قرر البرلمان الأوكراني أمس حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء فيكتور يوشنكو المعروف بصلاته القوية مع الولاياتالمتحدة، فيما خرج زهاء عشرة آلاف متظاهر تأييداً ليوشنكو وطالبوا باستقالة رئيس الدولة ليونيد كوتشما الذي يجمع المراقبون على انه عزز مواقعه وسيعين رئيس وزراء موالياً له. وصلت الأزمة السياسية والحكومية في أوكرانيا الى ذروتها باقالة حكومة فيكتور يوشنكو "الموالية للغرب"، ولكن المحللين اجمعوا على ان تشكيل حكومة جديدة قد ينهي مرحلة "تعدد مراكز القوى" في هذه الدولة التي كانت أكبر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق بعد روسيا ويسكنها زهاء 50 مليون نسمة. وكانت حكومة يوشنكو شكلت قبل عام ونصف العام، وعذت محصلة مساومات بين الرئيس ليونيد كوتشما والقوى السياسية المنتمية الى جناحي اليمين والوسط. ومع تعاظم الأزمة الاقتصادية في أوكرانيا وتدهور أوضاع سكانها، بدأ البحث عن تحرج للأزمة. وأخذ كوتشما الذي لم يعد يؤمن برغبة الغرب في مساعدته مهرج، يتجه مجدداً الى روسيا وأعاد بناء العلاقات معها، ما أثار ضده حملة واسعة داخل أوكرانيا وخارجها. ونظمت تظاهرات واعتصامات تحت شعار "أوكرانيا من دون كوتشما" اصطدم المشاركون فيها مع رجال الشرطة. واتهم رئيس الدولة بقتل الصحافي المعارض غيورغي غونغادزه وأذيعت أشرطة ذكر انها تحمل تسجيلات لاعتراف كوتشما بالتحريض على القتل. إلا ان التحقيق أظهر ان "جثة الصحافي" لا علاقة لها بغونغادزه، ووردت مؤشرات على ان الأخير توجه الى الولاياتالمتحدة ليلتقي زوجته التي منحت حق اللجوء السياسي هناك. صهر الأميركيين وعرض التلفزيون الأوكراني لقطات تظهر ديبلوماسيين أميركيين شاركوا في تظاهرات مناوئة لرئيس الدولة. وكان انصار كوتشما اتهموا واشنطن بالعمل من اجل اسقاط كوتشما وتنصيب يوشنكو رئيساً، كونه "صاهر" الولاياتالمتحدة بزواجه من امرأة كانت تعمل في وزارة الخارجية الأميركية، فيما ذكرت مصادر اخرى انها موظفة في وكالة الاستخبارات المركزية. وبدأ كوتشما وانصاره حملة مضادة. وفي اطارها، جرت ملاحقات قضائية اسفرت عن اعتقال يوليا تيموشنكو نائبه رئيس الوزراء المتهمة بالرشوة والفساد والمعروفة بعدائها الشديد لروسيا ومطالبتها ببيع المؤسسات الأوكرانية لرأس المال الغربي. وبلغت المجابهة أشدها في غياب يوشنكو الذي كان يزور اليونان، فعقد البرلمان سلسلة اجتماعات تبادل خلالها النواب اللكمات وشتائم مثل "خنازير" و"اوباش". وصدر أمس قرار باقالة الحكومة بأغلبية قوية اذ صوت له 263 واعترض عليه 60 نائباً وعقد يوشنكو اجتماعاً طارئاً للحكومة، قال خلاله ان قرار الاقالة يعني ان "الديموقراطية منيت بالهزيمة". وأضاف انه "سيرحل كي يبقى"، موضحاً انه سيرشح نفسه الى البرلمان ليواصل المعركة ضد خصومه السياسيين. وألمح الى انه لن يوافق على القيام بأعمال رئيس الوزراء بالوكالة لحين تشكيل حكومة جديدة بل سيقدم استقالة فورية. وتحت شعار "يسقط كوتشما"، خرج انصار يوشنكو الى شوارع العاصمة كييف وأعربوا عن تأييدهم لرئيس الوزراء المقال. ومن جانبه، قال رئيس الدولة ان القرار "لا يعجبني ولكن حصل ما حصل". وتابع انه سيعود الى الدستور ويستند الى نصوصه عند تعيين رئيس جديد للحكومة. رد موسكو وفي أول رد فعل روسي قال ناطق باسم الحكومة ان ما يجري هو "شأن داخلي" وليس أوكرانياً، ولكنه أعرب عن في ان تتطور العلاقات بين موسكو وكييف بغض النظر عن اسم رئيس الحكومة. وتوقع ميخائيل بروساك رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفيديرالية الشيوخ الروسي أن تسفر الاحداث الأخيرة عن تعزيز مواقع كوتشما الذي قال انه الآن أصبح طليق اليد وسيوكل رئاسة الوزارة الى "شخص موالٍ له يمكن الثقة به والاعتماد عليه".