وقّع مدير "مؤسسة القذافي الخيرية" صالح عبدالسلام وممثل أسر ضحايا طائرة "يوتا" الفرنسية التي انفجرت فوق صحراء النيجير العام 1989، غيوم دوسان مارك ومحامي منظمة "اس او اس اعتداءات" فرنسيس سبينر اتفاقاً يقضي بدفع تعويضات بقيمة 170 مليون دولار لأسر 170 قتيلاً من 17 جنسية، منهم 54 فرنسياً. ونص الاتفاق على حصول أسر الضحايا على دفعة أولى بقيمة 5،42 مليون دولار، تليها أربع دفعات متتالية ستسدد خلال الشهور الستة المقبلة. وقال عبدالسلام ل"الحياة" إن الاتفاق يمثل "انتصاراً آخر حققناه بعد موضوع لوكربي ويقضي بطي الملف العالق بين فرنسا وليبيا". وذكر أن تمويل قيمة التعويضات سيأتي من صندوق تم تأسيسه، وهو صندوق للسلام يساهم في تعويض عن ضحايا الإرهاب والمواطنين الليبيين الذين صودرت ممتلكاتهم، ويمول من خلال المساهمات الطوعية للشركات والمؤسسات التي تعمل في ليبيا. وقال دوسان مارك، الذي فقد والده في تفجير الطائرة، إنه يعتبر الاتفاق بمثابة تعويض عما قام به النظام الليبي. ورأى سبينر ان إقدام ليبيا على دفع تعويضات اضافية لأسر ضحايا الطائرة، يشكل إقراراً بآلامها وهذا مصدر ارتياح. وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عمل شخصياً على دفع هذ الملف نحو التوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن المفاوضات التي سبقت الاتفاق كانت صعبة وتخللتها عراقيل كبيرة. وأعرب عن اعتقاده بأن السلطات الليبية أدركت أن أسر الضحايا تحظى بتأييد تام من السلطات الفرنسية، وأن باريس اشترطت تسوية هذا الملف لعودة ليبيا إلى المجتمع الدولي "فتسارعت الخطوات وتم التوصل إلى الاتفاق". وذكر أن الدعوى التي قدمتها "اس او اس اعتداءات" ضد العقيد معمر القذافي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد تسحب إذا سارت قضية التعويضات كما ينبغي. وحضر عدد من ذوي الضحايا التوقيع. وقال أحدهم ل"الحياة" إن والده قُتل في الطائرة، وان أي أموال لن تعوض فقدانه، وانه حضر اللقاء لأنه دعي إليه، لكنه لا يعرف شيئاً عن تفاصيل الاتفاق. وقالت إحدى السيدات من ذوي الضحايا إنها مسرورة جداً كون ليبيا تحركت للتعويض عما قامت به من قتل لأبرياء. يذكر أن المفاوضات التي سبقت الاتفاق استغرقت نحو السنتين، بعدما علمت أسر ضحايا الطائرة الفرنسية أن ليبيا تتفاوض لحل قضية تفجير طائرة "بانام" فوق لوكربي، وسعت إلى الحصول على مبالغ منصفة مقارنة مع ما التزمت ليبيا دفعه لذوي ضحايا الطائرة الأميركية وهو حوالى 10 ملايين دولار لكل عائلة. وكان القضاء الفرنسي ألزم ليبيا في اعقاب محاكمة غيابية لستة ليبيين دينوا بتفجير الطائرة بدفع تعويضات تراوحت بين 20 ألفاً و200 ألف فرنك فرنسي لأسر الضحايا. وبلغت القيمة الاجمالية لتلك التعويضات 210 ملايين فرنك، وبينها تعويضات حصلت عليها منظمة "اس او اس اعتداءات" وصندوق ضمان الضحايا والطيران الفرنسي. وبعد حصول أسر ضحايا "لوكربي" على تعويضات تفوق بكثير ما حصلت عليه أسر ضحايا "يوتا"، دعت فرنسا إلى انصافها. ولعب سيف الإسلام القذافي ومؤسسته دوراً اساسياً في التوصل إلى الاتفاق. وقال ممثل أسر الضحايا ان التعويضات ليست "مثيرة للسخرية" بالمقارنة مع ما حصلت عليه في الصيف الماضي عائلات ضحايا الاعتداء على طائرة "بانام" فوق بلدة لوكربي 270 قتيلاً في 1988 من تعويضات بقيمة أربعة ملايين دولار لكل ضحية. وأكد أن "عائلات ضحايا لوكربي ستحصل على 5.1 أو 2 مليون دولار فحسب، بعد اقتطاع تكاليف المحامين 50 في المئة والضرائب كافة ومنها ضريبة فيديرالية بنسبة 10 في المئة". وتم التوقيع على الاتفاق، في حين يستعد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان والرئيس جاك شيراك لاستقبال وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم.