أبرمت السعودية واليمن أمس معاهدة رسمية نهائية لترسيم الحدود بينهما بعد ما يزيد عن 60 عاماً من المد والجزر. وأُسدل الستار على واحد من أطول الخلافات العربية - العربية في مسائل ترسيم الحدود. واصدر البلدان بياناً مشتركاً شددا فيه على حسن الجوار والعلاقات المتميزة. وقال الرئيس اليمني في مؤتمر صحفي عقده في جدة مساء امس بعد محادثات مع ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز "ان زياته للمملكة أثمرت توقيع معاهدة الحدود النهائية بين البلدين الجارين الشقيقين، استناداً إلى مذكرة التفاهم التي وقعت عام 1995 وتشكلت بموجبها اللجان المختلفة للبحث في ترسيم الحدود نهائيا، وكان التواصل مستمراً بين البلدين وتوج اليوم بنتائج ايجابية نزف بشراها إلى الشعبين ودول الجوار اننا وصلنا الى حل سلمي وودي وأخوي ومرض تصونه الأجيال القادمة في البلدين. وقد وجدت تجاوباً وتفاهماً كريماً من قبل الأخوة في السعودية وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله والاميرين سلطان بن عبدالعزيز ونايف بن عبدالعزيز". ووصف الرئيس اليمني النتائج بأنها "ايجابية والحوار بناء على رغم أنه أخذ منا بعض الوقت من أمس إلى اليوم حتى وقعنا المعاهدة بصورتها النهائية براً وبحراً وسيستكمل البلدان الشقيقان الاجراءات الدستورية من خلال وزيري الداخلية في صنعاء والرياض على أن تنشر نصوص الاتفاق كاملة في وسائل الاعلام". ووصف الاتفاقية "بأنها مرضية وجيدة وليس فيها أي انتقاص لأي طرف". وزاد: "سيشكل البلدان لجانا يرأسها وزيرا الداخلية ورؤساء الأركان في البلدين للاشراف على تنفيذ ما اتفق عليه، وكذلك سحب معسكرات الفريقين إلى داخل حدود كل منهما بمسافة عشرين كيلومتراً، ليزال أي احتكاك". ورجح عودة المعسكرات الموقتة التي أقيمت على جانبي الحدود لتشكيل معسكرات دائمة بعيداً عن النيات السيئة أو العدوانية بين البلدين الجارين". وسيعمد وزيرا الداخلية الى اختيار الشركة التي تتولى تنفيذ ترسيم الحدود على الأرض. ووصف الرئيس اليمني العلاقات بأنها "دخلت عهداً جديداً على رغم أنها كانت وما زالت علاقات جيدة، وابتعدت عن مراحل المد والجزر التي كانت تعيشها في الفترة الماضية". وقال: "ان ما انتهى اليه الأمر من توقيع معاهدة ترسيم الحدود تم بناء على الثقة المتبادلة بين البلدين التي ساهمت في تفعيلها زيارة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله للمشاركة في احتفالات الوحدة على رأس وفد كبير ضم عددا من الأمراء". وسألته "الحياة" عن تراجع القوات إلى عمق عشرين كيلومتراً داخل الأراضي، فأجاب: "لقد اسيء فهمي، اتفقنا على خط الحدود الفاصل بين اليمن والسعودية، من خط 19/52 إلى جبل ثار ومن جبل ثار إلى رأس المعوّج، هذا خط حدود وبالتالي ستبتعد أي قوات موجودة على خط الحدود إلى عمق عشرين كيلومتر طبقاً لمعاهدة ترسيم الحدود التي وقعناها، لمنع أي احتكاك بين هذه القوات، ولن يبقى سوى منافذ محددة للعبور البري، وسيتفق في ما بعد على الدوريات الحدودية المشتركة". وسئل الرئيس صالح عن المدى الزمني الذي سيستغرقه تنفيذ معاهدة الحدود، فقال: "ما بقي إجراءات شكلية فقط ليست لها أي أبعاد سياسية بعدما توافرت الإرادة السياسية لتوقيع معاهدة ترسيم الحدود". وأكد أن كثيرين في العالم العربي وخارجه "لم يكونوا على ثقة من توقيع المعاهدة ولكن توافرت الإرادة السياسية في البلدين واستطعنا التغلب على مجموعة من نقاط الخلاف في اطار الجوار والآخوة". ورفض الإجابة عن سؤال يتعلق بوجود أصوات شاذة في اليمن ما زالت تشكك في إمكان حسن الجوار والعلاقات الجيدة، واكتفى بالقول:"الأصوات الشاذة هنا وهناك رغم اعتراضي على ما ذهبت إليه يقصد السائل لا تؤثر في العلاقات". ووصف النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز المعاهدة بأنها "تخدم الشعبين والدولتين" وأوضح أن وزير الداخلية السعودي سيعقد في اليومين المقبلين مؤتمراً صحافياً لتوضيح ما نصت عليه المعاهدة. من جهة أخرى جدد الرئيس اليمني دعوته إلى عقد قمة عربية وانتظامها، ووصف ما حدث عام 1990 احتلال العراق للكويت، بأنه "حالة طارئة واستثنائية". ويبلغ طول الحدود بين البلدين 1240 كيلومترا، وطول الحدود المرسمة وفقاً لاتفاقية الطائف 294 كيلومترا وتبدأ من شاطئ البحر الأحمر إلى جبل ثار في مدينة نجران، ومن جبل ثار إلى نهاية الحدود مع اليمن 246 كيلومترا وهناك 700 كيلومتر تبدأ من رضم الأمير الى نقطة تقابل الحدود السعودية - اليمنية - العمانية.