أطلقت الحكومة الصهيونية على عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة عنوان (أيام الندم) التي تشنها بكثافة منذ أيام وسقط فيها ليوم أمس 28 قتيلا فلسطينيا بينهم فتيان وكهول، وعشرات الجرحى العديد منهم في حال الخطر، بعد أن حصل جيش الاحتلال على ضوء أخضر من رئيس الوزراء ارئيل شارون يقضي بالسماح لجنوده بالقيام بأعمال قاسية جدا عقب مصرع ثلاثة يهود بنيران المقاومة أمس ومقتل طفلين اسرائيليين يوم الأربعاء. وبذلك يبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية الانتفاضة الثانية في ايلول سبتمبر من عام ألفين، 3365 فلسطينيا وقتل 953 اسرائيليا خلال تلك الفترة. وآخر ضحايا مجازر الاحتلال ليوم أمس، وليس آخرها، كانت في حوالي الساعة العاشرة مساء، حيث انفجرت قذيفة دبابة اسرائيلية في مخيم جباليا الدامي فقتل أربعة فلسطينيين بينهم عماد زقوت (32 عاما) أحد أعضاء كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وأصيب أربعة أشخاص بجراح خطيرة. وقبل سقوط هؤلاء القتلى الاربعة ليلا، سقط في النهار والصباح، 24 فلسطينيا بينهم ثمانية مقاتلين، إضافة الى مصرع ثلاثة عسكريين اسرائيليين (جنديين وإمرأة من المستوطنين المسلحين). وكان طفلان اسرائيليان قتلا في انفجار صاروخ يدوي أطلقته المقاومة على مستوطنة سديروت على حدود قطاع غزة الشمالية يوم الأربعاء. وقبل فجر أمس أعلنت حماس عن استشهاد اثنين من كتائب القسام في هجوم نفذاه بأسلحة أتوماتيكية وقنابل يدوية على موقع عسكري قرب بيت حانون شمال القطاع. والفدائيان هما عبدالحي يوسف النجار وأسامة محمد البرش وكلاهما يبلغان 19 عاما. وسقط في الهجوم الفدائي جندي اسرائيلي قتيلا وآخر في حال الخطر وثالث جريحا، حسبما أعلن ناطق باسم جيش الاحتلال. وعصرا سقط فتيان اثنان برصاص الجيش الاسرائيلي في مخيم جباليا وهما تامر ابو شكيان (14 عاما) ويحيى حماد (16 عاما). وبعد الظهر قتل سبعة فلسطينيين بقذيفة مسمارية أطلقتها دبابة اسرائيلية على تجمع للأهالي في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة وتم نقلهم الى مستشفى كمال عدوان أشلاء لأن أجسادهم تمزقت بفعل نوعية القذيفة الاسرائيلية، حسبما أوضحت المصادر الطبية. وعلى مشارف مخيم جباليا، قتل رأفت جاد الله (25 عاما) من كتائب شهداء الأقصى المنبثقة عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وسفيان ابو الجديان (33 عاما) من حركة الجهاد الاسلامي، في تبادل لاطلاق النار مع جنود اسرائيليين كانوا يحاولون دخول المخيم ظهر أمس. وبعيد ذلك بقليل قتل إثنان من المدنيين برصاص قناصة تمركزوا على مبنى يشرف على المخيم وأحد القتيلين هو حمزة أحمد (24 عاما). كما قتل المسن الفلسطيني محمد الحبل (60 عاما) بعد اصابته برصاصة في الرأس اطلقها جنود تمركزوا على مبان أخرى تطل على المخيم. وقتل أيضا، احمد الجعابير (17 عاما) برصاص اسرائيلي في المخيم أصابه في رأسه كما قتل فلسطيني آخر برصاص من النوع الثقيل ادى الى تفجير الرأس ولم يعرف اسمه او عمره، كما قتل فلسطيني آخر واصيب عدد من رجال الاسعاف بجراح بنيران جيش الاحتلال في المخيم، كما أوضحت المصادر الفلسطينية من طبية وأمنية. وقتل عاطف الاشقر (27 عاما ) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة برصاص الجيش الاسرائيلي قرب مستوطنة دوغيت فيما جرح اربعة آخرون كانوا معه وهم من العمال في مجال الزراعة، وقتل فلسطيني اخر برصاص الجيش الاسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة وأصيب مصور فلسطيني اياد الدحدوح (28 عاما) الذي يعمل لوكالة الانباء المحلية (متان) بجروح خطرة بنيران الجيش الاسرائيلي. ومساء