على رغم "الانزعاج" السوري من التصريحات الاخيرة لزعيم "الاتحاد الوطني الكردستاني" جلال طالباني، ارسلت دمشق اشارات ايجابية الى مجلس الحكم الانتقالي ورئيسه والاكراد عموماً. كما جددت دعوتها هوشيار زيباري بصفته "وزير خارجية العراق" لزيارتها. ونفى مصدر مسؤول في الخارجية السورية ما ذكره طالباني من ان وزير الخارجية فاروق الشرع "كان صرح ان المستفيدين الوحيدين من سقوط النظام السابق هم اميركا واسرائيل والاكراد". وبعدما اشار الى "الاستغراب الشديد لما جاء في كلام طالباني"، قال: "ان الشرع لا يمكن ان يطلق مثل هذا الاتهام بحق الاكراد الذين هم جزء من الشعب العراقي وجزء من الامة الاسلامية". وكان لافتا ان "المصدر" جدد دعوة الشرع لزيباري باعتباره "وزير خارجية العراق لزيارة دمشق". وقالت الناطقة باسم الخارجية بشرى كنفاني ل"الحياة": "ان الدعوة لا تزال قائمة"، علما ان زيباري كان رفض دعوتين واحدة من سورية وثانية من وزراء خارجية جوار العراق السبت الماضي. وكانت دمشق اتبعت بدعوتها زيباري الخطوات التي حصلت في اجتماع جامعة الدول العربية، عندما وافق زيباري على ان يذهب الى القاهرة في انتظار قرار وزراء خارجية الدول العربية بطلبه شغل مقعد العراق، أحد الدول المؤسسة للجامعة العربية. واكد ل"الحياة" مصدر في مكتب "الاتحاد الوطني" ان نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام بعث "قبل ايام دعوة رسمية الى طالباني باعتباره رئيساً لمجلس الحكم الانتقالي والى وفد من المجلس"، لافتاً الى ان طالباني "لم يرد الى الآن، لكن نعتقد بأن رده سيكون ايجابياً"، ما يرجح قدومه الى سورية قبل نهاية الشهر الجاري، علماً انه سيزور انقرة في 19 الجاري. وتأتي "دعوة" خدام في سياق موقف جديد اتخذته سورية مع دول جوار العراق، عندما اكد البيان الختامي الاحد الماضي "دعم جهود مجلس الحكم الانتقالي لتحمل مسؤولياته الانتقالية إلى حين قيام حكومة عراقية منتخبة وممثلة للجميع". واعلنت مصادر رسمية امس ان نائب الرئيس اجتمع مع عضو مجلس الحكم زعيم "الحزب الاسلامي" محسن عبدالحميد حيث كانت "وجهات النظر متفقة حول تعزيز الوحدة الوطنية العراقية واستعادة العراق استقلاله وسيادته بانهاء الاحتلال واقامة مؤسسات دستورية تعمل على استعادة العراق دوره الوطني والقومي". وكان هناك اعتقاد بأن توجيه اول "دعوة رسمية" الى طالباني بصفته رئيساً لمجلس الحكم عبر مكتب حزبه في دمشق، سيساعد في تعزيز مواقفه الايجابية او على الاقل وقف التصعيد. لكن دمشق فوجئت ب"تصعيد" خطاب رئيس مجلس الحكم في الايام الاخيرة، خصوصا ان ذلك جاء من طالباني "الذي يتمتع بعلاقات سياسية قوية مع سورية وبعلاقات شخصية مع كبار المسؤولين السوريين" باعتبار ان "الاتحاد الوطني تأسس في احد مقاهي دمشق في بداية السبعينات". والى "الانزعاج" من "تزييف" كلام الشرع، حصل توقف عند اختلاف مواقف "الصديق" طالباني عن باقي اعضاء مجلس الحكم، فقد وجه "انتقادات" لاجتماع وزراء جوار العراق لكن مجلس الحكم اعتبر البيان الختامي "ايجابياً"، اضافة الى انتقادات اخرى لمواقف سورية ولمسؤولين سوريين. وقال مصدر في مكتب "الاتحاد الوطني" "ان طالباني قصد بحديثه عن "تسلل ارهابيين" عبر الحدود السورية الى العراق بأن ذلك "يتم من دون علم الحكومة، أي عبور غير شرعي لذلك فهو قال تسللا ولم يقل مروراً او عبوراً". وزاد: "هو لم يقل، كما نقل عنه، ان لسورية يداً بالارهاب في العراق". لكن يبدو ان هذا "التوضيح" لم يكن مقنعاً في دمشق. اذ يبدو ان "مستوى العتب كان بحجم التوقع الايجابي من الصديق طالباني"، بسبب الاعتقاد ب"تغييره مواقفه السياسية في الفترة الاخيرة فصارت لا تشبهه، الى حد صارت مواقفه دون مستوى تصريحات سلفيه ابراهيم الجعفري واياد علاوي" خلال رئاستهما مجلس الحكم الانتقالي.