اقترحت بيونغيانغ على سيول إجراء محادثات في غضون الأيام ال15 المقبلة لنزع فتيل الأزمة التي اندلعت بعد استئناف الأخيرة برنامجها النووي، ما ينتزع المبادرة من يد واشنطن. ويشكل الاجتماع المقترح، الجولة التاسعة من المفاوضات الثنائية منذ القمة التي عقدت في حزيران يونيو 2000 بين الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل وكانت بداية عملية التقارب بين النظامين المتنافسين. وفي واشنطن، دعت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوزي الرئيس الأميركي جورج بوش إلى ممارسة ضغوط على الصين لحملها على المساعدة في حل الأزمة النووية مع كوريا الشمالية، فيما حضت بكينواشنطن على إظهار مرونة في التعامل مع بيونغيانغ اقترحت كوريا الشمالية على جارتها الجنوبية أمس، إجراء محادثات "على أعلى مستوى" خلال 15 يومًا، ما يشكل فرصة لقيام سيول بوساطة في الأزمة التي نشبت بسبب استئناف بيونغيانغ العمل في برنامجها النووي، وينتزع المبادرة من الأميركيين. ويشكل الاقتراح لإجراء مفاوضات تستمر أربعة أيام بدءًا من 21 كانون الثاني يناير الماضي في سيول، ردًا على طلب تقدمت به كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، لعقد لقاءات على المستوى الوزاري عن الأزمة النووية والتعاون الثنائي منتصف الشهر الجاري. وقال مسؤول في وزارة الوحدة الكورية الجنوبية إن الجنوب يفترض أن يعلن قبوله لاقتراح كوريا الشمالية المقابل. وكانت المحادثات بين الكوريتين تركزت في شكل عام على لمِّ شمل العائلات المشتتة في الشطرين وفتح طرق ومد خط للسكة الحديد بين الشمال والجنوب. لكن وزير الوحدة جيونغ سي-هيون أعلن الأسبوع الماضي أن سيول تريد انتهاز فرصة عقد الدورة المقبلة من المحادثات لتطلب من كوريا الشمالية التخلي عن طموحاتها النووية. وقبيل إعلان العرض الكوري الشمالي، أعلن يم سونغ-جون مبعوث الرئيس الكوري الجنوبي أنه حصل على موافقة واشنطن لوساطة كورية جنوبية في هذا الملف. وقال يم وهو المستشار الرئاسي لشؤون الأمن أنه أبلغ وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد ونظيرته كوندوليزا رايس رغبة كوريا الجنوبية في القيام بمبادرة. وأضاف يم لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية يونهاب أن الولاياتالمتحدة "عبرت عن دعمها وتفهمها للاقتراح". وأكد أن الرئيس الكوري الجنوبي يريد "تحقيق منعطف على طريق حل القضية قبل انتهاء ولايته" في الخامس والعشرين من شباط فبراير المقبل. إلا أن محللين سياسيين يشككون في إمكان التوصل إلى نتيجة، معتبرين أن الشمال سيسعى إلى استخدام اللقاء ليفتح ثغرة بين سيولوواشنطن ويتهم الولاياتالمتحدة بعرقلة إعادة التوحيد. ويشكل الاجتماع المقترح الجولة التاسعة من المفاوضات الثنائية منذ القمة التي عقدت في حزيران يونيو 2000 بين الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل التي كانت بداية عملية التقارب بين النظامين المتنافسين. وبدأت الأزمة الحالية عندما أعلنت كوريا الشمالية الشهر الماضي استعدادها لاستئناف برنامجها النووي الذي كانت قد جمدته في إطار اتفاق مع الولاياتالمتحدة في 1994، وطردت مفتشي الأممالمتحدة المكلفين مراقبته من أراضيها. ووافقت الولاياتالمتحدة الثلثاء الماضي على إجراء مفاوضات جديدة مع بيونغيانغ لدفع كوريا الشمالية إلى احترام تعهداتها الدولية في المجال النووي. لكن قرار المفاوضات الذي اتخذ في شكل مشترك مع اليابانوكوريا الجنوبية يستبعد تقديم أي تنازلات. وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لمراقبة الأسلحة والأمن الدولي جون بولتون: "لن نقدم شيئًا لكوريا الشمالية لحملها على احترام واجباتها الأساسية". واشنطن وفي