يصعب التصور أن في الإمكان تجاوز دور الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في إدارة حكم العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري بالاعتماد فقط على بعض النخب من الديموقراطيين والتكنوقراط والعسكريين. وفي الوقت نفسه، إذا أرادت هذه الأحزاب التقليدية - وربما الليبرالية التي في طور التكوين - أن تساهم في إدارة حكم تقدمي وديموقراطي جديد، وأن يكون لها دور في السياسات الدولية والإقليمية والعربية، فإن عليها الآن وقبل الغد، منفردة أو مؤتلفة أو مجتمعة في مؤتمر موسع أو محدود، دعم شعاراتها وتحليلاتها السياسية وفاعلياتها النضالية للتخلص من النظام الديكتاتوري بالاعلان الواضح عن سياساتها ومواقفها العملية في القضايا المتعلقة بطرق إدارة الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، وكيفية تنمية الثروة النفطية والتصرف بمواردها المالية، ورأيها بالديموقراطية بمعنى الحريات الفردية وبدلالة توزيع الثروات والموارد العامة. وإذ تتجنب الأحزاب تناول هذه القضايا المهمة المثيرة للجدل وللمناقشة، وهي الأصل في العمل السياسي، فإن التفاؤل قليل في تحقيق نتائج عملية من الحوارات السياسية في ما بينها من جهة، كما ستبقى مساومتها السياسية، منفردة أو مجتمعة، ضعيفة مع الدول المعنية بالأزمة من جهة أخرى. وينسحب هذا الاستنتاج على الآراء السياسية الليبرالية المستقلة التي ينحصر اهتمامها بالدعوة الى الديموقراطية والحكم المدني والثقافة المعاصرة ولكنها تتجاوز خصائص الاقتصاد السياسي وقواعده الاجتماعية. التحديات المستقبلية والاهتمامات الراهنة تتسارع التطورات والأحداث المحيطة بالأزمة العراقية التي تشير إلى احتمالات التغيير القريب في نظام الحكم بعمل عسكري دولي تقوده الولاياتالمتحدة. ومع حاجة الأحزاب والقوى السياسية الى الاستعداد لهذا التغيير المتوقع وتسلم السلطة، يتزايد الاهتمام بمستقبل السياسات الحكومية المقبلة وقدرتها على معالجة المشكلات الداخلية من جهة، ولمعرفة انعكاساتها اللاحقة على دول منطقة الشرق الأوسط والأنظمة العربية من جهة أخرى. وفي وقت يمنح العراقيون الأولوية في جهودهم لتغيير نظام الحكم والاستقرار الأمني والسياسي كشرط أساس لاستعادة حرياتهم والحياة الطبيعية في البلاد، فإن الإدارة السياسية الجديدة ستواجه منذ لحظة سقوط الديكتاتورية مسؤولية إدارة مؤسسات الدولة وتسيير نشاط المجتمع وسط كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية. ولأن التجربة التاريخية تكشف أن طرق إدارة التنمية والديموقراطية والثروة النفطية كانت من الأسباب الرئيسة للأزمة الراهنة، وأنها تشكل العناصر التي تتحكم بمستقبل العراق، فإن التحدي الذي سيواجه النظام الجديد هو كيفية التأثير في متغيرات هذه العناصر لإحياء النشاط الاقتصادي وزيادة التشغيل والدخول ولتأمين الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتعليمية والضمانات الاجتماعية العامة في ظل الحريات الفردية ووسط مناخ ديموقراطي. من هذا المنطلق العام، يمكن صوغ سياسات العراق المستقبلية وتحليل نتائجها الداخلية وانعكاساتها الخارجية. وعلى قاعدة هذا المنطلق يمكن التحاور بين الأحزاب والقوى السياسية المعارضة والحوار مع القوى الخارجية المعنية بالتغيير، خصوصاً