أظهرت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس ملامح استراتيجية مختلفة في التعاطي مع الهجوم الاسرائيلي الموسع على شمال قطاع غزة، عندما اعلنت استعدادها وقف اطلاق صواريخ "القسام" باتجاه أهداف اسرائيلية وراء "الخط الاخضر" شرط توقف الاعتداءات الاسرائيلية على غزة. يأتي ذلك في وقت اعلنت الحكومة الفلسطينية حال "الطوارئ القصوى" لمواجهة "العدوان الاسرائيلي الوحشي واللاانساني" كما وصفه الرئيس ياسر عرفات الذي دعا "العالم اجمع الى وقف العدوان الاسرائيلي العنصري". طالب الرئيس ياسر عرفات المجتمع الدولي و"العالم اجمع بالتدخل لوقف العدوان العنصري الاسرائيلي واللاانساني والوحشي على الشعب الفلسطيني" خصوصاً شمال قطاع غزة الذي يتعرض لليوم الخامس على التوالي لأعنف هجوم اسرائيلي منذ اربع سنوات. وقال خلال اجتماع للحكومة في مقره في رام الله: "اناشد العالم التحرك الفوري والسريع لوقف هذه الجرائم العنصرية، وأوجه ندائي الى اخواننا في قوى السلام في إسرائيل". وأعلنت الحكومة الفلسطينية شمال القطاع منطقة "منكوبة" وشكلت لجنة وزارية "للبحث في متطلبات صمود الفلسطينيين ومساعدتهم" لمواجهة العدوان، كما قال رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء الذي قطع زيارة كانت مقررة لروسيا عائداً من العاصمة الاردنية. وبموازاة ذلك، ووسط تردد اسرائيل في شأن اقتحام كامل لمخيم جباليا في سبيل توسيع نطاق هجومها لإقامة حزام عسكري أمني بعمق تسعة كيلومترات شمال قطاع غزة، تكشفت ملامح استراتيجية جديدة لحركة "حماس" عبّرت عنها تصريحات مسؤوليها العسكريين الميدانيين والسياسيين الذين سعوا الى خلق "توازن رعب" في ظل الخلل العسكري الواضح ما بين المقاتلين الفلسطينيين ووسائل القتال البدائية التي بحوزتهم وترسانة الجيش الاقوى في الشرق الاوسط. وبينما هددت مجموعة من عناصر "كتائب عزالدين القسام" الجناح العسكري ل"حماس" في مؤتمر صحافي غير مألوف بضرب مدينة عسقلان الساحلية التي تبعد 15 كيلومتراً عن شمال غزة وبمواصلة اطلاق الصواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية رغم الاحتلال الاسرائيلي للمنطقة، أكد أحد قادة الحركة السياسيين اسماعيل هنية والناطق باسمها سامي ابو زهري ان الحركة على استعداد لوقف اطلاق هذه الصواريخ "اذا توقف العدوان الاسرائيلي على شمال القطاع". وقال ابو هنية في مؤتمر صحافي في غزة ونقل تفاصيله موقع الكتروني قريب من "حماس" ان الاخيرة ستوقف اطلاق الصواريخ، نافياً أن تكون اسرائيل هاجمت القطاع بسبب صواريخ "القسام"، وقال: "أكدنا مراراً ان اطلاق الصواريخ مرتبط بالعدوان الاسرائيلي على شعبنا، واذا ما توقف العدوان سيتوقف سقوط الصورايخ". وصرح ابو زهري بالموقف ذاته. ورأى مراقبون ان "حماس" التي اعلنت "خطة متكاملة لصد العدوان" واظهرت في الأيام الخمسة الماضية قدرتها على الإمساك بزمام الأمور ميدانياً واستخدمت "تكتيكات" حربية محسوبة بعيدة عن "التهور والاستعراض"، تحاول استثمار "الصمود الميداني" لخلق قواعد جديدة ل"اللعبة". وتسعى "حماس"، في ما يبدو، الى "تنظيم" ادارة المعركة الاعلامية وليس العسكرية فقط. وتمثّل ذلك في المؤتمر الصحافي "غير المألوف" الذي عقده عدد من مقاتليها داخل احد مساجد مخيم جباليا حيث اعلنوا ان عدد المقاتلين الذي قتلوا في المعركة في يومها الخامس بلغ 20 مقاتلا، 15 منهم من "كتائب القسام" التابعة لها، موضحين ان ضحايا الحرب الاسرائيلية من المدنيين الفلسطينيين تجاوزوا ال31، وذلك ردا على تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الذي قال إن الجيش الاسرائيلي قتل 40 "ارهابياً". صاروخ "الياسين" الأكثر تطوراً وكشف المقاتلون للمرة الأولى عن صاروخ "اكثر تطوراً" من صواريخ "القسام" البدائية واطلقوا عليه اسم "الياسين" نسبة الى الزعيم الروحي لحركة "حماس" الشيخ احمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل بداية العام الحالي. وأكد هؤلاء ايضاً ان اطلاق الصورايخ سيتواصل وهددوا بضرب عسقلان حتى الآن كانت ما تزال بعيدة عن مدى "القسام". وبدا ايضاً ان اسرائيل دخلت في "اللعبة الاعلامية" نفسها عندما هدد مصدر في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون ب"توسيع نطاق العمليات" اكثر مما اعلن عنه حتى الآن "اذا تواصل اطلاق الصواريخ". المنطقة العازلة وكان الجيش الاسرائيلي اعلن انه سيقيم حزاما عسكريا يشكل "مناطق عازلة" بعمق تسعة كيلومترات في قطاع غزة الذي لا يزيد طوله عن 43 كيلومتراً وعرضه ما بين سبعة كيلومترات في الشمال ويتسع ليصل الى 13 كيلومترا في الجنوب. وحسب الفلسطينيين، فإن ذلك يعني احتلال شمال القطاع بالكامل حتى حدود مدينة غزة، أي احتلال كامل مخيم جباليا الذي يؤوي 106 آلاف فلسطيني والذي قتل من ابنائه خلال ايلول سبتمبر الماضي 50 فلسطينياً معظمهم خلال تنفيذهم هجمات. وسجل الشهر المذكور مقتل 119 فلسطينياً.