أسفرت الانتخابات النيابية في اوكرانيا عن تأهيل ستة احزاب الى البرلمان منها خمسة معارضة للرئيس ليونيد كوتشما الذي تأمن للكثيرين من انصاره الفوز في دوائر فردية بفضل ما وصف ب"التكنولوجيات القذرة" وبدعم من موسكو التي ترى في القيادة الحالية ضمانة لمنع اكبر جارة لروسيا من شق عصا الطاعة. وتكتسب الانتخابات التي جرت الأحد وأعلنت نتائجها الأولية امس اهمية خاصة لكونها تعد تمهيداً للانتخابات الرئاسية التي يمكن ان تجرى في موعدها المحدد سنة 2004 أو قبل ذلك في حال قيام تحالف برلماني واسع يفلح في حجب الثقة عن كوتشما. وتعد اوكرانيا اكثر من 50 مليون نسمة ثاني اكبر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق وسلكت بعد انهيار الدولة الموحدة طريق الابتعاد من روسيا والتقارب مع الغرب، لكنها اضطرت الى ابقاء الجسور مفتوحة مع موسكو بسبب حاجتها الى النفط والغاز ولوجود قطاعات كبيرة تؤيد "الوحدة السلافية". وأظهرت النتائج الأولية ان الأصوات توزعت على اكبر التكتلات السياسية التي قام الكثير منها على اساس الموقف من روسيا والموقف من "الإصلاحات" التي يطبقها رئيس الدولة وأدت الى كارثة اقتصادية حتى الآن وتدهور خطير في حياة السكان. وبسبب ذلك تعزز الاتجاهان القومي واليساري على حساب الوسط الذي يمثله كوتشما. وحصلت كتلة "اوكرانيا وطننا" الليبراليون بقيادة رئيس الوزراء السابق فيكتور يوشنكو على نحو 21-22 في المئة من الأصوات، وسجل هذا الانتصار النسبي على حساب اصوات المقاطعات الغربية التي عرفت بتأييدها النزعات المعادية لروسيا والموالية للولايات المتحدة. وجاء في المرتبة الثانية بأكثر من 20 في المئة من الأصوات الحزب الشيوعي الذي يدعو الى التحالف مع روسيا ولكنه يعارض بشدة السياسة الاقتصادية لكل من موسكو وكييف. ولم تحصل كتلة "من اجل وحدة اوكرانيا" الموالية لكوتشما سوى على اقل من 14 في المئة من الأصوات. وكانت هذه النسبة ستعد كارثة لرئيس الدولة لولا ان انصاره بدأوا يكسبون مواقع متقدمة في الدوائر الفردية التي سيتم فيها انتخاب 250 نائباً الى البرلمان. وشكا بيوتر سيمونينكو زعيم الحزب الشيوعي من "تجاوزات تعدت كل الخطوط الحمر" بدءاً من محاصرة المعارضة اعلامياً وانتهاء بالتزوير ووضع قسائم اضافية في صناديق الاقتراع ومنع المراقبين من دخول المراكز. وأوفدت روسيا الكثيرين من خبراء "التكنولوجيات الانتخابية" الى اوكرانيا بسبب اهتمام موسكو بالنتائج التي قد تحدد مدى الترابط المستقبلي بين اكبر شظيتين تخلفتا عن انفجار الدولة الواحدة، اضافة الى ان في اوكرانيا اكثر من عشرة ملايين روسي ولديها منافذ مهمة نحو أوروبا وعلى البحر الأسود، وخصوصاً في شبه جزيرة القرم التي يطالب عدد من الساسة الروس باسترجاعها بعدما ألحقت بأوكرانيا قبل 50 عاماً. وأشار فياتشيسلاف ايغرونوف النائب في البرلمان الروسي ورئيس مجلس التعاون الروسي - الأوكراني الى ان نتائج الانتخابات البرلمانية تؤشر الى "مرحلة اضطرابات" ستدخلها اوكرانيا. وذكر ان الأصوات اقتسمت بين اليمين الداعي الى "السير غرباً من دون روسيا" واليسار المطالب ب"الالتحام مع روسيا من دون الغرب" والوسط الذي رفع شعار "سوية مع روسيا نحو اوروبا". ويشير المحللون الى احتمال تحالف اليمين واليسار من اجل اسقاط كوتشما ما سيخلق حالاً من "التوقعات القلقة". إلا ان رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما النواب الروسي ديمتري روغوزين اعتبر ان كوتشما هو "الفائز الفعلي الوحيد" لأن اياً من القوى السياسية لم يتمكن من الحصول على اصوات تمنحه الغالبية في البرلمان، ما يوسع هامش المناورة امام رئيس الدولة الذي سيكون في وسعه ان يعتمد على اليسار مرة وعلى اليمين مرة اخرى. من جهة أخرى رويترز، انتقدت رئيسة بعثة المراقبة التابعة للمجلس الاوروبي هاني سفرينسن الانتخابات وقالت انها اتسمت بعدم الكفاية مما ادى الى منع المئات من الادلاء باصواتهم. وقالت ان الانتخابات "اتسمت بعدم الكفاية في ما يتعلق باسلوب ادارتها". وأضافت: "كانت هناك طوابير ضخمة حتى فقد الناس الامل... هذا يعني ان عدداً اقل من الناخبين تمكنوا من الادلاء بأصواتهم". وانتقدت سيطرة الاحزاب الموالية للرئاسة على اللجان الانتخابية المحلية وقالت انه في الكثير من الدوائر كان الناخبون حائرين في شأن اجراءات الادلاء بأصواتهم.