الولاياتالمتحدة، في السياسات المستقبلية للعراق. وللمستقبل، فإن الأحزاب والتيارات السياسية الجديدة يجب أن تعتمد هذا الأساس في برامجها وسياساتها وفاعلياتها، وإلا فإن نشاطها يقع في حبال افتعال الجدية والأهمية. فالأصل في نشاط الأحزاب والقوى السياسية والحكومات هو العمل على تحقيق الغايات والأهداف الوطنية العامة وخلاصتها ضمان الحريات الفردية المقترنة بتحسين مستوى المعيشة والارتقاء بنوعية الحياة في البلاد. أما السياسة الخارجية فهي في الحالات العادية من المتغيرات التابعة أو المكملة للسياسات الداخلية وليس العكس. ويشير الواقع الى أن الأحزاب والقوى السياسية التقليدية المعارضة لا تزال منشغلة بتحليلاتها ومتابعتها السياسية لمراكز القوى وتغيرها. وهذا نشاط ضروري لها. ولكن الأكثر أهمية أنها تحجم عن أو تفتقر الى القدرة على إبداء رأيها الواضح في قضايا إدارة الاقتصاد والموارد العامة وتحديد أسبقياتها وسبل إعادة الإعمار من على المنابر السياسية المسؤولة لأسباب، هي في رأينا، تراوح بين نقص الخبرات العملية والمهنية أو صعوبة استشراف المستقبل، أو بسبب التمسك بالإيديولوجيا والمحرمات والثوابت المتعددة التي لا تجوز مناقشتها، أو بسبب الوصاية الخارجية وعدم الاستقلال المالي. فيما تراقب الدول المعنية بالعراق المواقف والآراء في هذه الموضوعات وإن اختلفت في طريقة تناولها وترتيب أسبقياتها والإعلان عنها. ففي وقت يكون تدفق النفط الخام العراقي في الأسواق العالمية والاستثمارات المتوقعة في إعادة الإعمار ومصادر تمويلها وتوسيع التجارة مع العراق هو الأكثر أهمية لدى الدول الغربية، يتراجع اهتمامها بمتطلبات التنمية الوطنية ونشر الديموقراطية وحماية حقوق الإنسان. أما الدعوات الحكومية العربية والإقليمية الى التعاون أو التكامل أو التضامن مع العراق، فإنها تتمحور في مجموعتين من الأهداف الأحادية المصالح. الأولى، توسيع الصادرات الى العراق والافادة من الموارد المالية النفطية المتزايدة كمنح أو مساعدات أو تفضيلات في الأسعار أو في تمويل الاستثمارات العينية في البلدان غير المصدرة للنفط. والمجموعة الثانية، كبح تحرير قوة النفط من سيطرة النخب الحكومات والحيلولة دون تسخيره كقوة للدولة عبر نظام سياسي اقتصادي ديموقراطي يوسع المشاركة في عمليات صنع القرارات العامة. أو بعبارة أخرى، وجود نزعة سلبية قوية لدى الحكومات الإقليمية والعربية - لأسباب داخلية أو استراتيجية - تجاه قيام نموذج عراقي سياسي ديموقراطي مؤسسي مستقر ويمتلك الموارد البشرية والاقتصادية الطبيعية الهائلة. وساهمت أسباب عدة، ولا تزال، في ضعف قدرة الأحزاب وقوى المعارضة على التعاون المشترك ولإنجاز مهمة الإطاحة بالنظام الديكتاتوري الحاكم، ولكن من أبرز هذه الأسباب غياب البرامج والسياسات العملية لتحقيق الغايات العامة التي يتطلع الرأي العام الى معرفتها من جهة، والضرورية لتطوير الفاعليات المشتركة بينها من جهة أخرى. ومن الضروري هنا إعادة التأكيد أن احتكار السلطة الحاكمة للتصرف غير المؤسسي بالموارد النفطية والإدارة المركزية للاقتصاد والتنمية ونشر ثقافة الخوف ونبذ الحريات كانت من الأسباب الرئيسة في وجود النظام القائم وأزماته المدمرة. ليس هناك ضرر أو خطر، كما يعلن البعض، من حال الاختلاف في الأهداف