تحدى حزب "اتحاد القوى الديموقراطية"، جناح السيد أحمد ولد داداه، حظراً فرضته السلطات عليه في وقت يخشى متابعو الشأن السياسي الموريتاني ان يتطور الموقف الى مواجهة بين السلطة واعضاء الحزب. ورد ولد داداه على قرار اتخذه مجلس الوزراء الموريتاني أول من امس بحل الحزب بالقول انه سيتابع نشاطه متجاهلاً الاجراء. وقالت السلطات في معرض تبريرها القرار ان الحزب يعمل ضد مصالح البلاد ويهدد أمنها. لكنها لم تقدم أدلة على الاتهام. ونسب وزير الاعلام الموريتاني الرشيد ولد صالح الى احمد ولد داداه القول في مسيرة نظمها الحزب تضامناً مع الشعب الفلسطيني ان "هذه المسيرة ستكون آخر مسيرة سلمية ننظمها". لكن "اتحاد القوى" نفى هذه المقولة مؤكداً ان ولد داداه لم يحضر تلك المسيرة التي نظمت في مدينة نواذيبو الواقعة في شمال البلاد. ويأتي قرار حل حزب ولد داداه في أوج احتجاجات في الشارع تغذيها أوضاع محلية، لكنها ايضاً تتخذ من موقف السلطات الموريتانية من القطيعة مع اسرائيل موضوعاً لها. ويأخذ الموريتانيون على السلطة امتناعها عن قطع العلاقات مع اسرائيل رداً على المذابح الجارية في فلسطين. لكن المعارضة الموريتانية توظف هذه الحال في اثارة الشارع والتشهير بالسلطات. ولا يعتبر حل "اتحاد القوى" أول تصرف من نوعه في موريتانيا. فقبل عام حلت السلطات حزب "الطليعة الوطنية" البعثي المؤيد للعراق في أوج احتجاجات شعبية على اقامة الحكومة الموريتانية علاقات ديبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية. ولعله من غريب الصدف ان يأتي حل حزب ولد داداه اثر تنظيمه مسيرة معادية لاسرائيل تمت خلالها الدعوة الى ان تقطع السلطات علاقاتها مع تل ابيب. وقوبل قرار السلطات بحل "اتحاد القوى" بالاستهجان في الشارع واعتبر انقضاضاً على ما بقي من تعدديه سياسية تتآكل منذ بعض الوقت. ويتوقع ان تواجه السلطات ضغوطاً محلية ودولية. لكن لا يتوقع العارفون بطبيعة نظام الحكم الموريتاني ان يتراجع عن القرار. وعلى رغم ان ولد داداه الذي أعلن تحديه الحظر، غير قادر على فرض هذا التحدي فإن تطورات سلبية واقعة لا محالة - في نظر المراقبين - ذلك ان السلطات الموريتانية لا تتراجع في العادة أمام الضغط وتلجأ غالباً الى "خدمات" الوحدات المعروفة بالقبعات الحمر في الجيش الموريتاني. ولا تتعامل هذه الوحدات برفق مع مثيري الشغب. ويقلل بعض الأوساط من أهمية المخاطر التي قد تنجم عن حل الحزب والتحدي الصادر عن رئيسه من منطلق عزوف الموريتانيين - من جهة - عن العنف، ومن جهة ثانية "لعجز المعارضة مجتمعة عن تعبئة الشارع"، كما وصف مراقب الأمر ل"الحياة"، غير انه لا يستبعد حدوث مواجهات محدودة بين السلطات والمنضوين تحت لواء الحزب المحظور. يذكر ان الحزب هو أهم جناحين شكلا حزب "اتحاد القوى الديموقراطية - عهد جديد" وانفصلا عن بعضهما قبل عامين، ويعمل كل منهما الآن تحت اسم الحزب مدعياً الشرعية. وظلت السلطات تتفرج على هذا التنافس من دون ان تشرّع لأي طرف حق استخدام اسم الحزب.