فشلت مساع ليبية وقطرية في جمع الرئيسين السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي على هامش قمة زعماء دول الساحل والصحراء (سين صاد) في مدينة صبراتة الليبية، واعتبرت الخرطوم مقترحات طرحتها الدوحة وطرابلس للمصالحة بين البلدين مجرد «حسن نيّات وعلاقات عامة» وجددت اتهام نجامينا بنقض العهود. وعاد البشير إلى الخرطوم بعد حضوره الجلسة الافتتاحية لقمة دول الساحل والصحراء. وقال أحد مرافقيه إلى القمة عقب عودتهم إن ما طرحته ليبيا من مقترحات للمصالحة بين البشير وديبي لا يرقى إلى وثيقة يمكن أن تعالج الخلافات وتنهي التوتر بين البلدين، موضحاً أن حكومته لا ترغب في لقاء «علاقات عامة» و «مصافحة وابتسامات أمام الكاميرات». وقال وزير العدل عبدالباسط سبدرات الذي رافق البشير إلى القمة في تصريح أمس إن تشاد لا تلتزم بالاتفاقات التي تبرم بين البلدين. وكان البلدان وقّعا ستة اتفاقات للمصالحة آخرها في الدوحة في وقت سابق من أيار (مايو)، ولكنها لم تصمد. وتعهد البشير بإقرار السلام والاستقرار في دارفور على رغم «المؤامرات التي ظلّت تحيكها دول الاستكبار العالمي». واتهم في حديث أمام الجالية السودانية في ليبيا قبيل عودته إلى الخرطوم فجر أمس، إسرائيل بدعم متمردي دارفور. وتابع: «الكيان الصهيوني ظل يدعم كل حركات التمرد ضد السودان منذ 1955 وما يحدث في دارفور مؤامرة وجدت استجابة من بعض ضعاف النفوس من أبناء دارفور». وأضاف أن دارفور كانت قبل حكومته «مظلومة ومهمّشة» ولكنها أصبحت غير ذلك في ظل حكمه. وتعهّد تسوية أزمة دارفور بكل الوسائل، وزاد: «سنتجاوز كل العقبات التي تقف أمام السلام والتنمية في البلاد». أما الرئيس التشادي إدريس ديبي فقال على هامش قمة دول الساحل والصحراء إنه يتطلع إلى «حل نهائي» للنزاع بين بلاده والسودان. وقال للصحافيين ليل الجمعة: «يحدونا الأمل أن يتوصل بلدانا الجاران الشقيقان الصديقان خلال الأيام أو الشهور المقبلة إلى حل نهائي لهذه الأزمة برعاية الأخ القائد (معمر القذافي) والأمم المتحدة والدول الصديقة»، معرباً عن أمله في أن «يستعيد (إقليم) دارفور هدوءه»، معتبراً أن تشاد هي «أكثر البلدان تضرراً من النزاع» في تلك المنطقة. وأوضح ديبي «اننا نستخدم حقنا في الدفاع عن انفسنا»، في إشارة إلى قصف قواته مواقع في السودان واعتبره «حق المطاردة» ضد مواقع المتمردين التشاديين في الأراضي السودانية. لكنه أضاف: «في الوقت ذاته نحن رجال سلام ونبحث عن السلام مع جيراننا كافة وخصوصاً مع السودان». إلى ذلك، يباشر المبعوث الصيني الخاص إلى السودان ليو غيوجين اليوم محادثات مع المسؤولين في الخرطوم. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية السفير علي الصادق إن محادثات ستركز على تسريع تسوية أزمة دارفور وتداعيات قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير وانهاء النزاع بين السودان وتشاد. كما أجرى المبعوث الرئاسي الأميركي الى السودان سكوت غرايشن محادثات في باريس أمس تركزت على عملية السلام في دارفور، والأزمة بين السودان وتشاد، وإمكان توسط فرنسا لانهائها. ويُنتظر أن يلتقي المبعوث الاميركي مع رئيس «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور المقيم في باريس، لاقناعه بالانضمام إلى عملية السلام والمشاركة في محادثات مع الحكومة السودانية في الدوحة. من جهة أخرى، أكد حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم استعداده للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل، وتعهد القبول بنتائجها وطالب المعارضة بعدم السعي إلى تعطيلها. ولم يستبعد مفاجآت في تحالفات سياسية وقال إنه لا يخشى حتى لو تحالفت كل أحزاب المعارضة في مواجهته. وقال نائب الرئيس البشير في القصر الرئاسي والحزب الحاكم علي عثمان محمد طه أمام مؤتمر مجلس شورى الحزب إن احتمالات التحالف في الانتخابات المقبلة «مفتوحة وفيها كثير من المفاجآت»، مؤكداً أن حزبه «لا يخشى المنافسة حتى لو اجتمعت كل القوى السياسية لهزيمته». ورأى أن امامهم ثمانية أشهر حاسمة قبل الانتخابات تتطلب أن يقدم فيها ما يقنع الجماهير لكسب ثقتهم، لافتاً إلى أن القوى المعارضة ستبحث عن طرق مختلفة لاثارة الشغب والمشاكل ويمكن أن تقاطع الانتخابات وتقود حملة تتهم الحزب الحاكم باستغلال السلطة للكسب الانتخابي. وأعرب طه عن قلقه ازاء تصاعد المواجهات القبلية في غرب البلاد وجنوبها والصراعات الجهوية، مطالباً حزبه بإيجاد حلول لها في المرحلة الحالية. ولم يخف مخاوفه من انتقال تلك الصراعات إلى الحزب، قائلاً: «المؤتمر الوطني حزب كبير فإن أصابته انفلونزا الصراعات السياسية والنزاعات وعطس ارتجت له كل البلاد»، مشدداً على ضرورة تحصين الحزب من تلك الأمراض. وفي الدوحة، قال نائب الأمين السّياسي في «حركة العدل والمساواة» جبريل بلال إن جولة محادثات بين الحكومة السودانية والحركة في الدوحة حالياً لم تشهد أي جديد ولم يعقد الجانبان السودانيان أي لقاء مشترك منذ اجتماعهما الأول يوم الأربعاء الماضي بحضور الوسيط القطري والوسيط الأفريقي - الدولي. وأضاف بلال في تصريح إلى «الحياة» أن وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود عقد اجتماعاً مع وفد الحركة المتمردة في دارفور يوم الخميس. وأوضح أن وفد «حركة العدل» متمسك بموقفه الذي يشدد على أن تتخذ الحكومة السودانية خطوات عملية لتنفيذ اتفاق وقّعه الطرفان في شباط (فبراير) الماضي في الدوحة. وينص ذلك الاتفاق على تبادل إطلاق الأسرى والمحكومين والمعتقلين وتسهيل أعمال الاغاثة. ولفت المسؤول إلى أن الحركة احتجت أيضاً لدى الوسيط القطري بسبب خفض الحكومة السودانية مستوى تمثيل رئيس وفدها إلى المفاوضات. وقال إن الجولة السابقة رأسها وزير الدولة للثقافة والشباب الدكتور أمين حسن عمر فيما رأس الاجتماع الذي عقد الاربعاء الماضي مسؤول عسكري في القوات المسلحة. ولفت إلى أن الجولة الأولى لمحادثات الجانبين في قطر في شباط (فبراير) الماضي ترأسها من الجانب الحكومي مساعد الرئيس الدكتور نافع علي نافع ومن جانب الحركة رئيسها خليل إبراهيم.