والأولويات والرؤية الاستراتيجية في حوار تجريه الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية المعارضة بينها، وبينها وبين الولاياتالمتحدة أو بريطانيا أو إيران أو سورية أو تركيا في الشأن العراقي. ولكن الخطر الذي يحيط بالمستقبل العراقي هو في تردد الأحزاب في تناول هذه الموضوعات والدفاع عنها علناً من على المنابر السياسية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية أو حتى برعاية دولة ما. وفي وقائع الشهور الماضية ما يؤكد ديمومة هذه المشكلة القديمة - الجديدة. فالجميع يعلم أن قدرة الأحزاب المعارضة على الإطاحة بنظام صدام الدموي ضعيفة، وأن الولاياتالمتحدة تعلن عن سياساتها بضرورة تغيير نظام صدام، ولو كان سبب ذلك التخلص فقط من أسلحة الدمار الشامل، وهي قادرة على ذلك. كما أن نضج الظروف الموضوعية لمنح العراقيين الفرصة لقيام نموذج جديد في منطقة الشرق الأوسط أصبحت دلائلها واضحة. ولذلك، ليس هناك مبرر سياسي يفسر هذا التردد والسلبية في نشاط الأحزاب والقوى المعارضة إزاء بعضها بعضاً والتحاور مع القوى الخارجية المعنية. ولعل في ظاهرة الاهتمام الواسع بالثروة النفطية ما يكشف عمق المفارقة في تخلف الأحزاب المعارضة عن المواكبة من جهة، وتحفز القوى الخارجية لتأمين مصالحها بعد سقوط الديكتاتورية من جهة أخرى. فالصحافة العالمية تتحدث عن توزيع المصالح الأجنبية في نفط العراق، وصدام يتهم الحملة الأميركية ضده بأنها تستهدف استلاب النفط، والحكومات المعنية ترفض اعتبار النفط العراقي هدفها بل فقط تدمير أسلحة الدمار الشامل. أما الأحزاب المعارضة، التقليدية وغير التقليدية، فهي مشغولة بالتحضير للمؤتمر الموسع المقبل وسط خلافات ظاهرها عدد المشاركين فيه وتسميتهم من دون أن تقدم علناً حتى الآن مواقف سياسية واقتصادية من الثروة النفطية العامة وطرق الانتفاع منها في المستقبل. إن ظاهرة تجاوز البحث السياسي المسؤول في طرق معالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية ودور النفط في التنمية وكيفية استغلال قوة النفط في ضمان الحريات السياسية والممارسات الديموقراطية، تؤكد أن مستقبل الأحزاب المعارضة في إدارة الحكم الجديد لن يكون براقاً. عناصر الاقتصاد السياسي في المجال الاقتصادي، نعتقد أن العراقيين في حاجة الى سياسات واضحة تجاه مسألتين: الأولى، معرفة دور القطاع النفطي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الداخلية ومرادفها السياسة النفطية للحكومة المقبلة وذلك لتحديد مركز المصالح النفطية الأجنبية منها. والمسألة الثانية، كيفية تأمين الاحتياجات المالية الكبيرة لإعادة إنشاء البنية الأساسية المخربة والتسوية السياسية لكل من تعويضات الحرب المفروضة بقرار الأممالمتحدة الرقم 687 والديون الخارجية غير التجارية. وفي طريقة تناول هاتين المسألتين لا ينبغي تجاهل الارتباط الموضوعي بينهما. ففي الوقت الحاضر، يتم البحث في تفاصيل كل قضية على نحو مستقل من الأخرى بحجة الاعتبارات العملية والرغبة في زيادة المعلومات والتقدير الواقعي لحجم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية السائدة. وربما يكون مثل هذا المنهج العملي المجزأ مفيداً على المستوى المهني، لكنه في رأينا يبقى ناقصاً ولا يفي بمتطلبات معالجة الأزمة