يرعى البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله بطرس صفير ظهر غد الاثنين، اعلان وثيقة ثوابت سياسية توقعها القوى السياسية المسيحية والنيابية والحزبية الرئيسية، في الصرح البطريركي في بكركي، على ان تكون أساساً للحوار مع اركان الدولة والقيادات الاسلامية، ومع القيادة السورية، في شأن قضايا الوضع السياسي الداخلي والعلاقات اللبنانية - السورية. وعلمت "الحياة" ان الاجتماع الأخير الذي عقده اللقاء التشاوري المسيحي في قرنة شهوان، الخميس الماضي، برئاسة المطران يوسف بشارة، المكلف من البطريرك صفير متابعة الاتصالات مع القيادات المسيحية وسائر الاطراف، كان ناقش مشروع الوثيقة الذي اعدته لجنة صياغة اختارها المجتمعون وتوصل الى جوامع مشتركة في شأنها مع الأحزاب المسيحية، ولا سيما منها "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد ميشال عون، خصوصاً ان الوثيقة تنص على تطبيق اتفاق الطائف في ما يتعلق بموضوع اعادة انتشار الجيش السوري في لبنان نحو منطقة البقاع تمهيداً لانسحابه النهائي، وفي ما يتعلق بالاصلاحات السياسية، التي تنص عليها الوثيقة، بعبارة التمسك بالاصلاحات الدستورية. وإذ تكتمت مصادر لقاء قرنة شهوان مقر المطران بشارة على مضمون المناقشات، وفضل المشاركون فيه، والذين سيجتمعون غداً في بكركي، عدم افشاء أي من النقاط التي ينص عليها مشروع الوثيقة، فإن الحرص على التكتم بلغ حد اعادة جمع مسودات الوثيقة من المشاركين في مناقشتها الخميس الماضي، ضماناً لعدم احتفاظ أي منهم بنصها وحصره بأعضاء لجنة الصياغة التي علمت "الحياة" انها تضم النائب نسيب لحود والسادة سمير فرنجية وتوفيق الهندي القوات اللبنانية وسامي نادر التيار العوني وسمير عبدالملك الكتلة الوطنية وممثلاً عن "حزب الوطنيين الأحرار". والذين حضروا الاجتماع هم الى اعضاء لجنة الصياغة، النواب: بطرس حرب وفارس سعيد وصلاح حنين ومنصور البون والياس سكاف والنائبان السابقان كميل زيادة ونديم سالم والشيخ ميشال الخوري والدكتور سليم سلهب والسفير السابق سيمون كرم والياس ابو عاصي الأحرار وشكيب قرطباوي وجبران تويني وحارس شهاب رئيس الرابطة المارونية وميشال رينيه معوض. واعتذر عن عدم الحضور الرئيس السابق أمين الجميل والدكتور فريد الخازن، لكنهما سيحضران غداً في بكركي. وقال أحد المشاركين في الاجتماع إن نقاشاً واسعاً دار على مبدأ الاستناد الى اتفاق الطائف، خصوصاً ان التيار العوني تحفظ عن هذه النقطة، مذكراً بأنه لا يوافق على الاتفاق على رغم انه يسلّم بأنه بات دستوراً. وسعى بعض الحضور الى إقناع ممثليه بأن صياغة الموقف المتعلق بالطائف تنطلق من الاستناد الى نص توافق عليه اللبنانيون في ما يتعلق بالوجود السوري، فضلاً عن الأمور الأخرى... وعلمت "الحياة" ان ثمة صياغة تتعلق باتفاق الطائف، مرنة، حتى لا يخرج التيار العوني، والاستناد الى هذا الاتفاق في توجهات المجتمعين نحو الحوار مع القيادات الاسلامية. وقال أحد المشاركين ان الأفرقاء الذين لديهم ملاحظات على النص ما قبل النهائي أخذوا فرصة حتى مساء أمس لاعطاء اجوبتهم للمطران بشارة، وان تشاوراً تم بين ممثلي العونيين والعماد عون في باريس لاتخاذ الموقف النهائي. وذكر مصدر في لقاء قرنة شهوان ل"الحياة" ان المخرج قد يكون بصدور موقف عن التيار العوني يتحفظ عن اتفاق الطائف، لكنه لا يخرج عن اجماع المجتمعين، ما دام هذا ما قرروه ويلتزم الوثيقة بكاملها. وأوضح المصدر ل"الحياة" ان الوثيقة تتناول الوضع الاقليمي من زاوية تأييد انتفاضة الشعب الفلسطيني، والاصرار على استعادة الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان بموجب القرارات الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام العادل والشامل. وتنص في هذا السياق على استعادة مزارع شبعا. وأكد المصدر ان الوثيقة هي بمثابة ثوابت، يعتقد المجتمعون انها أساس للحوار مع سائر القيادات الاسلامية، وستتشكل لجنة من اعضاء اللقاء من اجل عقد لقاءات معها، ومع اركان الدولة بدءاً برئيس الجمهورية العماد إميل لحود. ويضيف المصدر: "الوثيقة صيغت بمرونة وبواقعية، من دون احلام، او أوهام. فهي من جهة لا تتضمن نصاً على تحرير مزارع شبعا بالمقاومة، او بالديبلوماسية فقط، وتترك الأمر مفتوحاً. ولا تنص على طلب برمجة الانسحاب السوري الآن، وتدعو الى نشر الجيش اللبناني في الجنوب". واعتبر المصدر ان الوثيقة تحدث فرزاً سياسياً في الساحة المسيحية، فتجمع من يؤيدون طروحات البطريرك صفير ويؤكدون دعمهم له، تحت سقف ثوابت معينة، يفترض ان يوقعوها في حضوره فيما يبقى الأفرقاء الآخرون غير الموقعين، على خياراتهم السياسية الأخرى. ورأى انها مقدمة لفتح حوار جدي مع جميع الأفرقاء من دون التمسك بأي موقف.