بعد ثلاثة أيام على عرض وزير الخارجية الأميركي كولن باول حواراً مع إيران وكوريا الشمالية وتمييزه بينهما وبين العراق في اطار الدول التي صنفها الرئيس جورج بوش ضمن "محور الشر"، قلل نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني من فرص الحوار مع طهران إذ أعلن أنه "محبط" بعدما شاهد "أمثلة كثيرة جداً على دعمها النشط للارهاب وجهدها المتواصل لتطوير أسلحة دمار شامل". وفي كلمة أمام مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، أكد تشيني أنه يرى "تأييداً محلياً ودولياً إذا استدعت الحاجة عملاً قوياً ضد العراق". وكانت مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس أكدت ان ليس هناك قرار وشيك بضرب العراق، مجددة رغبة إدارة بوش في رؤية نظام آخر في بغداد. وفيما اتفق وزيرا الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين والروسي ايغور ايفانوف على ضرورة عودة المفتشين الى العراق، أعلن نظيرهما البريطاني جاك سترو أن بلاده تؤيد رغبة واشنطن في تغيير نظام الرئيس صدام حسين. ويُعد ذلك تحولاً في موقف لندن التي كانت تعتبر مسألة النظام شأن العراقيين. ونقل عن سترو قوله خلال زيارته كابول ان "التهديد الذي يشكله صدام جدي جداً جداً". لكنه تساءل عن كيفية تغيير نظامه وقال: "لا تستطيعون القيام بعمل عسكري إلا إذا كانت هناك أدلة دامغة وكنتم مقتنعين بعدم وجود حلول أخرى". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن كوندوليزا رايس ليل الخميس ان الرئيس جورج بوش سيكون "حذراً وصبوراً جداً" في تعاطيه مع الملف العراقي. وقالت ان بوش "أعلن صراحة ان العالم يواجه مشكلة مع العراق وأن الوضع الحالي ليس مقبولاً"، لكنها أشارت الى أن "أي قرار وشيك" ليس متوقعاً. وأكدت ان "طبيعة النظام العراقي ليست سراً على أحد"، مشيرة الى أن الشعب العراقي "سيكون بالتأكيد في وضع أفضل" مع نظام مختلف عن نظام الرئيس صدام حسين. وأوضحت في مؤتمر صحافي ان الولاياتالمتحدة تدرس "مجموعة من الخيارات ولا تستبعد أياً منها" في شأن العراق، رافضة ان تعددها. واكتفت بكشف واحد منها هو المشاورات التي تجرى مع اعضاء مجلس الأمن لفرض "عقوبات ذكية". وفيما خسرت أسعار الأسهم في تركيا أمس نسبة 3 في المئة من قيمتها بسبب مخاوف المستثمرين من تزايد احتمالات حرب في المنطقة، اعتبر رئيس الوزراء التركي بولنت اجاويد ان العراق لا يشكل تهديداً عسكرياً كبيراً يبرر ضربه. وقال في حديث الى شبكة "ان. تي. في" التلفزيونية: "الولاياتالمتحدة تبعد آلاف الكيلومترات، وعملية ضد العراق لن تؤثر في شعبها مباشرة بل ستؤثر فينا، وستوجه ضربة قاسية الى اقتصادنا". ورأى ان الرئيس صدام حسين "لم يتخذ أي اجراء ايجابي حتى الآن" لتفادي الخيار العسكري. فيدرين - ايفانوف وفي مؤتمر صحافي عقد في مقر وزارة الخارجية الفرنسية أمس أكد فيدرين بعد محادثاته مع ايفانوف تقارب المواقف الفرنسية والروسية إزاء ملف العراق، وطالب بغداد بتطبيق المطلوب منها منذ سنوات أي السماح بعودة المفتشين وتنفيذ القرارات الدولية. واعتبر ان هذا "أفضل حل للأزمة العراقية، ويوفر علينا الاجابة عن اسئلة أخرى"، مستبعداً احتمال توجيه ضربة أميركية في هذه المرحلة. وفرّق فيدرين بين المشكلات التي يطرحها النظام العراقي وبين مكافحة الارهاب قائلاً ان "لكل من المسألتين معالجة منفصلة". وزاد ان فرنسا "لم تدخل الحرب على الارهاب لمجرد التضامن مع الولاياتالمتحدة بل لأن لديها أسبابها الخاصة لمكافحة الارهابيين"، وان "المكافحة ستستمر على رغم بروز خلافات على هذه النقطة أو تلك" مع أميركا. أما ايفانوف فشدد على أن روسيا أكدت دائماً ضرورة تسوية الأزمة العراقية على قاعدة القرارات الدولية، وتعتبر ان "أي اجراء يجب اتخاذه في اطار مجلس الأمن، والاجراء الاحادي يزيد الوضع خطورة في العراق والمنطقة". وأيّد ايفانوف نظيره الفرنسي في دعوته العراق الى السماح بعودة المفتشين وتطبيق القرارات الدولية، لكنه نبه الى أن ذلك ينبغي أن يؤدي الى رفع الحظر. ورأى ان محاربة الارهاب ليست حكراً على دولة دون أخرى، وفي هذه الحرب "لا ندافع عن مصالح الولاياتالمتحدة بل عن مصالح مشتركة". ووصف التحالف الدولي ضد الارهاب بأنه ظاهرة مميزة فرضت نفسها لأسباب موضوعية ونتيجة كون التهديد واحداً، داعياً الى "تعميم هذا النهج وتعزيزه، بدلاً من تغليب العمل الاحادي الذي لا يمكنه إلا أن يضعف التحالف ويصب في خانة أعداء المجتمع الدولي". طارق عزيز الى ذلك، طلبت بغداد أمس تدخل مجلس الأمن لمنع الهجوم الأميركي، وفي مؤشر الى استعدادها لابداء مرونة أكد نائب رئيس الوزراء طارق عزيز في حديث الى صحيفة "فراكفورتر تسايتونغ" الالمانية أمس ان العراق يقبل المساهمة في ايجاد "حل شامل". ووافق على امكان تولي الأممالمتحدة "شكلاً من أشكال المراقبة" للتثبت من أن بغداد لا تملك اسلحة دمار شامل، لكنه أشار الى ان هذه المراقبة ينبغي ألا تقتصر على العراق، بل تشمل كل المنطقة. وشدد على رفض حكومته حصر الحوار مع المنظمة الدولية في مسألة الرقابة على برامج التسلح، مكرراً أن الأسلحة المحظورة في العراق دمرت بالكامل راجع ص 3.