} مع اقتراب موعد القمة العربية التي ستستضيفها عمان في السابع والعشرين من الشهر الجاري، تكثفت الاتصالات والمشاورات، وكان أبرزها على ثلاثة خطوط: عراقي وكويتي، والثالث ايراني من خلال تحرك وزير الخارجية كمال خرازي الذي انتقل من بيروت الى دمشق، معتبراً ان على القمة دعم الانتفاضة الفلسطينية وخيار "المقاومة". واذ تشكل الحالة العراقية - الكويتية محوراً بارزاً في مداولات القادة العرب، نشطت عمان في بلورة موقف موحد، واكدت امس ان القمة ستشهد اجماعاً على رفع العقوبات الاقتصادية عن العراق، وستؤيد ضمناً اي مبادرة للامم المتحدة لفصلها عن العقوبات الاقتصادية. واستقبل الملك عبدالله الثاني نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد الذي اكد ان بلاده سترحب بنداء تطلقه القمة لرفع الحصار الاقتصادي، رغم ان الكويت "اعتادت الشتيمة من اخواننا العراقيين". وفيما اكد الأردن ان رفع الحظر "ليس قراراً عربياً"، استبعد وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف الذي قابل العاهل الأردني "مصالحة مع أحد" في قمة عمان. استقبل العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني امس كلا من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد الصباح ووزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف، في إطار التحضيرات للقمة العربية التي ستعقد في عمّان الاسبوع المقبل. واجرى الوزيران محادثات منفصلة مع رئيس الوزراء الأردني السيد علي ابو الراغب، تناولت البنود الواردة على جدول اعمال القمة والتطورات على صعيد الوضع العراقي ومستقبل عملية السلام في المنطقة. واكد علي ابو الراغب في لقاء صحافي وجود اجماع عربي على المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق، لأسباب انسانية، مشيرا الى ان القمة ستؤيد ضمنا أي مبادرة قد تصدر عن الأممالمتحدة لرفع العقوبات الاقتصادية بعد فصلها عن الحظر العسكري. واوضح ان العراق يرفض خطة الاممالمتحدة التي اعقبت اتفاقاً اميركياً - بريطانياً على فصل العقوبات الاقتصادية عن العسكرية، ويطالب برفع كل العقوبات التي فرضت عليه بعد غزوه الكويت عام 1990. وزاد إن غالبية الدول العربية تؤيد اي خطوة تقود الى تخفيف معاناة الشعب العراقي، مشيرا الى ان بغداد ترفض حلاً جزئياً لمسألة العقوبات، باعتبار ان العراق تخلص من اسلحة الدمار الشامل التي كانت في حوزته وان من واجب مجلس الامن إنهاء العقوبات. في المقابل تصر الكويت ودول اخرى خليجية على استمرار الرقابة العسكرية على العراق الى حين الحصول على ضمانات بعدم معاودته تهديد جيرانه. وجدد ابو الراغب التأكيد على أن قرار رفع الحظر عن العراق "ليس قراراً عربياً" وان المسألة تبقى في يد مجلس الامن والاممالمتحدة، مع تشديده على التزام كل الدول العربية قرارات الشرعية الدولية. الى ذلك، اجرى رئيس الوزراء الاردني محادثات مع الصحاف تناولت العلاقات الثنائية وموقف بغداد من بنود جدول اعمال القمة العربية، بخاصة البند المتعلق بالعراق. وقال الصحاف ان بلاده تطلب من القمة ان تطالب برفع الحصار، وان تكون المضامين "واضحة ودقيقة تصب في دعم العراق وحقه العادل في رفع الحصار". وزاد ان العراق يرى ان "اي مواضيع اخرى تتعلق به وبالكويت والسعودية يجب ان تطرح في شكل موضوعي وبلغة واضحة تعبر عن الحقائق، من اجل الشروع في حلها عربياً". وعن وجود شروط عراقية للمصالحة مع الكويت، قال: "ليس مطروحاً موضوع مصالحة مع احد. المطروح هو جدول الاعمال ونقاط محددة، ونحن ناقشنا هذه النقاط فقط". ورداً على سؤال عن احتمالات مشاركة الرئيس صدام حسين في القمة العربية، قال الصحاف إن هذا الموضوع "لم يتقرر بعد، لكن على الاغلب سيكون حضورنا على مستوى الحضور في القمة العربية الطارئة في القاهرة". وأقام العاهل الأردني مأدبة غداء للوزير العراقي، ومأدبة عشاء لنائب رئيس الوزراء الكويتي. وكان الشيخ صباح الأحمد زار بيروت في اطار جولته العربية التي تسبق القمة، ونقل الى الرئيس اللبناني اميل لحود رسالة من أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي اعتبر ان "المرحلة دقيقة تحتاج فيها العلاقات العربية الى التماسك المبني على الوضوح والرؤية، الذي يمثل دعماً لقوتنا الذاتية وتأثيرنا العالمي". وشدد على "أهمية تبادل الأفكار ووجهات النظر في ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية - الكويتية ومجمل العلاقات العربية"، واصفاً العلاقة مع لبنان بأنها "متميزة". وأبلغ لحود الشيخ صباح الأحمد ان "موقف لبنان لا يزال هو نفسه لجهة دعم استقلال الكويت وسيادتها وسلامتها الاقليمية، وتأييد الجهود المبذولة لإيجاد حل سريع ونهائي لمشكلة الأسرى الكويتيين". وزاد ان "موقف لبنان في القمة العربية سيشدد على التضامن في كل المواضيع المطروحة، لتكون المواجهة العربية للاستحقاقات المنتظرة واحدة وفاعلة". وقال الشيخ صباح الأحمد انه وجد لدى لحود التأييد التام للقضايا التي طرحها معه. وعن موقف العراق الرافض الاعتذار عن غزوه الكويت ودعوته الدول العربية الى فك الحصار، قال: "نحن معتادون الشتيمة من اخواننا العراقيين وهذه ليست جديدة علينا، وفي الوقت ذاته نحن لم نقف يوماً امام الشعب العراقي في ما يتعلق بالحصار، دائماً نُتهم في الكويت بأننا السبب في الحصار، علماً انه ليس قراراً كويتياً، بل قرار لمجلس الأمن". وكرر ان "الكويت ليس لديها مانع في ان تطلق القمة العربية نداء لرفع الحصار الاقتصادي عن العراق وسترحب بذلك". والتقى صباح الأحمد رئىس الحكومة رفيق الحريري ونقل اليه رسالة شفوية من أمير الكويت تتناول العلاقات الثنائية، وأمل بأن تكون القمة "بداية خير للأمة العربية". وسئل الوزير الكويتي هل بحث مع الحريري في العلاقات اللبنانية - العراقية، فأجاب: "حصل بعض الحديث، وللبنان الحق كما للآخرين، ونحن نقدر التصرف اللبناني لأن الجميع تصرف كما تصرف لبنان". واعتبر مراقبون هذا الكلام موقفاً غير سلبي حيال إعادة لبنان علاقاته الديبلوماسية مع العراق قبل أيام.