أفرجت السلطات الموريتانية عن أربعة من زعماء المعارضة كانت اعتقلتهم قبل 17 يوماً بتهمة التحريض على العنف. واعتقل الاربعة، ومن بينهم أحمد ولد الأفضل، مسؤول العلاقات الخارجية في حزب "اتحاد القوى الديموقراطية" المحظور، في خضم احتجاج الشارع الموريتاني على الاعتداءات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار الحكومة في الاحتفاظ بعلاقات ديبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية. وقال ولد الأفضل ل"الحياة" امس انه وزملاءه تعرضوا لسوء المعاملة في مباني ادارة الأمن حيث أمضوا فترة الاعتقال. وقال: "خلال الأيام العشرة الأولى نمنا على الأرض. لا فراش ولا وسائد. وكانت الاغذية رديئة". وزاد: "لم يسمح لنا بالقراءة ولا الاستماع الى الإذاعات، كما حرمنا طيلة فترة الاعتقال من أي صلات بأسرنا". واعتقل ولد الأفضل والقياديون الثلاثة الآخرون في الحزب المحظور اثناء الاحتجاجات التي نشبت في نواكشوط ومدن موريتانية اخرى تضامناً مع الشعب الفلسطيني والتي زادها الغضب اعلان الحكومة الموريتانية انها لن تقطع علاقاتها مع اسرائيل. لكن اعتقال المعار ضين الأربعة جاء ايضاً بعد قرار السلطات بحل "اتحاد القوى" الذي اتهمته بتعريض أمن البلاد للخطر. وتداخلت الاحتجاجات الخاصة بالقضية الفلسطينية مع تلك المتعلقة بحل الحزب. وعلى رغم ان المعارضة لم تكن وراء تحول الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين، والمعادية لاسرائيل وللعلاقات الرسمية معها، الى ما يشبه العصيان، فإن تزامن "انتفاضة الاقصى" ومضاعفاتها مع قرار السلطات حظر الحزب الذي يتزعمه أحمد ولد داداه، وضع أعضاء هذا الحزب في بؤرة الاهتمام. ويؤكد متابعو الشأن السياسي الموريتاني ان هذه الاحتجاجات جاء شعبية عفوية، تتجاوز كلاً من السلطة والمعارضة، ويشترك فيها الانصار التقليديون للطرفين. وأصبحت موريتانيا الدولة العربية الثالثة - بعد مصر والأردن - التي تقيم علاقات كاملة مع اسرائيل في 28 تشرين الأول اكتوبر 1999. وتتعرض الحكومة الموريتانية للانتقاد في الداخل وفي العالم العربي، بسبب امتناعها عن الامتثال لقرارات القمتين العربية والاسلامية اللتين انعقدتا اثناء انتفاضة الأقصى. واكدت الحكومة الموريتانية مراراً انها لن تحذو حذو الدول العربية الاخرى التي تراوحت مواقفها بين اغلاق ممثلياتها في اسرائيل، واستدعاء السفراء مصر، والامتناع عن تعيين سفير الأردن. وتقول الحكومة الموريتانية ان "الطريق الوحيد لدعم الفلسطينيين هو العمل على العودة الى طاولة المفاوضات". ويعيد مراقبون هذا الموقف - الذي لا يفهمه كثيرون في موريتانيا، وفي العالم العربي - الى شعور قوي لدى السلطات، بالحاجة الى دعم اميركي، في ضوء تردي العلاقات مع فرنسا الحليف التقليدي لموريتانيا.