الوطنية المعقدة. فالتجربة العراقية منذ بداية الخمسينات، تشير إلى أن الفعل المشترك للعناصر الأساسية في الاقتصاد السياسي، النفط والتنمية والديموقراطية، هو الذي يجب تحليله لمعرفة العوامل والمتغيرات التي أدت إلى نشوء الأزمة أولاً والتي تستدعي المبادرة في طرح الرؤية المستقبلية للتطور المقبل ثانياً. وأن على الأحزاب والقوى الدافعة للتطور أن تجد في برامجها وسياساتها الآلية المناسبة لإدارة هذه العناصر بكفاية من أجل التأثير الإيجابي فيها. وعلى الصعيد العملي، يتطلب تطبيق الدعوة الى الحريات الاقتصادية الفردية، التملك والتبادل والعمل والمنافسة، على شكل سياسات وإجراءات عملية فاعلة ومعرفة آليات العمل الاقتصادي في إطار من المؤسسية التي تحدد دور الدولة، الحكومة والقطاع العام، ودور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي. كما أن السياسات الاقتصادية المطلوبة لزيادة النمو الاقتصادي والتشغيل والدخول، وهي من الأهداف العامة التي لا خلاف عليها، يجب أن تؤمن أنماطاً عادلة في توزيع فرص العمل والانتفاع من الموارد والثروات العامة بين المواطنين. ومن جهة أخرى، فإن الدعوة الى الديموقراطية يجب أن تقترن بإجراءات دستورية ومؤسسية وإدارية وقانونية محددة تنعكس في توسيع نطاق المشاركة في عمليات صنع القرارات العامة، ومنها الاقتصادية بخاصة، وعلى مختلف المؤسسات والمحافظات والمجتمعات المحلية. ولهذا نعتقد، أن طرق التصرف بالإيرادات النفطية يمكن أن تشكل المدخل العملي لمعالجة المشكلات السياسية، ومنها توسيع الممارسات الديموقراطية، ومعالجة مشكلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ومن جهة أخرى، فإن معالجة مشكلات التنمية تتطلب الوضوح في أسس ومتطلبات زيادة النمو الاقتصادي والتشغيل وتأمين الحد الأدنى من العدالة والضمانات الاجتماعية. أما على الصعيد السياسي، فإن تأمين الاستقلالية الاقتصادية للمواطن على قاعدة حرية الفرد في التملك والتبادل والمنافسة سيساهم مع الحرية السياسية للفرد وللأحزاب والحق في تداول السلطة ومعارضة الحكومة في توسيع عمليات صنع القرارات الاقتصادية العامة، وبالتالي توسيع الممارسات الديموقراطية واللامركزية على مختلف المستويات. المشروع الاقتصادي للتغيير في العراق: التحدي الرئيسي لمرحلة ما بعد الديكتاتورية تزايدت أهمية الدعوة الى المشروع الاقتصادي للتغيير مع تفاقم الأزمة العامة وضرورة البحث في سبل معالجتها في إطار واحد. فعلى الصعيد السياسي، هناك ثلاثة أهداف مهمة على كل الأحزاب والقوى المعارضة، التقليدية والليبرالية الصاعدة، السعي الى تحقيقها. الأول، تأكيد ضرورة الالتزام المسبق بطرق إدارة الاقتصاد والنفط والديموقراطية من بين الكثير من الخيارات الممكنة التي نجدها في تجارب الخمسينات أو الستينات أو تجربة البعث أو تصورات اليسار أو الليبرالية العقائدية أو رؤية الإسلاميين أو الرأسمالية التقليدية أو المحدثة كما في التجارب الأوروبية الاشتراكية المعاصرة. وسيساعد الإسراع في إعلان الأحزاب مواقفها وخياراتها، ولو بالتزامات عامة، في تعريف المواطنيين بالقوى السياسية المستقبلية وحشد التأييد لها. كما سيخفف هذا الالتزام العلني من النزعات الفردية لبعض الكتل السياسية التي تلوح على نحو براغماتي غير ملتزم