سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" سألت ستة من المعارضين العراقيين عن أجواء اجتماعاتهم مع المسؤولين الاميركيين . إجماع على "جدية" واشنطن في إسقاط صدام والدور الرئيسي ل "الداخل" في التغيير
شكلت زيارة وفد من المعارضة العراقية الى واشنطن انعطافة في التطورات المحيطة بالقضية العراقية، لأنها تعدت الحديث عن الموقف من النظام العراقي الى البحث عن آليات اسقاط هذا النظام ومستقبل العراق ما بعد صدام حسين. يذكر ان وفداً من المعارضة، مكون من الهيئة الرئاسية الموقتة ل"المؤتمر العراقي الموحد" و"الحركة الملكية الدستورية" وشخصيات من تيار الوسط المستقل المعارض، قام بزيارة الى الولاياتالمتحدة في الفترة بين 24 - 28 ايار مايو الماضي، التقى خلالها مسؤولين في ادارة الرئيس بيل كلينتون على رأسهم وزيرة الخارجية مادلين اولبرات ومستشار الأمن القومي صمويل بيرغر ومساعد وزيرة الخارجية مارتن انديك اضافة الى مسؤولين في الكونغرس الاميركي. "الحياة" طرحت سؤالاً على ستة من اعضاء الوفد العراقي بشأن المحادثات مع المسؤولين الاميركيين وتقويمهم لنتائج هذه الزيارة: ذكر الشريف علي بن الحسين الحركة الملكية الدستورية ان اللقاءات مع المسؤولين الاميركيين ركزت على الجوانب المتعلقة بقضية التغيير في العراق وما يعقبه من قواعد لإرساء الوضع الدستوري، اضافة الى التحضيرات لعقد اجتماع موسع للمعارضة العراقية لتوحيد جهودها. وقال "ان المسؤولين الاميركيين ابدوا تفهماً واسعاً للطروحات التي قدمها الوفد والمتضمنة الخطوط العريضة لعملية التغيير في العراق، والعمل على اقامة نظام ديموقراطي دستوري تصان فيه حرية الافراد والجماعات، وتحترم حقوق الانسان وواجباته والعيش بسلام وتعاون مع دول الجوار. "وطالب الوفد بوضع آلية لرفع الحصار وإلغاء الديون المترتبة على العراق في حال زوال هذا النظام ومجيء حكومة وطنية منتخبة يكون الشعب العراقي هو المسؤول الأول عن اختيارها. "وقد تفهم المسؤولون في الادارة الاميركية المطالب المقدمة تفهماً واضحاً ووعدوا بمساعدة المعارضة وعبروا عن مواصلة دعمهم، وأكدوا على رغبتهم في رؤية المعارضة وهي توحد صفوفها وتطور عملها وتعهدوا بمساندة ودعم هذا العمل في المحافل الدولية وخصوصاً مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والدوائر التابعة لها. وناقش الوفد "قانون تحرير العراق" خصوصاً في جوانبه العسكرية، وتم الاطلاع على ما تنوي المعارضة العراقية القيام به على الصعيد السياسي والاعلامي، وكذلك على صعيد العلاقة مع الدول العربية وإمكان تقوية وتعزيز هذه العلاقة بما يخدم الهدف المشترك المتمثل باسقاط النظام والمجيء بحكومة وحدة وطنية منتخبة. وخلص الشريف علي بن الحسين الى ان المسؤولين الاميركيين أبدوا تفهماً كبيراً لما عرضه الوفد، واعتبر ان النتائج المتحققة من هذه الزيارة "ايجابية" تنتظر التنفيذ بتعاون الاطراف المعنية وهي المعارضة العراقية والجانب الاميركي. اما السيد هوشيار زيباري، ممثل الحزب "الديموقراطي الكردستاني" فقد لخص النتائج المتحققة ب"الجدية التي طرأت على السياسة الاميركية تجاه المسألة العراقية خصوصاً قضية إطاحة النظام وإقامة نظام ديموقراطي تعددي يحترم حقوق الشعب العراقي وخاصة الحقوق القومية للشعب الكردي ويضمن سلامة العراق والمنطقة". وأضاف ان "موعد التغيير ليس من الامور التي تحدد بزمن ثابت او حاسم، لأن السياسة