أطلقت اسرائيل العنان لحربها ضد الفلسطينيين شمال قطاع غزة تحت عنوان "ايام الندم"، رغم اعتراف المستويين العسكري والسياسي باستحالة وقف اطلاق صواريخ "القسام" البدائية. واختارت الحكومة التركيز على دلالة الاسم الذي اطلقته على العملية العسكرية من خلال فرض عقوبات جماعية على أكثر من 100 الف لاجئ يقطنون مخيم جباليا للاجئين الذين كرر أعلى الهرم في المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، وزير الدفاع شاؤول موفاز، للمرة الثانية خلال اقل من 24 ساعة، ضرورة "ان يدفعوا ثمنا باهظا" لاحتضانهم المقاومة. ودفع الجيش الاسرائيلي بنحو 100 دبابة الى الطريق الواصل ما بين بيت حانون، مدخل غزة الشمالي، وصولا الى مشارف مخيم جباليا منذ ساعات فجر الجمعة، فيما تواتر وصول ارتال من الدبابات والمجنزرات التي وصل عددها الى نحو 200 دبابة ترافقها عناصر كتيبتين، الى حاجز "ايريز" العسكري استعدادا لاحتلال ارض بعمق تسعة كيلومترات تشكل مدى صواريخ "القسام"، بهدف منع سقوطها وراء المنطقة الحدودية. عملية على غرار "السور الواقي"؟ وفيما أكدت مصادر اسرائيلية مختلفة ان الجيش لن يتمكن من تحقيق هدفه المعلن بمنع اطلاق صواريخ "القسام"، مشيرة الى ان "قوتها تكمن في بدائيتها وضعفها"، كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ان الجيش لجم اندفاع رئيس الوزراء آرييل شارون ورفض طلبه تنفيذ عملية شمال القطاع على غرار عملية "السور الواقي" التي اجتاح خلالها الضفة عام 2002. وذكرت المصادر ان مسؤولي "جهاز الامن الاسرائيلي اوضحوا لشارون ان عملية على هذا المستوى من شأنها ان تلحق خسائر كبيرة في صفوف الجنود". واضافت ان شارون وافق في النهاية على خطة الجيش تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق من دون تحديد سقفها الزمني. وتشمل هذه العملية ملاحقة الضالعين في صنع "القسام" واطلاقها. واشارت الى ان الجيش اعد "قائمة سوداء بأسماء الذين سيلاحقهم من بيت الى بيت ويقتلهم". وفي ما بدا تنفيذا لاقتراحات وزير المال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو التي طرحها في اجتماع المجلس الوزاري الامني المصغر ليل الخميس - الجمعة بقطع الكهرباء والماء عن مخيم جباليا كما حدث في لبنان لمنع سقوط صواريخ الكاتيوشا، و"حراثة الشوارع" على غرار ما ارتكبه الجيش في الضفة، تزايدت نداءات الاستغاثة المنطلقة من منازل الفلسطينيين في المخيم بعد ان انقطع الماء والكهرباء عنهم وحاصرتهم الدبابات ببيوتهم. قذائف مسمارية و10 شهداء وشملت نداءات الاستغاثة التي انطلقت من محطات الاذاعة المحلية مرضى نفدت ادويتهم وامهات طالبن بالحليب لاطفالهن بعد ان حوصرن في بيوتهن. واكد شهود ان جنود الاحتلال المحصنين داخل دباباتهم عمدوا الى اطلاق قذائفهم المسمارية المحرمة دوليا على اي تجمع يلحظونه. واشاروا الى ان دبابة اسرائيلية اطلقت القذائف مرتين على الاقل باتجاه مجموعتين من الفلسطينيين احداهما قرب مسجد المخيم حيث كان المواطنون متوجهين لاداء صلاة الجمعة ما ادى الى مقتل ثلاثة فلسطينيين، والثاني في حي تل الزعتر حيث قتل ثلاثة اخرون من بينهم طفلان. واستشهد شاب سابع متأثرا بجروح اصيب بها اول من امس الخميس فيما قتلت القوات الاسرائيلية ثلاثة فلسطينيين آخرين جميعهم من قوات الامن الفلسطينية داخل مقر الضيافة التابع للرئيس الفلسطيني قرب بيت حانون. وقالت مصادر اسرائيلية انها قتلت الثلاثة وهم في طريقهم لتنفيذ عملية وانهم "تنكروا بزي الشرطة الفلسطينية". وبذلك ارتفع عدد شهداء الجمعة حتى اعداد هذا التقرير الى 10 ليصل عدد الشهداء منذ بدء العملية العسكرية الى 42 فلسطينيا. ولم يعرف حتى الان عدد المنازل التي هدمتها الدبابات الاسرائيلية على مداخل مخيم جباليا المكتظ، غير ان محافظة غزة طالبت العائلات المشردة بالتوجه الى اقرب مكان واستئجار شقق سكنية على ان تتكفل المحافظة بدفع الايجار. "لا يوجد حل لصواريخ القسام" وتشير المجريات العسكرية الاسرائيلية على الارض الى تردد اسرائيلي في شأن جدوى العملية العسكرية الاسرائيلية، اذ اطلق محللون عسكريون اسرائيليون تصريحات تؤكد "عدم رغبة الجيش في الغرق في مستنقع غزة"، فيما نفى رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الانباء التي تحدثت عن استدعاء قوات الاحتياط لمساندة الجيش الذي اقتحم مداخل مخيم جباليا. اما وزير الدفاع الاسرائيلي، فأشار خلال جولة مشتركة مع رئيس اركانه الى ان الجيش سيعمل كل ما في وسعه لوقف سقوط "القسام" خلال عام ومنعها خلال عملية "الفصل" عن غزة. وقال وزير القضاء الاسرائيلي يوسف لبيد الذي عارض قرار المجلس الامني المصغر باجتياح شمال غزة، انه "لا يوجد حل لصواريخ القسام". واضاف: "لسنا قادرين على وقف اطلاقها حتى لو دخلنا الى جباليا، لذلك يجب تحصين أسطح المنازل في سديروت، وانا اعني ذلك بجدية. يجب ان نحصن المنازل كما فعلنا في كريات شمونة، في اشارة الى المقاومة جنوبلبنان. وقال ان من شأن العملية ان "تزيد من الخسائر في صفوف الفلسطينيين وتزيد من الدمار وتنديدات العالم، لكنها لن توقف الصواريخ". ورغم الوجود العسكري الاسرائيلي المكثف، تواصلت عمليات المقاومة الفلسطينية، اذ اعلنت "حماس" تدمير عدد من الدبابات والآليات العسكرية، فيما سقط صاروخ من طراز "قسام" في صحراء النقب. وقالت مصادر اسرائيلية ان اضرارا لم تنجم عن ذلك. ونشر موقع الكتروني قريب من "حماس" نبأ مقتل جندي اسرائيلي في عملية فدائية قرب حاجز ايريز، غير ان الناطق باسم الجيش الاسرائيلي نفى الخبر. واصدرت "حماس" بيانا توعدت فيه بان "ايام الندم ستنقلب على عمليته الارهابية الجديدة ندماً ووبالاً عليه".