مع تشكيل رجب طيب أردوغان زعيم "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، حكومة جديدة امس، بدا ان موعد حسم مسألة انتشار قوات اميركية في الأراضي التركية، تمهيداً للحرب على العراق، اقترب. تزامن ذلك مع معلومات عن تقديم واشنطن طلباً عاجلاً الى أردوغان لفتح الأجواء التركية أمام سلاح الجو الاميركي، لنقل قوات الى شمال العراق. وأفادت صحيفتا "راديكال" و"ملييت" التركيتان ان السفير الاميركي في انقرة روبرت بيرسون نقل طلباً من الرئيس جورج بوش الخميس الى اردوغان الذي رفضه بته الآن، مؤكداً انه يعود الى الحكومة التي يشكلها اتخاذ قرار لطرحه أمام البرلمان. وأعلن مسؤولون في واشنطن ان بوش كان وجه رسالة الى أردوغان، يطلب منه أجوبة سريعة على مسألة التحليق فوق الأراضي التركية، ونشر وحدات أميركية على الأراضي التركية. وأكدوا أن نائب الرئيس ديك تشيني أجرى اتصالاً هاتفياً بأردوغان، على أمل وضع حد للجمود المستمر منذ رفض البرلمان التركي في الأول من آذار مارس، مذكرة تسمح بنشر 62 ألف جندي اميركي في تركيا التي يتمكنون انطلاقاً منها اجتياح شمال العراق. وكان النواب الأتراك رفضوا بأكثرية ثلاثة أصوات المذكرة التي تتيح ايضاً ارسال جنود أتراك الى شمال العراق. وسمحت انتخابات تشريعية جزئية لرئيس "حزب العدالة والتنمية" بأن يصبح رئيساً للحكومة، وقد يدعى البرلمان الى تصويت جديد بعد تشكيل الحكومة الجديدة. ولم تتسرب معلومات كافية عن الرد الذي اعطاه اردوغان الخميس لواشنطن، لكن البنتاغون أعلن بعد ساعات ان البحرية الاميركية ستأمر 10 - 15 سفينة قاذفة للصواريخ العابرة، موجودة الآن في المتوسط، بعبور البحر الأحمر. وذكر مسؤول عسكري اميركي ان هذا القرار يعني كما يبدو ان المحادثات بين واشنطن واردوغان لم تؤد الى نتيجة، لأن الإذن بالتحليق في الأجواء التركية سيكون ضرورياً لإطلاق الصواريخ الاميركية من السفن المتمركزة شرق المتوسط. المعارضة وأنقرة الى ذلك، ذكرت مصادر متطابقة امس ان مسؤولين أتراكاً وأميركيين وأكراد العراق، قد يجتمعون الاسبوع المقبل في انقرة، لمناقشة مستقبل العراق اثر عمل عسكري اميركي. وتوقع مصدر اميركي ان يصل ممثل الرئيس الاميركي لدى المعارضة العراقية زلماي خليل زاد امس الى العاصمة التركية، للتحضير لمثل هذا الاجتماع، وأوضح انه سيبقى "أياماً" في انقرة. وقال مسؤول بارز في الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني لوكالة "فرانس برس" ان المعارضة العراقية تنتظر دعوة من انقرة لإرسال وفد الى تركيا لمناقشة الوضع في شمال العراق، في حال اندلعت الحرب. ويمكن ان يضم وفد المعارضة الى تركيا كذلك جلال طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني. ويسود توتر العلاقات بين انقرة وأكراد العراق المعادين بشدة لتدخل الجيش التركي في منطقتهم، في حال نفذت عملية عسكرية اميركية. وتخطط انقرة لنشر عشرات الآلاف من جنودها في شمال العراق في حال الحرب، وتخشى ان يؤدي "انفصال اكراد العراق" الى تشجيع "الطموحات الانفصالية" لأكراد تركيا. في غضون ذلك، أعلنت منظمة "غرينبيس" ان الشرطة اوقفت عند مدخل مرفأ الاسكندرون، خمسة عشر شخصاً من اعضائها، بينهم اتراك واجانب، اثناء مشاركتهم في تظاهرة احتجاج على انزال معدات عسكرية اميركية في تركيا. واوضحت المنظمة في بيان، ان بين الموقوفين بريطانياً ولبنانية واسترالياً وبلجيكياً. وبثت محطات التلفزيون مشاهد لعناصر الأمن وهي تجر عدداً من الناشطين ارضاً، بعدما كسرت قيوداً استعانوا بها لربط انفسهم بشاحنة استخدمت لاقفال مدخل المرفأ. وعلقت على الشاحنة عبارة "لا للحرب" باللغتين التركية والانكليزية. وذكرت محطة "ان تي في" ان قوى الأمن منعت في سيلوبي ثلاثون كيلومتراً من الحدود العراقية، حوالى خمسين مسؤولاً نقابياً من التوجه الى المركز الحدودي التركي - العراقي، للاحتجاج على الحرب المحتملة.