تواصل السلطات السورية استعداداتها لاستقبال البابا يوحنا بولس الثاني في اول زيارة يقوم بها حبر أعظم الى سورية التي قدمت تاريخياً ستة باباوات الى روما. وستكون دمشق للمرة الثانية خلال سنة محط انظار ملايين الناس في انحاء العالم، ما يعطي المسؤولين السوريين فرصة لعرض وجهة نظرهم ازاء عملية السلام وخطوات الانفتاح والتحديث التي حصلت في الاشهر الاخيرة. وقال مدير العلاقات العامة منير علي ل"الحياة" ان نحو 500 صحافي طلبوا المجيء الى سورية لتغطية زيارة البابا بين 5 و8 أيار مايو المقبل، في مقابل مجيء نحو الف صحافي لتغطية تشييع الرئيس الراحل حافظ الاسد في 10 حزيران يونيو الماضي. وكان المدير العام ل"الهيئة العام للاذاعة والتلفزيون" الدكتور فائز الصائغ اعلن ان 15 دولة عربية واجنبية ستنقل اهم وقائع زيارة البابا، خصوصاً الصلاة التي سيقيمها في كنيسة الروم الارثوذكس في مدينة القنيطرة التي عادت الى سورية بعد توقيع اتفاق فك الاشتباك مع اسرائىل في العام 1974 على خلفية حرب تشرين الاول اكتوبر 1973. ومن المقرر ان يتوجه الحبر الأعظم بالسيارة الى القنيطرة التي تبعد 65 كيلومتراً عن دمشق في السابع من الشهر المقبل، ويقيم هناك "صلاة السلام" ويزرع شجرة زيتون في المدينة، في اشارة الى دعمه عملية السلام بين العرب والاسرائىليين وعودة الجولان الى سورية. وقال ديبلوماسيون: "ستحظى سورية بفرصة تاريخية لنقل وجهة نظرها مباشرة الى الرأي العام والقيام بحملة مكثفة من الديبلوماسية العامة. رسالة سياسية واحدة هي ان الجولان لا يزال محتلاً من قبل اسرائىل". وبعد وصوله في الساعة الثانية بعد ظهر السبت المقبل الى مطار دمشق حيث سيجري له استقبال كبير، يتوجه الى السفارة البابوية استعدادا لانتقاله الى القصر الرئاسي لاجراء جلسة مغلقة مع الرئيس بشار الاسد، ليختم يومه الاول ب"لقاء مسكوني" في بطريركية الروم الارثوذكس وتناوله عشاء منفرداً في السفارة البابوية. وكانت السلطات المحلية عكفت في الايام الاخيرة على ترميم الشوارع التي ستسير فيها سيارة البابا خصوصاً شارع مدحت باشا او "الشارع المستقيم" الممتد من باب الجابية الى باب شرقي حيث تقع البطريركية في شارع الزيتون. وفي صباح الاحد، يستعد عدد من شبكات التلفزيون العربية والاجنبية لنقل وقائع القداس في ملعب العباسيين الذي يتسع لنحو 50 الف شخص. وقال النائب البطريركي للروم الكاثوليك ايسيدور بطيخة ل"الحياة" انه تم طبع نحو 40 الفاً من القبعات والاعلام والصور كي يحملها الجمهور في الملعب. ويتضمن البرنامج ان يجوب البابا بالسيارة البابوية في ملعب العباسيين قبل الوصول الى السكرستي لاقامة القداس حسب الطقس الروماني عظة مع السلام الملائكي، على ان يتوجه بعدها الى بطريركية الروم الكاثوليك لتناول الغداء مع اصحاب الغبطة البطاركة والسادة الاساقفة مرافقي البابا وبعض المدعوين حيث يلقي الحبر الاعظم كلمة في هذه المناسبة. وبعد فترة راحة يزور بطريركية السريان الارثوذكس قبل التوجه مساء الى الجامع الاموي في دمشق القديمة حيث يلتقي مفتي سورية الشيخ احمد كفتارو في صحن الجامع ويزور مقام يوحنا المعمدان لإلقاء خطاب آخر. واكد المطران بطيخة ان "فكرة الاعتذار عن الحروب الصليبية غير مطروحة ابداً". وزاد: "من يعتذر لمن؟ هل البابا صليبي؟ ان الصليبيين هم من الغرب وحاربوا الشرق وخربوا كنائسهم ومساجدهم"، مستدركاً: "نعتذر عما حدث في تاريخ الكنيسة من اشياء مظلمة ومواقف خاطئة، فالانسان يخطئ، لكن هل الكنسية وحدها التي اخطأت ام ان الجميع اخطأوا. اذا اردنا فتح باب الاعتذارات فليكن كاملا". وقال بطيخة ان زيارة البابا الى الجامع الاموي "ستكون زيارة صامتة، ولن تكون هناك صلاة جماعية"، لافتاً الى ان نسبة المسيحيين تبلغ 14 في المئة وهم "لا يعانون اي تمييز" في سورية. ويحيي البابا صباح الاثنين القداس الالهي منفرداً في كابيلا السفارة البابوية، قبل انتقاله بالسيارة البابوية الى مقام القديس بولس على الاسوار والى ميموريال القديس بولس في الطبالة. وبعد عودته من القنيطرة يتوجه البابا الى بطريركية الروم الكاثوليك للقاء الشبيبة والقاء كلمة، بحيث يتناول العشاء منفرداً في السفارة البابوية. ويغادر صباح الثلثاء من مطار دمشق الى مالطا.