يصل بعد ظهر اليوم الى سورية البابا يوحنا بولس الثاني في اول زيارة لسورية، التي قدمت عبر التاريخ ستة باباوات الى روما، أولهم البابا "الحمصي" انيسات الاول بين 155 و166 وآخرهم البابا غريغورس الثالث بين 731 و741. الى ذلك، هناك توقعات بأن يقدم المسؤولون السوريون "مفاجأة" للحبر الاعظم تتضمن اكتشاف ضريح القديس مارون شفيع الموارنة في سورية ولبنان في بلدة كفرنبو في شمال البلاد، علماً بأن البطريرك بطرس صفير لن يشارك البطاركة الآخرين في هذه الزيارة. وتأتي جولة البابا، وهي ال93 له خارج الفاتيكان، لإكمال مسيرة الحج على خطى القديس بولس من فلسطين الى مصر والأردن وانتهاءً بسورية التي جاءها القديس شاؤول بهدف اضطهاد المسيحيين، فأصبح على يد القديس حنانيا الدمشقي أحد دعاة المسيحية في العالم. وسيكون الرئيس بشار الاسد وكبار المسؤولين السوريين في استقباله في مطار دمشق الدولي، على ان يجري لقاء منفرد بين الاسد والبابا في القصر الرئاسي في السادسة إلاّ ربعاً بعد ظهر اليوم. وتستمر زيارة البابا الى يوم الثلثاء المقبل. ولا يتوقع ان تثير جدلاً دينياً كما حصل في زيارته الى اليونان ذات الغالبية الارثوذكسية، على رغم وجود غالبية مسلمة 86 في المئة، وتشكيل الارثوذكس 75 في المئة من المسيحيين. وسيقوم الحبر الأعظم بخطوتين تاريخيتين. الأولى دينية عندما يشارك مفتي سورية الشيخ احمد كفتارو في "جولة صامتة" في الجامع الأموي في خطوة أولى من نوعها في التاريخ. والثانية سياسية بإحيائه قداس السلام وزرعه شجرة الزيتون في مدينة القنيطرة في الجولان السوري المحتل منذ العام 1967. وقال كفتارو ان زيارة البابا للجامع الاموي يوم الاحد بعد إحيائه قداساً شعبياً في "ملعب العباسيين" دليل إلى "احترامه وثقته بنموذج التعايش والتسامح اللذين شهدهما تاريخ هذه الأمة بين المسلمين والمسيحيين". واستطاعت السلطات الدينية والسياسية وضع هذه "الزيارة الصامتة" في اطارها بعيداً عن أي تفسيرات حرصاً على عدم اختلاق مشكلة دينية، إذ بادر كفتارو باعلانه عدم اقامته صلاة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين وعدم وجود فكرة اعتذار الحبر الأعظم عن الحروب الصليبية، رداً على أفكار شاعت عن ضرورة ان يقدم البابا اعتذاراً امام تمثال صلاح الدين الايوبي أسوة باعتذاره من اليهود. وقال النائب البطريركي للروم الكاثوليك المطران ايسيدور بطيخة ل"الحياة" ان "فكرة الاعتذار عن الحروب الصليبية غير مطروحة أبداً". وزاد: "من يعتذر لمن؟ هل البابا صليبي؟ ان الصليبيين هم من الغرب وحاربوا الشرق وخربوا كنائسه ومساجده"، لكنه استدرك: "نعتذر عما حدث في تاريخ الكنيسة من أشياء مظلمة ومواقف خاطئة، فالإنسان يخطئ، لكن هل الكنيسة وحدها اخطأت ام ان الجميع اخطأوا. اذا أردنا فتح باب الاعتذارات فليكن كاملاً". في المقابل، هناك اعتقاد بأن زيارة البابا للجامع الاموي، حيث سيلقي خطاباً ويزور ضريح النبي يحيى يوحنا المعمدان بمثابة اعتذار و"إزالة للبس التاريخي". وقال اعلاميون رسميون انه "لن يسمح للصحافيين الذين بلغ عددهم نحو 500 بالدخول الى الجامع الاموي حرصاً على عدم حصول أي خطوة خاطئة"، فيما ستنقل عشرات التلفزيونات العربية والأجنبية النشاطات الاخرى للبابا. ويعول مسؤولون سوريون كثيراً على زيارة البابا يوم الاثنين الى القنيطرة حيث سيحيي "قداس السلام" في كنيسة الارثوذكس. وقال احدهم: "ستكون فرصة له كي يشاهد أفعال الصهاينة". وكانت السلطات السورية حرصت على عدم إزالة الدمار الذي قام به الاسرائىليون قبل انسحابهم من القنيطرة بموجب اتفاق فك الاشتباك بين سورية واسرائىل العام 1974 "كي يكون شاهداً على الوحشية الاسرائىلية". وقال كفتارو: "نتوقع ان يستخدم البابا ما يملك من سلطة روحية ودينية لدعوة أوروبا والعالم المسيحي الى الوقوف بحزم ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم لفلسطين باعتبارها تضم المقدسات الاسلامية والمسيحية على السواء".