أمس، ذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية أن العمليات الدامية التي يشنها الجيش الاسرائيلي أطلق عليها (أيام الندم) وجاءت بناء على أمر من وزير الدفاع شاوول موفاز بهدف وضع حد لإطلاق صواريخ المقاومة، وذلك بعد مشاورات أجراها مع كبار ضباط الجيش ورئيس جهاز الامن الداخلي (شين بيت) آفي ديشتر في اعقاب محادثات مع شارون. وأكدت المصادر الاسرائيلية أن عمليات القتل الجماعي للفلسطينيين ستنشط من جديد، في سعي حكومة الاحتلال للقضاء على البنى التحتية التي تسمح للمنظمات الفلسطينية المسلحة باطلاق الصواريخ يدوية الصنع. وأعلنت وسائل الاعلام أن شارون وافق على توصيات رفعها اليه كبار المسؤولين في وزارة الدفاع بشأن توسيع العمليات العسكرية شمال قطاع غزة. وقبيل ذلك أعلن آفي بازنر، ناطق حكومة الاحتلال، أن العملية العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة غير محددة بزمن. وقال في تصريح لمراسل فرانس برس إن ما شاهدتموه اليوم سيتواصل وليس لدينا اي تحديد للزمن، العملية التي تشن من مساء الثلاثاء في شمال قطاع غزة ستتواصل، سنمضي اكثر الى الامام وبشكل اوسع بهدف وقف هجمات الصواريخ اليدوية الصنع. ونقلت الاذاعة العسكرية عن وزير الدفاع شاوول موفاز قوله ان الجيش قرر توسيع عملياته في قطاع غزة. وقال ان المسؤولين العسكريين الاسرائيليين حددوا لانفسهم ثلاثة اهداف هي ابعاد مطلقي الصواريخ على سديروت وضرب المنظمات الارهابية وتعزيز الدفاع عن المستوطنات في قطاع غزة. لكن المصادر الفلسطينية والمراقبين يؤكدون أن حكومة شارون تسعى لإظهار أن عزم اسرائيل على الانسحاب من قطاع غزة ليس بسبب ضربات المقاومة الموجعة وبالتالي فهي توعز لجيش الاحتلال بمزيد من سفك دماء الفلسطينيين وتدمير منازلهم وتجريف أراضيهم. وأكدت حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات ان التصعيد العسكري الاسرائيلي لن يجلب امنا او سلاما ابدا بل من شأنه ان يزيد من تدهور الاوضاع في المنطقة ويزجها في اتون الحرب الشاملة. وقالت في بيان: لتعلم قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي انها ليست في نزهة حينما تتوغل في مخيم جباليا وفي اي منطقة من مناطق الوطن وان المناضلين والمجاهدين لها بالمرصاد. وطالبت الاممالمتحدة ومجلس الامن الدولي بتحمل مسؤولياتهما والتدخل العاجل لوقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وما يجري من اعمال قتل وتجريف وتدمير. وقد أعلنت كتائب شهداء الأقصى المنبثقة عن حركة فتح، في بيان أصدرته أمس، حالة الاستنفار في صفوفها داعية اعضاءها الى ضرب العدو الاسرائيلي الذي يقوم بعملية عسكرية في شمال قطاع غزة. ودعت المنظمة السلطة الفلسطينية الى تبني خيار المقاومة .. والمحافظة على جبهتها الداخلية من المرتزقة والخونة والمفسدين وحماية المجاهدين والمناضلين وعدم القبول بالمخطط الامريكي الصهيوني الداعي الى وقف المقاومة والانتفاضة، حسبما جاء في البيان. وهكذا دخلت حكومة شارون في اختبار قوة مع حركة المقاومة الفلسطينية وخاصة حماس، يتركز حول تصميم الاول على الانسحاب من قطاع غزة من دون ان يبدو الامر تراجعا أمام ضربات عسكرية فلسطينية، وحرص الحركة على التاكيد ان الانسحاب يتم تحت ضغط اعمالها العسكرية. ولا يخفي المسؤولون الاسرائيليون عزمهم على ضرب حماس حتى في الخارج. ومنذ يوم الاحد، كشف شارون انه امر الجيش بتكثيف عملياته ضد المجموعات الفلسطينية المسلحة من دون اي تسويات. وقد قرر شارون الانسحاب من المستوطنات اليهودية ال 21 في قطاع غزة بحلول ايلول سبتمبر 2005، ومن اربع مستوطنات صغيرة معزولة في شمال الضفة الغربية. تشييع شهداء في جباليا وغزة