} يكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن اعادة الاعتبار الى الحوار اللبناني - اللبناني برعاية رئىس الجمهورية اميل لحود، وسيحتل موضوع احياء الحوار حيزاً رئىساً في اللقاء الذي يجمعه غداً برئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتعقبه اجتماعات متلاحقة لرئىس البلاد مع ابرز الوجوه السياسية الفاعلة في لقاء قرنة شهوان، وتحديداً من خلال عدد من النواب وفي مقدمهم بطرس حرب الذي لم ينقطع يوماً عن التواصل مع رئاسة الجمهورية. ان عودة الحديث عن احياء الحوار اللبناني - اللبناني بتشجيع مباشر من القيادة السورية، تطرح مجموعة من الاسئلة تتعلق بمستقبل الحوار وما اذا كان يتجاوز مسألة رفع الملامة او العتب الى البحث عن قناعة في صلب القضايا المطروحة. وعلى رغم ان ليس هناك من مشكلة في مواصلة اللقاءات بين لحود والبطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير وانما في مدى التوصل الى قواسم مشتركة، خصوصاً بعدما اودع لقاء قرنة شهوان الوثيقة السياسية التي اصدرها في عهدة بكركي بدلاً من ان يودعها عند رئىس الجمهورية ويتفادى بذلك احراجاً اخذ يواجهه من خلال التحفظات التي ابدتها قيادات سياسية اسلامية رافضة التعاطي مع اللقاء على انه قوة سياسية ومفضلة التعامل مع بعض العاملين فيه من زاوية الصداقات التي تربطها بهم. وفي هذا السياق علمت "الحياة" ان نواباً في لقاء قرنة شهوان لم يفلحوا في اتصالاتهم مع قيادات اسلامية بارزة، لاقناعهم بعقد اجتماعات ذات طابع رسمي تضمهم الى الاعضاء في اللقاء المذكور. واعترف قطب سياسي بيروتي بارز ل"الحياة" بأنه التقى أخيراً صديقاً له في لقاء قرنة شهوان، حاول اقناعه بتبني معظم العناوين الرئىسة الواردة في الوثيقة السياسية التي وضعتها. وأكد القطب السياسي الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه سجل مجموعة من التحفظات حيال الطريقة التي اتبعت في تحضير الاجواء امام لقاء قرنة شهوان، كان ابرزها حصر الدعوة بالشخصيات المسيحية دون الاسلامية وتسليم الوثيقة للبطريرك صفير بدلاً من رئىس الجمهورية وعدم معرفة الأسس والمعايير التي اتبعت حتى بالنسبة الى دعوة المسيحيين، اذ استثنت البعض وأبرزت البعض الآخر. ولفت ايضاً الى انه لم يجد جواباً لدى سؤال صديقه النائب عن القواسم المشتركة التي تجمع عدداً من النواب والسياسيين بممثلين عن "التيار الوطني الحر" برئاسة العماد ميشال عون وحزب "الوطنيين الاحرار" وحزب "القوات اللبنانية" المحظورة مع ان ممثليه يحاولون من خلال لجنة التنسيق المشتركة التي تجمع الاطراف الثلاثة في تكتل واحد التخفيف من حدة المواقف الصادرة منها. وأكد القطب السياسي أنه لا يرى من جدوى للحوار اللبناني - اللبناني في حال تغييب رئىس الجمهورية وأركان الدولة الآخرين عن لعب دور فيه، وقال اذا كان يأخذ على الدولة عدم مبادرتها الى الحوار فإنه في المقابل يسجل على لقاء قرنة شهوان تجاهل رئىس الجمهورية، وعزا السبب الى ان رعاية الدولة للحوار تؤمن آلية لتنفيذ ما يمكن ان يتفق عليه. وأشار ايضاً الى انه يميز بين الاحتلال الاسرائىلي وبين الوجود العسكري السوري في لبنان.. وقال "لا نود الدخول في التفاصيل لتباين كل ذلك، مؤكداً أن البعض في الشارع المسيحي تعاطى مع تحرير الجنوب وكأنه هزيمة لخياره السياسي وقد اخطأ في تقديره تماماً مثلما اخطأ في تعامله مع قضية المتعاملين مع الميليشيات التي كانت موالية لاسرائىل، وعمد الى تصوير نفسه وكأنه معني بها على رغم ان لا هوية للمتعاملين الذين ينتمون في معظمهم الى طوائف اسلامية ارتأت ترك الأمر بيد القضاء اللبناني". وأوضح القطب السياسي أنه يدعو باستمرار الى تطبيق اتفاق الطائف والى تصحيح الوضع الناجم عن سوء تطبيقه لكنه يميز بين سورية واسرائىل رافضاً مقولة اعادة انتشار الجيش السوري اذا كان المقصود بها اخراج هذا الجيش بالقوة، ومعتبراً أن اي انتصار في هذا الخصوص على سورية يعني تجديد الفتنة في لبنان ونحن لسنا في هذا الوارد. وفي السياق نفسه رأى في "الزواج السياسي" القائم بين لقاء قرنة شهوان والمنبر الديموقراطي أنه بمثابة امر طبيعي وان قوة الأخير تكمن في رعاية النائب وليد جنبلاط له وفي حاجة اللقاء الى شخصيات اسلامية لدحض التهمة الموجهة اليه بحصر الحضور بالمسيحيين. وأكد ان لا خلاف بين اللقاء والمنبر الديموقراطي في الوثيقتين السياسيتين اللتين صدرتا عنهما، وقال انه يدعو الى الحوار وانما يجب التنبه الى عدم استخدامه من جانب البعض على انه متراس في مواجهة الآخرين، وتحديداً اذا كان هذا البعض من اركان الدولة. واعتبر ان الشرط الاساس الاطلاق الحوار على مصراعيه يكمن في رعاية لحود له، من دون الاستقواء به على الآخرين، او تصويره وكأنه يأتي استجابة لطلب سوري، وقال ان للجميع في الدولة دوراً في الحوار الذي يفترض ان يشمل كل القضايا العالقة. ورأى ان تفاهم الرؤساء الثلاثة على اسس واضحة يشكل القاعدة الرئىسة لتنظيم الحوار ورعايته، مشيراً الى انه لا يؤمن بالنظرية القائلة بتوزيع الملفات على اركان الدولة، ومؤكداً ان كل القضايا - أكانت امنية او سياسية او اقتصادية - مرتبطة ببعضها بعضاً وان لا ديمومة للمنطق القائل بفصل هذه القضية عن تلك، ما دامت كل واحدة منها تعتبر من القضايا الاجرائية التي هي من اختصاص مجلس الوزراء مجتمعاً ويحق للوزير ابداء الرأي والاشتراك في المناقشة لبلورة الموقف النهائي للحكومة. وختاماً يبقى السؤال: هل يبدأ الحوار - حتى ولو جاء متأخراً افضل من الاّ يأتي ابداً - من ضمن خطة مبرمجة ويعطي الثمار السياسية المرجوة منه، ام انه يكون موسمياً سرعان ما يعود التشدد السياسي الى الساحة... إضافة الى موقف بعض الاطراف التي شاركت في اجتماعات قرنة شهوان وتحفظت على الوثيقة السياسية اذ انها ستضطر الى اعلان معارضتها حتى لو ادى ذلك الى تصحيح ما يعتري العلاقات اللبنانية - السورية من شوائب، من دون ان تقترب من مسألة اعادة الانتشار التي تعني بحسب مفهومها انسحاب الجيش السوري من لبنان.