من بعلبك الى المغرب الى قرطاج، ملأ جمهور وردة الجزائرية المُدرجات وأرّخ لعودة الفنانة الشاهدة على عصر الزمن الجميل، والتي لحن لها محمد عبدالوهاب ورياض السنباطي وبليغ حمدي. واعتبرت وردة في حديث مع «الحياة» أن «الألحان الخفيفة الظاهرة حالياً على الساحة الفنية، ليست ضاغطة على الأصيلة. هي تنجح في وقتها ثم تغيب، أما الأغاني الباقية فتصمد أمام الزمن. ويمكن اعتبارها (الخفيفة) مثل الشماريخ التي تضيء ثم تنطفئ سريعاً». وعن حفلة مهرجان قرطاج التي جذبت الآلاف، قالت: «استغربت أن الجمهور وخصوصاً الشباب منهم، يحفظون أغاني القديمة عن ظهر قلب، وهي ظاهرة لافتة. كنت أظن أن الشعب التونسي تبدل لأن هناك اليوم «مطربين خفيفين شوية»، إنما الجمهور لم يتعب...». لكن كيف تُفسّر ذلك؟ «سبحان الله، لاحظت من خلال حفلاتي في لبنان والمغرب وغيرهما أن الناس عادوا إلى الأغاني الطويلة والطربية، ويطلبونها». أما عن الحفلتين اللتين أقامتهما في مهرجانات بعلبك عام 2005 و2008، وأثارت سيلاً من التعليقات، فأشارت الى «أن إحياءها كان خياراً شخصياً، اذ كانت في فترة نقاهة بعد إجراء عملية زرع للكبد. «لم تكن العملية سهلة وطلب مني الأطباء الخلود إلى الراحة طيلة ثلاث سنوات أمضيتها في هدوء مع أولادي وأحفادي، وعدت إلى المطبخ. كنت أظن أنني لن أغني بعد ذلك أمام الجمهور. غير أن الجزائر دعتني في ذكرى انبلاج الثورة عام 2004 إلى المشاركة في الاحتفالات فلبيت الدعوة، وكانت الحفلة بطريقة «البلاي باك» بالنظر الى وجود كورال يرافقني»، قالت. وأضافت: «لم أكن جاهزة لإحياء حفلة بالمعنى الكامل، إذ أعد لي الفنان عبدالحليم كركلا أوبيريت «مسيرة الكرامة» فقدمتُها وكانت هي المنطلق للدعوة التي تلقيتها من مهرجان بعلبك. عندما أتت الدعوة شعرت أن الأمر مختلف فأقبلت على التدريبات بكثافة». وتابعت: «كنت مقيمة في الجزائر فذهبت إلى القاهرة واشتغلت كثيراً على التدريبات التي خصصت لها كل الوقت، كما لو أنني سأبدأ الغناء للمرة الأولى. لا أخفيك أنني شككت في نفسي ولكن الحفلة الأولى في 2005 كانت ناجحة، فدعوني مجدداً في 2008 وكانت الحفلة أيضاً جيدة والحمد لله. بيعت 5000 تذكرة بينما لا يتسع المسرح سوى ل2700 متفرج». كيف أصبحت وردة مطربة الثورة الجزائرية؟ قالت ابنة الزمن الجميل: «أغنياتي في كامل مسيرتي هي من أجل وطني. وبجانب الأغاني العاطفية كانت لدي دوما أغان وطنية. فلما غنيت «خليك هنا ... خليك» غنيت معها «من بعيد» للجزائر. لم يطلب مني أحد ذلك، فهذا انتماء يسري في دمي. غنيت للجزائر 11 أغنية وطنية». والفنانة الجزائرية الأب واللبنانية الأم والمصرية الإقامة، ولدت في باريس. لكن بفضل والدها لم تبتعد من شؤون بلدها ودمها وترابها. فهو «جعلني قريبة دائماً من جذوري. أما والدتي فأخذت عنها الصوت إذ كانت دائماً تغني أثناء الطبخ». وأكدت وردة أن معجبيها منذ تلك الحقبة يُحافظون على تعلقهم بأغانيها، وخصوصاً الشباب، إذ «يكفي الدخول إلى موقع وردة على الويب للتأكد من ذلك». من أدخل وردة إلى عالم الفن؟ «حلمي رفلة جاءني وأخذني إلى لبنان لأتدرب وأخذ معه عمر الشريف ليكون مترجماً. ثم تبنتي الإذاعة المصرية ودعتني إلى الإقامة في القاهرة مع عائلتي. ولما سافرت إلى مصر وجدت رياض السنباطي في استقبالي في المطار وأنا بحجم ناموسة. ثم قلدني الرئيس عبدالناصر الوسام بعد مشاركتي في أغنية «وطني الأكبر»، ولما اقتربت منه لأسلّم عليه بادرني بالتحية قائلاً «أهلاً بالجزائر». بعد ذلك اتصل بي الرئيس الراحل بومدين عام 1972 لكي أشارك في الاحتفالات بالذكرى العاشرة للاستقلال وعاودت اكتشاف الجزائر من جديد قبل أن أقيم فيها من 2002 إلى 2005. قدمت في تلك المناسبة وتحديداً في 5 تموز (يوليو) 1972 القسم الثاني من «نداء الضمير» الذي كنت قدمت القسم الأول منه في ظل احتلال الجزائر». أول أغنية في مسيرة وردة كانت «إسأل دموع عيني» في فيلم «ألمظ عبدو الحمولي» وكانت اغاني الفيلم من ألحان عبدالوهاب وفريد الأطرش وبليغ حمدي الذي لحن لها «يا نخلتين في العلالي». أما آخر أعمالها فألبوم «أنا لي مين غيرك؟» وكان مناسبة لتقديم الملحن وليد سعد للمرة الأولى.