بإجراءات أو تقديم مزايا اقتصادية أو مالية لها علاقة بالحكومات أو المنظمات الأجنبية قبل وبعد تغيير نظام الحكم. الهدف الثاني، تجنب الوعود الجزئية أو الخاطئة بالحلول المالية للأزمة كما في ورود الإشارات إلى اعتبار تحسين سعر الصرف للدينار غاية اقتصادية منفردة أو البدء في التنفيذ السريع لبرنامج الخصخصة أو التحرير الفوري الكامل للتجارة الخارجية. أما الهدف الثالث، فهو إدراك أن مسألة التعويضات المالية التي تفرضها الأممالمتحدة ومشكلة الديون غير التجارية هي من القضايا التي يجب أن تعالج سياسياً باعتبارها من مسؤولية النظام الحاكم. أما البحث فيها الآن كمدخلات مالية في السياسات الاقتصادية الجديدة، فإنه غير مصيب ومضلل وقد يؤدي إلى عرقلة الحلول الجذرية للأزمة. وإذ يتفق الجميع على الحاجة الى مرحلة انتقالية تتم خلالها تسوية المشكلات السياسية والأمنية والمؤسسية والإدارية، فإن العراقيين في حاجة أيضاً إلى إجراءات سريعة لوقف التردي في مستويات المعيشة، والعمل بسياسات تحقق ليس فقط الاستقرار الاقتصادي، بل تستهدف في الوقت نفسه، زيادة الإنتاج والتشغيل والدخول على المدى القصير والمتوسط. وكما نستنتج من الأزمة، فإن مثل هذه الإجراءات والسياسات لا يمكن أن تكون فاعلة ما لم تكن متكاملة وواقعية وعملية في أهدافها ومتطلباتها. وفي هذا المجال يجب أن تتكيف هذه السياسات للتطورات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية ويتم طرحها في إطار رؤية مستقبلية تستشرف العوامل المؤثرة في التطور المقبل. ويخدم الإعلان عن هذا المشروع أو أي مشاريع مماثلة من مؤتمر لندن الموسع أو تبنيه من حزب أو ائتلاف مجموعة من الأحزاب في تعريف الرأي العام بالجانب الاقتصادي في اتجاهات الحركة السياسية الديموقراطية للتغيير على نحو منهجي وملتزم. فكما يعلم العراقيون، ويعلم غيرهم، أن المصالح والعلاقات العربية والإقليمية والدولية مع العراق في الوقت الحاضر تتشابك وتتنافس في مناخ سياسي مضطرب ومريض تطغى عليه نزعة الحصول على منافع ومزايا مالية وتجارية سريعة وغير متكافئة مع مصالح العراقيين بسبب وجود الأزمة الداخلية الشاملة وانتشار الفوضى والتعويل على القرارات الفردية المزاجية والإجراءات الاعتباطية الذاتية للسلطة الحاكمة. ويعلم الجميع، ان مثل هذه العلاقات لا يمكن أن تديم المنافع الاقتصادية المشتركة إن لم تكن أصابتها بعد بالضرر البليغ. وإذ تزداد أهمية الحوار والجدل في هذه القضايا على الصعيد العربي بسبب روابط اللغة والدين والثقافة والجغرافيا والتاريخ المشترك مع العراق، يصبح مهماً تعريف الاقتصاديين والسياسيين والمثقفين والرأي العام العربي والحكومات بالمواقف المصالح والسياسات التي تعبر عن أهداف العراقيين ورؤية قواه المستقبلية الواعدة. وكما هو ضروري للعراقيين ولأحزابهم ولحركاتهم السياسية، نجد في الإعلان عن أهداف وسياسات المشروع، من على منبر مؤتمر لندن السياسي، تنوير غير العراقيين الذين ينشدون إقامة علاقات مصالح نافعة ودائمة مع الشعب العراقي. فالعراق الغني بثرواته البشرية والطبيعية، سيمتلك، في رأينا، مكانة اقتصادية كبيرة جاذبة في منطقة الشرق الأوسط والعالم بعد البدء في تطبيق سياسات اقتصادية وإنمائية صحيحة في مناخ ديموقراطي ومؤسساتي سليم. * كاتب وباحث عراقي.