يسدل مجلس الوزراء اللبناني في جلسته العادية اليوم الستار على التعيينات الادارية، ليقفل بذلك واحداً من اهم الملفات التي تشكل مادة سياسية يمكن استخدامها لتوتير العلاقات الرئاسية وتهديد الاستقرار المسيطر عليها. ولم تسجل المواقف المعترضة التي عبر عنها بعض الوزراء في داخل الجلسة او في خارجها، حالات يمكن ادراجها في خانة رفض التعيينات بالمطلق، بمقدار ما جاءت احتجاجاً على استبعاد اسماء مرشحين كان هذا البعض اقترحها لمصلحة مرشحين آخرين. وبكلام آخر، فإن الاعتراضات الراهنة او اللاحقة تنطلق من رغبة هذه القوة السياسية او تلك، بتحسين شروطها في التعيينات وهو امر يعتبر من "اصول" تقاليد اللعبة السياسية التي لم تتمكن الادارة من التغلب عليها على رغم الدعوات المتكررة برفض تسييسها. وفي قراءة اولية للدفعة الاولى من التعيينات التي صدرت اول من امس وستستكمل اليوم بدفعة ثانية أخيرة في حال تم التوصل الى حل عقدة المديرية العامة للضمان الاجتماعي يمكن تسجيل الملاحظات الآتية: - حصلت بعض المناقلات في الادارات والمؤسسات العامة لكنها ظلت في اطار الحفاظ على التوزيع الطائفي، إضافة الى استبعاد جميع المديرين العامين الذين كانوا وضعوا بالتصرف من قبل الحكومة السابقة. - ان التعيينات وان كانت مدروسة الى حد كبير، لم تغب عنها المحسوبية، لكن مع مراعاة الكفاية والسلوك الشخصي ونزاهة الكف، وعدم حصول حالات انتقامية من تعيينات الحكومة السابقة. - يعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في طليعة الذين استردوا حجمهم السياسي في الادارة بعد تصحيح الخلل الذي ساد المرحلة السابقة، وهذا ما تسبب بانزعاج الوزير طلال ارسلان. - كان لافتاً ان لاستقرار العلاقة بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري دوراً في تجاوز القطوع الأكبر في جلسة التعيينات وأخفق بعض الوزراء المنزعجين في اللعب على التناقضات الرئاسية لاحباط اقفال هذا الملف. اضافة الى ان علاقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بهما لم تتأثر على رغم تباينه مع الحريري في خصوص تعيين المدير العام الجديد للضمان. - ان "حزب الله" لم ينخرط في لعبة التعيينات من الباب الواسع، لكنه لم يُستبعد، وحصل على بعض المراكز التي اسندت الى محازبين او مناصرين له. - تمت معالجة الحرمان الذي كانت تشكو منه بيروت باستمرار فأعطيت حصة كبرى ومميزة وهذا من شأنه ان يحد من مطالبة "البيارتة" لرئيس الحكومة بأن يوقف استبعادهم من الوظائف الرئىسة. ولا يمكن اسقاط الدور الذي لعبته دمشق حين التحدث عن الاجواء التي سادت الجلسة والتي يمكن اعتبارها عادية قياساً الى الحجم الكبير للتعيينات التي صدرت. فقد واكبت دمشق ورعت المناخ الايجابي القائم حالياً بين لحود والحريري، فنجحت في تهدئة الاجواء، ما ينفي الكلام عن ان مواقف بعض المعترضين تنم عن خلفية سورية. والحكم النهائي على التعيينات يتطلب التريث لاختبار مدى مقدرة المديرين الجدد على اعطاء دفع جديد للادارة يوقف الروتين ويسهم في تطويرها. احد الوزراء علق على ردود الفعل على التعيينات بقوله: "البعض يتصرف كأننا في مدينة افلاطون الفاضلة ويتناسى عن قصد اننا لا نزال نعيش في لبنان المحكوم بتوازنات يصعب التخلص منها، وبالتالي فإن تسريع انجاز التعيينات يعتبر خطوة اساسية على طريق لملمة الوضع الداخلي وانعاش العلاقات الرئاسية.