اتهم النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه حلفائه السابقين في حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي بتغذية الصراع والمواجهات العسكرية في ولايات دارفور الغربية وحذره من الإضرار بالأمن القومي "إذا أراد ان يحفظ وجوده في الساحة السياسية". وقال في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف في مقر الرئاسة ان عناصر من المؤتمر الشعبي تسللت الى تشاد التي جرت فيها محادثات بين الحكومة و"حركة تحرير السودان" الشهر الماضي ودخلت الى طاولة التفاوض وحاولت رفع سقف مطالب "متمردي دارفور" واعادة المفاوضات الى المربع الأول، ما أثر سلباً على الجولة وأدى الى تعثرها. وتحدث عن توزيع للأدوار بين المجموعات المسلحة لتفاوض مجموعة وتقاتل اخرى بإعتبارها مستقلة. ووجه طه انتقاداً عنيفاً الى المؤتمر الشعبي واستبعد أي تقارب بينه والحزب الحاكم. وقال ان الحزب لم يقدم في سلوكه السياسي بعد الإفراج عن زعيمه ما يجعله في موقف جاد يؤهله للدخول في حوار للتوصل الى رؤية مشتركة. وزاد: "المؤتمر الشعبي لا يدخر جهداً في إذكاء نار الفتنة في دارفور وان اي حديث من تقارب بينه والحزب الحاكم حرث في البحر". وطالب المؤتمر الشعبي ب "مراجعة مواقفه وتحركات عناصره في دارفور اذا أراد ان يحفظ وجوده على الساحة السياسية ويكون له فيها رأي". ولم يستبعد مراقبون في الخرطوم ان تكون اللهجة الحادة والانتقادات اللاذعة التي وجهها النائب الأول للرئيس الى حزب المؤتمر الشعبي في أول تعليق له عليه منذ اطلاق زعيمه الشهر الماضي رداً على التحركات السياسية للترابي ومساعيه لجمع القوى السياسية المعارضة على برنامج حد أدنى الأمر الذي فسرته السلطة على انه محاولة لخنقها وعزلها سياسياً. لكن مختصين في الحركات الاسلامية يعتقدون ان طه قلق من لقاء الترابي مع صلاح الدين الذي يعد من القريبين الى الرئيس عمر البشير وانه ربما اعطى الضوء الأخضر الى مستشاره للاجتماع مع الترابي. ويرون انه مهما كانت نتائج اللقاء فإنها لن تصب في مصلحة النائب الأول الغاضب من صلاح الدين منذ رفضه مرافقته الى المحادثات مع العقيد جون قرنق في ايلول الماضي. واعتبر محللون ربط طه حزب المؤتمر الشعبي بالنزاع المسلح في دارفور خطوة نحو تحويل الصراع معه من المسرح السياسي الى ملف أمني، ولم يستبعدوا ان تتجه السلطة الى حظره وربما إعادة اعتقال زعيمه وناشطيه. ورأوا ان هناك تيارين في قيادة الحكم تتعارض مواقفهما في شأن التعامل مع الترابي وحزبه، اذ يسعى الأول الى التقارب، والآخر الى اقصائه عن الساحة لأن اي تقارب سيدفع ثمنه متنفذون في السلطة. ويضيف المحللون ان تياراً قابضاً في السلطة يتبنى خطوات تعد تراجعاً عن هامش الحريات، بدأ بتعطيل الصحف وتضييق الخناق عليها، ويتجه الى محاصرة قوى المعارضة وإرباكها.