الاميركية في تعاملها مع القضية العراقية تتبع اسلوب الخطوة خطوة او النفس الطويل". أما فيما يتعلق "بقانون تحرير العراق" فأكد زيباري ان الحكومة الاميركية باشرت بتنفيذ هذا القانون وأوعزت الى المؤسسات المعنية لتوزيع معدات وأجهزة غير فتاكة وذات طابع خدمي وتدريبي. واعتبر ان "المعارضة العراقية لا بد ان تستفيد من هذا التطور باتجاه تحقيق اهدافها الوطنية، واني متفائل بهذه النتائج التي تمخضت عنها اللقاءات والاجتماعات المختلفة مع ابرز المسؤولين في الادارة الاميركية وكذلك الكونغرس الاميركي". وأما اللواء حسن النقيب فذكر ان الوفد نبه المسؤولين الاميركيين الى "أهمية ابداء الثقة بقدرة المعارضة العراقية على التغيير"، وأشار الى ان معظم جوانب المحادثات تركز على المجالين السياسي والاعلامي، واعتبر ان "النتائج التي تحققت من هذه الزيارة ربما تكون نتائج طموحة، وآمل ان تكون في صالح الشعب العراقي". وأضاف "اريد ان اقول هنا وفي هذا الخصوص بأننا كمعارضة عراقية نتعامل مع المضيفين الاميركيين تعامل الند للند في اطار الصداقة والمصالح المشتركة، ولم نطلب من الاميركيين او من غيرهم ان يقوموا باسقاط النظام نيابة عنا، لأن اسقاط النظام هو من مسؤوليتنا نحن، انها مسؤولية الشعب العراقي وأنا شخصياً قلت للأميركيين وبكل صراحة: "نحن لا نريد منكم ان تقوموا باسقاط النظام نيابة عنا، لأننا نحن العراقيين نعتبر هذه القضية من مسؤوليتنا لوحدنا". وقال ان رد فعلهم على ذلك كان ايجابياً. لذلك فاني اركز على اهمية استقلال القرار العراقي المعارض. والمعارضة العراقية تدرك هذه القضية بعمق، فلا خوف على المعارضة ولا على مستقبل العراق السياسي، والمهم هو دعم هذه المعارضة لتنفيذ برنامجها السياسي المستقبلي". وعبر عن "التفاؤل" و"الأمل باستمرار جدية الاميركيين، لأنني حقيقة لمست تحولاً في السياسة الاميركية نحو القضية العراقية بالاتجاه العملي والفعلي". واستدرك قائلاً: "نحن نعتمد على شعبنا في الداخل وعلى المعارضة العراقية بكافة تياراتها وعلى الجيش العراقي الذي هو جزء من الشعب ويعاني مثله". وقال: "طبعاً لا توجد مراهنة على اي سيناريو محدد". أما الدكتور اياد علاوي الأمين العام لحركة الوفاق الوطني، فاعتبر ان الزيارة تعتبر تطوراً جوهرياً في العلاقة بين قوى المعارضة العراقية ودول العالم الاخرى، اذ "حاولت بعض الدوائر الاعلامية حصر هدف الزيارة بالحصول على مبلغ 97 مليون دولار التي وردت في "قانون تحرير العراق"، ولا بد هنا من توضيح حقيقة اكيدة وهي انه لا يوجد مبلغ مالي، هناك معدات لمن يرغب بالحصول علىها من القوى السياسية العراقية المعارضة". وقال علاوي ان مستشار الأمن القومي صموئيل بيرغر ومساعد وزير الخارجية مارتن انديك، اكدا ان هناك "الكثير من الدعم العربي لقضية تغيير النظام القائم حالياً في العراق، وشرحا كيف ألزمت الاستراتيجية الاميركية نظام صدام بصرف ايرادات "النفط للغذاء" والتي تبلغ نحو 12 بليون دولار على الشعب العراقي، إضافة إلى شرح بعض اتجاهات الاستراتيجية الأميركية في الشؤون السياسية والديبلوماسية والعسكرية لدعم الشعب العراقي ومعارضته في الداخل والخارج". وذكر ان المعارضة العراقية عقدت اجتماعات مهمة مع كبار القادة العسكريين في وزارة الدفاع الأميركية، وتم بحث بعض الجوانب العسكرية للتغيير، وتم أيضاً استعراض مواقف الدول العربية الداعمة للجهود الأميركية في هذا