلت والجميع راضون". وكان رئيس الحكومة عمر كرامي ووزير الداخلية سليمان فرنجية لوّحا بمنع التظاهرة لأن منظميها لم يطلبوا ترخيصاً رسمياً، لكن القوى الامنية واكبتها خصوصاً ان الطلاب تجنبوا الاحتكاك بهذه القوى التي أدت حواجزها عند مداخل بيروت منذ الصباح الى حشر المواطنين في ازمة سير خانقة منعت الكثيرين من الوصول الى اعمالهم فضلاً عن عدم وصول طلاب كثر للمشاركة في التظاهر. وأصدرت المنظمات الطلابية اليمينية واليسارية مجتمعة بياناً مساء توقف عند "الهستيريا الامنية وحال الطوارئ غير المعلنة"، ورأى ان "الدولة الامنية اصبحت امراً واقعاً..." ورأت التنظيمات الطلابية الستة ان التظاهرات كرست حق الناس بالتظاهر. كما اكدت "استمرارها في التحرك لتعرية هذا النظام الذي يفقد شرعيته في 24 الجاري بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية". وجاءت تظاهرات الامس في ظل توتر بين الدولة اللبنانية والسفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان وتصريحاته عن وجوب تنفيذ لبنان القرار الدولي الرقم 1559 وانسحاب القوات السورية ووقف نشاط "حزب الله" جنوباً. وطلب مجلس الوزراء اول من امس من وزير الخارجية محمود حمود اصدار مذكرة الى السفراء الاجانب بضرورة اعتماد الاصول في زياراتهم وتنقلاتهم داخل لبنان عبر ابلاغ وزارة الخارجية بلقاءاتهم مع أفرقاء داخليين. وجاء الطلب بناء الى اقتراح من وزير العمل عاصم قانصوه ووزير البيئة وئام وهاب، أيده الرئيس كرامي. وقال احد الوزراء ل"الحياة": "ان تصريحات فيلتمان وتظاهرة الامس خلقت اجواء تهدف الى جر السلطة للاصطدام بالمتظاهرين ونحن لم نستدرج لهذا الفخ". وأمس هاجم الامين العام ل"حزب الله" السفير الاميركي قائلاً: "اذا كان الاميركيون يعتبرون ان كل مواصفات الارهاب تنطبق على "حزب الله"، فهذه شهادة من الشيطان الاكبر لا يمكن ان تسوءنا". أضاف: "المصيبة ان هناك انظمة ودولاً وأحزاباً ونخباً وناساً يراهنون ويحسنون الظن بأميركا ويقولون ان هناك تقاطع مصالح...". وسأل: "من الذي نهب ثروات الشعوب وماذا فعلت اميركا عندما كانت اسرائيل تعتدي على لبنان بالطائرات؟"، واعتبر ان تحرك فيلتمان "هدفه الاملاء، بوقاحة... والذين ينتقدون التدخل السوري ويسكتون على التدخل الاميركي والفرنسي فليقفوا ويقولوا انهم ضد التدخل الاميركي". ورأى ان "السفراء يحرضون اللبنانيين على الفتنة ضد بعضهم. فمن يثق بأميركا ستصرعه ولطالما تخلت عن ادوات لها في العالم".