واشنطن، دعت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوزي الرئيس الأميركي جورج بوش إلى ممارسة ضغوط على الصين لحملها على المساعدة في حل الأزمة النووية مع كوريا الشمالية. ودعت بيلوسي بوش في ختام لقاء معه في البيت الأبيض أول من أمس، إلى "استخدام المساعي الحميدة للحكومة الصينية التي تدفع سنويًا للحكومة الكورية الشمالية مئات ملايين الدولارات" من خلال دعمها بالفيول والموارد الأخرى. وأضافت: "لديهم قدرة كبيرة على ممارسة الضغط ويستطيعون أن يكونوا قوة إيجابية في هذه القضية برمتها، لكن يتعين علينا أن نبلغهم مدى خطورة هذه المشكلة". الصين وأبلغت الصينالولاياتالمتحدة أمس، أنها تؤيد عرض واشنطن إجراء حوار مع كوريا الشمالية لنزع فتيل الأزمة النووية، لكنها حضت واشنطن على إظهار مرونة في التعامل مع بيونغيانغ. وصرح مسؤولون بأن وزير الخارجية الصيني تانغ جيا شيوان وجه هذه الدعوة إلى واشنطن خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية جانغ كيوي: "تؤيد الصين موقف الولاياتالمتحدة لحل القضية النووية من خلال الحوار، وتأمل في أن تتخذ الولاياتالمتحدة مسلكًا مرنًا لفتح الحوار". وذكرت أن باول أبلغ تانغ أن الولاياتالمتحدة "لا تعادي كوريا الشمالية وتأمل في أن تحل المسألة النووية الكورية الشمالية من خلال حوار بناء مع الجانب الكوري الشمالي لتحقيق إعلان شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية". وسئلت جانغ عما إذا كانت الصين تؤيد فرض الأممالمتحدة عقوبات على كوريا الشمالية، فقالت: "نأمل في أن تتمكن كل الأطراف المعنية من تخفيف الأزمة الراهنة من خلال الحوار وتجنب القيام بأي تحرك يؤدي إلى مزيد من التوتر أو إلى تصعيد آخر". كويزومي في موسكو إلى ذلك، أعلنت اليابان أنها تتطلع إلى تعزيز تعاونها مع روسيا من أجل التوصل إلى تسوية في شبه الجزيرة الكورية، فيما قالت موسكو إنها "تتفهم" مخاوف كوريا الشمالية وأكدت أنها لن تمارس ضغوطاً على بيونغيانغ. وبدأ رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي زيارة رسمية إلى روسيا يناقش خلالها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدداً من الملفات الثنائية والدولية. وذكرت مصادر روسية أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية يشغل حيزاً أساسياً من اهتمام الجانبين، إضافة إلى الملف العراقي. وكان كويزومي شدد في حديث إلى وكالة "إيتار تاس" الروسية قبيل توجهه إلى موسكو على أهمية تفعيل الحوار بين الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى حل للأزمة الكورية. وقال إن بلاده ترى أن إقامة "آلية سداسية" للحوار تشمل إضافة إلى الكوريتين كلاً من روسياواليابانوالصينوالولاياتالمتحدة، من شأنها أن تعمل على التوصل إلى حل مشكلات الأمن في شمال شرقي آسيا. وأشار كويزومي إلى أن بلاده تأمل في تعزيز تعاونها في هذا الإطار مع موسكو التي تربطها علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية. وأكدت موسكو من جانبها أنها "لا تنوي استخدام علاقاتها مع بيونغيانغ" من أجل ممارسة ضغوط عليها. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر لوسيوكوف أن موسكو "تتفهم المخاوف الكورية من وجود قوات دولة عظمى على حدودها". وأضاف لوسيوكوف أن بيونغيانغ تطلب "ضمانات محددة لأمنها"، معرباً عن اعتقاده بأن هذه مطالب "شرعية ومنطقية". وقال إن تصنيف دولة ضمن "محور الشر" وتلويح الدولة الأقوى في العالم بالقدرة على تغيير النظام فيها لا يمكن ألا يثير القلق. وأضاف أن حل المشكلة في شبه الجزيرة الكورية يجب أن يقوم على محورين مترابطين، يكفل الأول ضمانات لبيونغيانغ من أجل تهدئة مخاوفها، فيما يلبي الثاني مطلب المجتمع الدولي فيما يتعلق بالأسلحة النووية في كوريا.