يواجه الرئيس الاوكراني ليونيد كوتشما منافسة قوية في الانتخابات التي تبدأ اليوم في ثاني أكبر دول الكومنولث. وعلى رغم مرور ثماني سنوات على استقلال اوكرانيا التي يسكنها زهاء 55 مليون نسمة فان قواسم مشتركة كثيرة ما زالت تجمعها ب"شقيقتها" السلافية روسيا، وثمة شبه كبير بين الانتخابات الرئاسية الحالية وما جرى في روسيا قبل ثلاث سنوات. ففي البلدين أدت "الاصلاحات" الى كارثة كانت في أوكرانيا مضاعفة. فمتوسط الاجور فيها يعادل نصف المعدل في روسيا التي لا تحيا غالبية ابنائها في بحبوحة. ولذا فان "حزب الاحتجاج" الرافض للسلطة الراهنة في كييف يضم ما لا يقل عن 60 في المئة من الناخبين الا ان ذلك لا يعني فوزاً تلقائياً للمعارضة المشتتة. ولا يتوقع المراقبون تغييرات جذرية سريعة سواء رحل كوتشما او بقي في الحكم. ويؤكد مدير المعهد الاوكراني للتنمية ديسترد فيدرين ان سقوط الرئيس الحالي لن يؤدي الى تغير "درامي" في الطبقة السياسية لكنه قد يسفر عن تعديلات في السياسة الدولية لكييف. ويلاحظ ان المرشحين المسجلين الذين بلغ عددهم 13 مرشحاً خرجوا، في غالبيتهم، من كنف الحزب الشيوعي السوفياتي، ومنهم كوتشما نفسه الذي تولى قيادة فروع صناعة الصواريخ الاستراتيجية السوفياتية. ولكن الناخبين صوتوا له قبل خمس سنوات، ربما "نكاية" بليونيد كرافتشوك رئيس اوكرانيا آنذاك الذي كان ساهم مع الرئيس الروسي بوريس يلتسن في تفكيك الاتحاد السوفياتي. وخابت آمال الناخبين، خصوصاً في شرق اوكرانيا حيث يشكل الروس او الاوكرانيون "الروس" الغالبية في كوتشما لأنه لم يف بوعود قطعها لجعل الروسية لغة ثانية وتحقيق تقارب سريع وواسع مع موسكو. ولكن الرئيس الحالي كسب في المقابل اصواتاً غرب اوكرانيا حيث تغلب الميول القومية المناوئة لروسيا. وعلى غرار ما جرى في روسيا، لوحظ في اوكرانيا تزايد نفوذ الاثرياء اليهود المتنفذين في السياسة وأبرزهم فاديم رابينوفيتش مستشار الرئيس غير الرسمي. ويضرب خصوم كوتشما على هذا الوتر مستثمرين المشاعر التقليدية في اوكرانيا التي لم يعرف عن سكانها انهم "يحبون" اليهود. وخلافاً لبوريس يلتسن فإن كوتشما الاصغر منه سناً يتمتع بصحة جيدة وزادت حظوظه في تمديد الولاية بعد انهيار "الرباعي" الذي شكله ثلاثة مرشحين للرئاسة يمثلون اليسار المعتدل ويفغيني مارتشوك رئيس الحكومة السابق الذي يعد من اقطاب التيار القومي الوسط. وعلى رغم اعلان الأربعة اتفاقهم على مارتشوك مرشحاً "مشتركاً" فان الرئيس السابق للبرلمان الكسندر موروز وهو زعيم الحزب الاشتراكي تخلى عن الاتفاق في اليوم التالي، ولكنه في الوقت ذاته اخفق في التحالف مع قائد الحزب الشيوعي بيوتر سيمونينكو الذي تقدر نسبة ناخبيه ب20 في المئة. ويخشى كل من موروزوف وسيمونينكو من تعاظم نفوذ مرشحة اليسار المتطرف ناتاليا فيترينكو التي تتبع اساليب تذكر ب"الاعيب" فلاديمير جيرينوفسكي في السياسة الروسية. الا انها حققت شعبية واسعة بحملاتها العنيفة على الفساد وعلى "انتهازية" الزعماء اليساريين، كما استثمرت محاولة الاغتيال التي تعرضت لها للتشهير بخصومها. ويرى المراقبون ان من مصلحة كوتشما ان تتقدم فيترينكو على منافسيها وتخوض وإياه الجولة الثانية من الانتخابات التي يتأهل لها المرشحان الحاصلان على اكثر الاصوات. ان الكثيرين من اليساريين المعتدلين، ناهيك عن اليمين والوسط، سيجدون انفسهم "مضطرين" لمساندة كوتشما على رغم اعتراضاتهم عليه خوفاً من وصول "السيدة الحديدية" الى السلطة. وأوضحت استطلاعات الرأي ان فيترينكو والمرشح الشيوعي سيموتينكو قد يحصلان على 18 - 20 في المئة من الاصوات مقابل 12 في المئة لموروز، فيما يتصدر القائمة الرئيس كوكشما 30 في المئة. وتتابع موسكو باهتمام الانتخابات الاوكرانية، وتحاول التأثير فيها من مواقع مختلفة. فمسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الروسي اندريه فيليبوف قال ل"الحياة" ان حزبه "متعاطف" مع الشيوعيين ودعا قيادتهم الى التنسيق مع سائر القوى اليسارية. في حين ان الكرملين لا يخفي تأييده لكوتشما الذي تدعمه وسائل الاعلام الروسية الموالية للحكومة.