أجاب وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن أسئلة لأعضاء لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الاميركي، بعدما أبدى تفاؤلاً بتأييد عربي لخطة تعديل العقوبات المفروضة على العراق. فيما انتقد الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان "تسييس" برنامج "النفط للغذاء" في اشارة الى بغداد واعضاء في لجنة العقوبات. راجع ص2 في الوقت ذاته رفض رئيس البرنامج بينون سيفان تأكيد أو نفي ما ورد أمس في صحيفة "نيويورك تايمز" التي نسبت الى ديبلوماسيين ومسؤولين في الاممالمتحدة ان المسؤولين العراقيين يطالبون ب"رشوة" على سبيل "الابتزاز" من عقود الأغذية والأدوية، وكذلك بعمولات غير مشروعة يفرضونها على الشركات الاجنبية التي تعمل في العراق بإشراف البرنامج. ويتوقع ان يشرح الوزير باول اليوم المواقف التي أعلنها اثناء جولته على المنطقة، خصوصاً تصريحاته المتعلقة بالعقوبات المفروضة على العراق، وذلك امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ التي تضم اعضاء متشددين حيال بغداد، كانوا انتقدوا بعض ما ورد على لسان باول في شأن تخفيف العقوبات. وعلمت "الحياة" ان اجتماعاً عقد الاسبوع الماضي في البيت الأبيض، ضم نواب المسؤولين "الأساسيين" في الادارة الاميركية للبحث في موضوع العراق، واكتفى بتقويم التطورات بسبب عدم اكتمال التعيينات في الادارة، بانتظار تثبيت نائب وزير الخارجية ريتشارد ارميتاج. وعين فيل ماد في مجلس الأمن القومي ليتابع ملف العراقوايران والخليج، وهو مختص بشؤون ايرانوالعراق، وكان تابع هذا الملف في الاستخبارات الاميركية وسيتسلم مهماته مطلع الشهر المقبل. وأعلن باول أول من امس أثناء استقباله رئيس الاتحاد الأوروبي وزيرة الخارجية السويدية انا ليند انه سمع رسالة منتظمة من القادة العرب الذين التقاهم في جولته تشدد على ضرورة تعديل العقوبات لخفض تأثيرها على الشعب العراقي وتعزيزها في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل. وتابع انه لا يزال متفائلاً بالتأييد الذي سمعه في شأن تعديل العقوبات. وقال: "أنا واثق بأنها السياسة الصائبة، فالبديل هو الاستمرار في الانزلاق. سياسة العقوبات كانت تتهاوى امام عيوننا". ووصف جهوده بأنها ترمي الى استقرار العقوبات ورفعها الى "مستوى ينسجم مع اهداف الولاياتالمتحدة، وهو منع العراق من تطوير أسلحة دمار شامل، وفي الوقت ذاته لا تلام الولاياتالمتحدة على معاناة الشعب العراقي". وعلى رغم رغبة باول في وقف تآكل العقوبات، فإن مسؤولين في الادارة لا يعتقدون بأن تخفيف العقوبات أو ترشيدها سيكون السياسة الوحيدة، ويشيرون الى خطوات اخرى آحادية قد تتخذها واشنطن، خصوصاً في ما يتعلق بدعم المعارضة العراقية. انان الى ذلك، حض انان الحكومة العراقية على "زيادة" صادراتها النفطية في اطار برنامج "النفط للغذاء"، وقال انها "في وضع يمكنها من خفض مستويات سوء التغذية وتحسين حال الشعب العراقي". وانتقد استمرار لجنة العقوبات في تعليق العقود من دون ان يسمي الولاياتالمتحدة. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن ديبلوماسيين ومسؤولين في الأممالمتحدة ان المسؤولين العراقيين بدأوا يطالبون ب"رشوة" لهم على سبيل "الابتزاز"، من عقود الأغذية والأدوية، وبرسوم "عمولة" غير مشروعة يفرضونها على الشركات الأجنبية التي تعمل في العراق تحت اشراف برنامج "النفط للغذاء". وقال رئيس البرنامج بينون سيفان ل"الحياة": "ليس في إمكاني نفي أو تأكيد هذا التقرير، فنحن لا نتعاطى مع المقاولين، وإذا كان لدى الذين يتذمرون ما يريدون طرحه، فليبلغوا تذمرهم عبر بعثات دولهم لدى الأممالمتحدة". وزاد: "التجارة غير المشروعة ليست من مهماتي". وصرح مندوب العراق لدى المنظمة الدولية السفير محمد الدوري إلى "الحياة" بأن "العراق دولة ذات سيادة من حقها أن تتعامل بالطريقة التي تتلاءم مع سياستها ومصالحها. هذا لا يعني أنه يستخدم أساليب غير مشروعة، فمن يقرر ان كانت كذلك هو العراق". وأشار إلى "اتفاقات بين الحكومة العراقية والجهات التي تتعامل معها، وهذا لا يعتبر رشوة. هذا قرار وطني. أما الوسائل الرخيصة التي تتحدث عنها الصحافة فلا داعي للرد عليها. إنها جزء من الحملة على العراق". واعتبرت البعثة العراقية في بيان صحافي أن برنامج "النفط للغذاء" "لم يفشل في وقف تدهور الحال الإنسانية في العراق فحسب، بل فشل أيضاً في تحقيق أكثر الأهداف الإنسانية تواضعاً". وقال السفير العراقي: "هذا البرنامج سينفجر لأنه لا يستطيع القيام بعمله". نفط عراقي على صعيد آخر، قال مصدر نفطي مطلع ل"الحياة" ان معظم صادرات النفط العراقية تباع حالياً الى الشركات الاميركية والبريطانية، التي تشتريها عبر تجار نفط يوافقون على دفع الزيادة التي يفرضها العراق على سعر البرميل، خارج اطار حساب الاممالمتحدة، وتراوح حالياً بين 25 و30 سنتاً للبرميل حسب وضع السوق النفطية. وذكر المصدر ان شركة "توتال فينا الف" الفرنسية لا تشتري النفط العراقي لسببين، أولهما ان دفع الزيادة التي يفرضها العراق، يشكل خرقاً للقرار 986، وثانيهما ان السوق مشبعة بفائض من النفط الروسي الذي يضاهي نوعية نفط كركوكالعراقي، ولا داعي بالتالي لشراء النفط العراقي بأسعار غير تنافسية. على صعيد آخر قال مصدر مطلع ل"الحياة" ان لقاء مساعد وزير الخارجية الاميركي نيد ووكر أول من امس في باريس، مع مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية ايف اوبان دولاميسوزيير ومدير دائرة الاممالمتحدة جان فيليكس باغانون، لم يسفر عن أي اتجاه نهائي في شأن الأزمة مع العراق. وأضاف المصدر ان هناك تفكيراً اميركياً واضحاً حول ضرورة ايجاد عقوبات ذكية مع الحرص على مراقبة التسلح العراقي، ولكن ليس هناك توافق داخل الإدارة الاميركية حول هذه الافكار. وأبدى الجانب الفرنسي اهتماماً بالتقويم الاميركي حول العراق، علماً بأنه غير نهائي كون النقاش داخل الادارة لا يزال جارياً حول الموضوع.