أبلغت مصادر مطلعة الى "الحياة" ان حركة "طالبان" تلقت رسالة اميركية تحملها مسؤولية "إيواء ارهابيين ينفذون عمليات تفجير في انحاء مختلفة من العالم". وقالت المصادر ان الرسالة تتسم بلهجة تحذيرية قد تكون مؤشراً الى احتمال توجيه ضربة لافغانستان. واكدت المصادر ان "طالبان" ردت برسالة رفضت فيها الاتهامات، مشيرة الى ان الحركة "لا تعتبر نفسها مسؤولة في حال تعرضت المصالح الاميركية في العالم للخطر". ويعيش بعض مناطق افغانستان، خصوصاً قندهار، أجواء ترقب لضربة اميركية في أي لحظة. وفي واشنطن ا ف ب اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت امس ان الرئيس الاميركي بيل كلينتون تباحث هاتفياً خلال عطلة نهاية الاسبوع مع الرئيس اليمني على عبدالله صالح بشأن سير التحقيق في الاعتداء الذي استهدف المدمرة "كول". وسئلت عن تعاون السلطات اليمنية في التحقيق الذي يعتبره الاميركيون "غير كاف" فقالت اولبرايت أنها ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي بعثا رسالة الى الرئيس اليمني يطالبان فيها السلطات اليمنية ب "المزيد من التعاون". واضافت ان الرئيس كلينتون "تحدث مع الرئيس صالح، ونعتقد ان من المهم جداً ان يكون اليمنيون متعاونين الى اقصى حد لكشف ملابسات هذه المأساة الكبيرة". وسئلت ايضاً هل ان اسامة بن لادن وراء هذا الحادث فقالت: "ننتظر التحقيق الذي قد يقودنا الى ابن لادن أو لا، لا اعرف ذلك بعد، لكن الواضح ان الارهاب الذي يدبره ابن لادن يشكل تهديداً للولايات المتحدة". وقال الناطق باسم مجلس الامن القومي بي جي كروالي ان الرئيس اليمني أكد لكلينتون استمرار التعاون في التحقيق. في غضون ذلك، غادر جميع المحققين الاميركيين ومعهم العناصر الأمنية المرافقة فندق "موفمبيك" في عدن، بعد يوم واحد على سحب المدمرة "كول" من ميناء المدينة. وتقلص الوجود الاميركي في عدن الى أقل من 50 شخصاً معظمهم من فرق التحقيق الاميركية في حادث تفجير المدمرة، وقد نقلوا جميعاً الى فندق "الساحل الذهبي" "غولد مور". وأعلنت السفيرة الاميركية في صنعاء بربارا بودين ان السفارة ستفتح مكتباً لها في عدن يتولى رعاية فريق التحقيق الاميركي ومتابعة التحقيقات، معتبرة رحيل المدمرة "نهاية لمأساة تفجيرها". وعلى رغم تأكيدات السفيرة المتكررة منذ حادث التفجير بأن أجواء التعاون والتفاهم تسود بين فريقي التحقيق الاميركي واليمني، الا ان مصادر مطلعة في عدن تحدثت ل"الحياة" عن خلافات بين الجانبين حول عدد من المسائل، في طليعتها رفض الاجهزة الأمنية اليمنية مطالب متكررة لفريق التحقيق الاميركي التابع لمكتب التحقيقات الفيديرالي إف بي آي باستجواب الاشخاص المعتقلين على ذمة القضية، ولا سيما الاسماء التي يشتبه في صلاتها بتنظيم "الجهاد الاسلامي" و"العائدين من افغانستان" منذ عشر سنوات. واعتبرت الاجهزة اليمنية ان المعتقلين غير متهمين رسمياً وانما هم مجرد مشتبه بعلاقة لهم بالحادث وقد قبض عليهم احتياطياً وتحسباً لأعمال مخلة بالأمن، وقالت ان القوانين اليمنية تحرم استجواب مواطنين من جانب عناصر تحقيق أجنبية. ولفتت المصادر نفسها الى ان وسائل الاعلام بالغت جداً في تقدير اعداد المعتقلين على خلفية قضية تفجير المدمرة الاميركية خصوصاً من الجنسيات غير اليمنية. لكن هذه المصادر اكدت ان اجهزة الأمن اليمنية قامت بحملات ميدانية في محافظات أبين وشبوه ولحج وتعز بحثاً عن عناصر متطرفة ورعايا مصريين وجزائريين اكدت معلومات انهم موجودون في اليمن. واشارت الى ان اجهزة الأمن اعتقلت شخصاً يدعى "أبو عبدالله اليماني" وخمسة آخرين يشتبه في انتمائهم الى تنظيمات متشددة محظورة وذلك من فريقين في ضواحي مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج شمال عدن. واكدت مصادر أمنية يمنية ل"الحياة" ان التحقيق يسير بشكل ايجابي، ونفت ان يكون هناك وجود منظم ل"جماعات ارهابية" في اليمن. ولم تكشف عن تفاصيل اخرى، كما رفضت الخوض في الحديث عن خلافات جوهرية أو هامشية بين فريقي التحقيق اليمني والاميركي، معتبرة ان هناك اشاعات تهدف الى الاساءة للتعاون القائم بين الجانبين. وكانت مصادر يمنية مطلعة في عدن اكدت أخيراً ان القارب السنبوك الذي استخدم لتفجير المدمرة "كول" اشتراه منفذو العملية الانتحارية من أحد الصيادين في محافظة الحديدة ونقلوه على سيارة الى عدن قبل أيام وربما اسابيع من العملية. وتم استجواب مالك القارب والوسيط في عملية البيع وكاتب العقد، كما قبض على امرأة صومالية الجنسية يشتبه في انها قامت ببيع السيارة التي استخدمها منفذا العملية لنقل القارب الى عدن. واكدت المصادر نفسها، في ضوء التحقيقات، ان احد المنفذين مصري الجنسية وكان يرتدي نظارة شمسية سوداء، حسب أقوال الشهود. وفي هذا السياق رويترز قالت مجلة "نيوزويك" ان محققي "اف.بي.اي" خلصوا الى ان الزورق المستخدم في الهجوم على المدمرة استؤجر منذ اكثر من عام. وقالت ان التخطيط المدروس للهجمات هو من خصائص العمليات التي يدبرها اسامة بن لادن الذي يقول المحققون الاميركيون انه يتصدر قائمة المشتبه بهم في الهجوم.