السياق. وأضاف انه جرت مناقشات مستفيضة مع الكونغرس الأميركي حول قدرات الشعب العراقي وقواته المسلحة ودور هذه القوات في عملية التغيير المقبلة، وجرى التأكيد على أهمية تقديم الدعم لقوى التغيير والعمل على ترسيخ لحمة الشعب العراقي، وبينه وبين قواه المعارضة والدول الاقليمية العربية والإسلامية. أما الدكتور لطيف رشيد ممثل الاتحاد الوطني الكردستاني، فاعتبر ان الزيارة "حققت نتائج جيدة، وأنها ربما تختلف عن سابقاتها بكونها وضعت القضايا الأساسية بكاملها على طاولة البحث وحددت نقاط عدة تضمنت مطالب المعارضة العراقية، وهي: حماية الشعب الكردي في كردستان العراق، وتطبيق قرارات الأممالمتحدة المرتبطة بحماية حقوق الإنسان، والتركيز على ان المعارضة الفعالة والأساسية توجد داخل العراق". وأضاف ان الوفد أبلغ الأميركيين "بأننا نريد أن نكون بعد إطاحة النظام جزءاً فعالاً في المنطقة من أجل التنمية الاقتصادية والاستقرار والتعاون، ولا يوجد خوف من عراق ما بعد صدام. أما الأميركيون فقد ركزوا على أهمية التغيير الجذري للنظام العراقي، وهم يؤيدون قيام نظام ديموقراطي تعددي، مع استمرار الضغط السياسي والديبلوماسي والاقتصادي على النظام، وأشاروا إلى ان هنالك خطوطاً حمراً يعرف نظام بغداد حساسيتها وعدم تخطيها وهي الهجوم على كردستان أو دول الجيران وعدم تعريض سلامة المنطقة واستقرارها للخطر، وعدم التحرش بالمصالح الحيوية الأميركية في هذه المنطقة وعدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل". "أما بخصوص "قانون تحرير العراق" فهم بدأوا بتنفيذه على طريقة الخطوة خطوة... من جانبنا لم نطلب أي مال أو أي سلاح ولم ندخل في التفاصيل العسكرية". وقد أبدى المسؤولون الأميركيون عن عدم ارتياحهم لمصطلح "اليوم الأول بعد سقوط صدام". وختم أنه لمس "حماساً ورغبة شديدة في التغيير". اما الدكتور موفق الربيعي، الشخصية السياسية والاجتماعية الإسلامية المستقلة، فاعتبر أن أهمية الزيارة تكمن في أنها قدمت المعارضة العراقية بصورتها الحقيقية الراهنة إلى الرأي العام العالمي وإلى وسائل الاعلام المختلفة وعرفت بدورها وأهميتها في عملية الصراع السياسي الدائر حالياً حول القضية العراقية. وهذا يشكل بحد ذاته دعماً سياسياً واعلامياً يصب في صالح المعارضة العراقية وكفاح الشعب العراقي ومطالبه العادلة". وأضاف: "لمسنا تجاوباً كبيراً من قبل المسؤولين في الكونغرس ووزارة الخارجية والمؤسسات الأخرى المعنية، ومنها المؤسسة العسكرية، وطرحنا من جانبنا العديد من القضايا الحيوية التي تتعلق بمصير الشعب العراقي ومستقبله، وركزنا على قضية الغذاء والدواء وكذلك على دعم المعارضة العراقية من أجل إسقاط النظام، إضافة إلى التأكيد على تفعيل القرارات الدولية ذات الطابع الإنساني، خصوصاً القرار المتعلق بحقوق الإنسان ونقله إلى البند السابع ليكون بذلك قابلاً للتنفيذ الالزامي من قبل النظام". وأضاف: "بودي هنا الاشارة إلى أن الحديث مع واشنطن أو أي عاصمة أخرى من عواصم العالم حول الشأن العراقي والمشكلة التي يعاني منها العراقيون هي مشكلة النظام الحالي، وطلب المساعدة من الدول الأخرى إنما هي قضايا مشروعة، ومن حق المعارضة العراقية القيام بها. وهذا لا يعني السماح لهذه الدول بالتدخل في الشؤون العراقية، وإنما مساعدة الشعب العراقي للخلاص من هذا الكابوس". واعتبر ان الزيارة حققت جوانب عدة مما كان الوفد يتطلع إليه.