حلت الفنانة الجزائرية فلة أخيراً في لبنان، وحازت اعجاب جمهوره، وكذلك عدداً من الأغاني التي ستقدمها في ألبومها الجديد، في محطة، تريدها ناجحة، في سلسلة محطاتها الفنية. وفلة التي غنت باللهجات المغاربية والمصرية والخليجية وبالفرنسية قبل أن تحط في بيروت لا تكتفي من حياتها بالغناء والفن، بل تقدم نفسها كحاملة للواء المرأة المدافعة عن حقوقها، ليس في مواجهة الرجل، بل تضامناً معه. "الحياة" التقت فلة وحاورتها حول اقامتها اللبنانية ومشاريعها ونظرتها الى المرأة ودورها. لماذا اعتبرت "فلة" مفاجأة مهرجان أغادير في المغرب؟ - لا أستطيع التعليق على ما قالته الصحافة التي اعتبرتني مفاجأة المهرجان، لأن الجمهور المغاربي الذي جاء من المغرب وليبيا وتونس والجزائر ليشاهدني، تفاعل معي وأحبني، كما أحبني الجمهور الجزائري، وقد لاحظ المشاهدون أثناء النقل المباشر للمهرجان على شاشات التلفزيون كيف تواصل الجمهور في شكل لافت مع أغانيّ، كما فعل ذلك في مهرجان قرطاج. بعد الحفلة الختامية لمهرجان قرطاج حصل مدّ وجزر في الاعلام إذ انتقد البعض علاقتك بالمسرح ثم اعتذروا منك. ما سبب الانتقاد؟ ولماذا الاعتذار؟ - أريد اختصار ما حصل. لقد أفدت من تجربتي على مسرح قرطاج في شكل مهم، وأنصح غيري من الفنانين بالمشاركة في المهرجان، لكن مع الحرص على وجود أجنحتهم أي فرقهم الموسيقية. المعروف عن "فلة" أنها حاملة لواء المرأة حتى على المسرح، لماذا كل هذا الاهتمام؟ - رأيي هذا لا يعني أن هناك انتقاصاً من حقها، ولكنني أتصور أن المرأة في أي بلد لم تأخذ حقها كامرأة كون نظرة المجتمع ما زالت تنتقص من هذا الحق. ويدعم الاعلام الغربي ذلك بنظرته الى المرأة المقاومة على انها مجرمة تدفع ابناءها الى التهلكة. ومن بعض المجتمعات العربية تعتبر مجرد تابع تقع على كاهلها بعض الأمور، وقد تعتبر آلة، ولكن لن أقول ان المرأة مثل الرجل أبداً، فهو له مكانته وهي لها مكانتها، خصوصاً أن الرجل العصري صار واعياً لحقوقها ويناضل معها لتكون عنصراً فاعلاً مثله في المجتمع. أنا مع حقوق المرأة لتواكب في تطورها الرجل وتسانده وتكون الحماية والأمان له، كما هو الحماية والأمان لها. وليس أن تقف ضده وتواجهه، لأنني أعتبر المواجهة معه حرباً خاسرة للطرفين. أين حقوق الرجل؟ - إذا رأيت ان حقوقه منقوصة فسأدافع أنا عن حقوق المرأة لأكملها، وأنت عن حقوق الرجل ونساند بعضناً لنكمل الحلقة. حصلت على أغان وألحان في لبنان، لكن ليس بينها ما هو كلاسيكي... - ستضم أعمالي اللاحقة تنوعاً أكثر، لأنني لا أستطيع جمع أعمال كل الملحنين والشعراء في عمل واحد، ولكن العمل المقبل ستكون فيه انتاجات أكثر مما سبق. على رغم كثرة انتاجاتك الفنية، ألا تجدين أنك وصلت متأخرة الى الشهرة؟ - تربيت في بيت فنّي. فوالدي رائد الأغنية البدوية وأخي ملحن ومؤلف موسيقى وجدي مؤسس جمعية الملحنين الموسيقيين. وساعدتني الأجواء التي عشت فيها لأنمّي موهبتي وأندفع الى دراسة الموسيقى وتعمقت كثيراً في الأغاني الكلاسيكية والشعبية والتراثية وسجلت أكثر من سبعة عشر ألبوماً، ولكنني لم أكن في الماضي مهتمة كثيراً بالشهرة والانطلاق إلا منذ عشر سنوات. ولعل الظروف لم تساعدني، ولا تنس انني من بلد المليون شهيد، فقد كنت مقيمة في الجزائر أثناء الأحداث، وفي ظل تلك الظروف لم تتوافر الأجواء التي تساعد على الاهتمام بالانتشار عربياً كما انني لم أجد المساعدة لأقدم أعمالاً كالتي أقدمها حالياً. كفنانة كيف تواجهين الانشقاق في المجتمع الجزائري بين التطرف والانفتاح؟ - الجزائر مثل أي دولة عرببية فيها مشكلات داخلية ولكنها ليست كما تتصورون، وأقولها بصراحة ان الاعلام الصهيوني يعطي صورة مغايرة للواقع ويضخم الأمور، فإذا انسحبت الأيدي السود من داخل أرضنا العربية صدقوني نحن بألف خير. في كلامك الكثير من الوطنية هل قدمت أغاني وطنية؟ - أكثر أعمالي الوطنية سجلتها في بلدي الجزائر. فهو بلد مقاوم وسيبقى مقاوماً، وأجمل أغنية وطنية أحبها هي "أنا جزائرية". وهل هذا المنطق تطبقينه في لهجاتك الغنائية المتنوعة؟ - رسالة الفنان نشر الفن الحقيقي، واللهجة تعتبر وسيلة تواصل بين الشعوب، وإذا غنيت باللهجة البيضاء تصل الأغنية الى الجمهور. ثم ان الفن هو فن مهما كانت لهجته، ولقد قدمت أكثر من سبعة عشر ألبوماً بمعظم اللهجات والألوان المغاربية مثل الراي والشاوي، وغنيت باللهجة المصرية، وفي الانطلاقة الجديدة اعتمدت الغناء باللهجة البيضاء التي يفهمها الجمهور العربي. هل ساعدك غناؤك باللغة الفرنسية في أوروبا؟ - لدي أغان متعددة باللغة الفرنسية وهي ليست المرة الأولى التي أغني فيها بالفرنسية والانكليزية، لكن هذا لا يعني انني لن أقدم أغاني بلهجتي الأم، فالفن لغة واحدة يتداولها الناس. غنيت بالأجنبية بسبب وجودي في أوروبا لفترة طويلة، ولا ننسى أن الجزائر دولة فرنكوفونية، وسواء غنيت بالفرنسية أو بالانكليزية يفهم الناس ما أعنيه. أثناء وجودك في مصر تعاونت مع شعراء وملحنين مصريين واليوم أنت مقيمة في لبنان، هل هذا سبب تعاملك مع فنانين لبنانيين؟ - لم يكن تواجدي في مصر سبباً في اختيار الحان مصرية، وكذلك بالنسبة الى لبنان، والدليل انني غنيت باللهجة الخليجية، كما ان اطلاعي على أنواع الموسيقى الغنائية كافة وإتقاني اللهجات العربية كلها دفعني لأغني بها.